أسماء الجريدلي: نعتمد في "دفتر أحوال" على منهجيات أكاديمية
واحدة من المساحات التي تحتاج لجهد كبير وتساعد الجميع في الوقوف على أرضية صلبة من العمل على أرض الواقع تتمثل في البيانات الدقيقة والمعلومات والتي يفتقر الواقع المحلي لوجودها وإتاحتها إلى حد كبير.
أسماء فتحي
القاهرة ـ فقر البيانات واحدة من الأزمات التي تعوق عمل الكثير من مؤسسات المجتمع المدني، والعمل على توفيرها أحد المهام الصعبة التي تحتاج لجهد شاق خاصةً أن الأمر يحتاج لإجراءات وبحث متعمق وأساليب حديثة من أجل إتاحتها.
للتعرف أكثر على جانب من الإحصائيات والمعلومات الخاصة بمجموعة من ملفات الجندرية الشائكة والوقوف على الإشكاليات التي تحول دون قدرة الباحثين على العمل الميداني كان لوكالتنا مع مديرة البرامج الاجتماعية وخبيرة البيانات في معهد "دفتر أحوال لبحوث البيانات" أسماء الجريدلي الحوار التالي:
تمكنتم من إصدار مجموعة من القواعد المعلوماتية الهامة مؤخراً، فهلا حدثتينا أكثر عن أبرز أعمال "دفتر أحوال لبحوث البيانات"؟
يعمل "دفتر أحوال لبحوث البيانات" على إنتاج الأبحاث وقواعد البيانات الخاصة بالمسارات السياسية والاجتماعية في مصر وإتاحتها لجميع فئات المجتمع المدني وكذلك صناع قرار، ولدينا برنامج يحمل اسم "فئات مجتمعية" يحتوي على اغلب القضايا وجانب ليس بالقليل منها تلم المتصلة بالنساء فضلاً عن باقي الفئات الأخرى.
وتم خلاله بناء هرم معلوماتي يمكنه دعم مسارات عمل الجهات والمؤسسات المعنية بتلك الملفات بعد مدهم بالبيانات اللازمة لتحقيق ذلك على أرض الواقع.
هناك فقر شديد فيما يتاح من بيانات، ففي تقديرك ما أسباب ذلك وما هو حجم إسهامكم في التعامل مع هذا الأمر؟
في الواقع هشاشة الفقر عامة وغير قاصرة على الواقع المحلي فقط ولكنه يشمل عدد ليس بالقليل من الدول والأمر بات يتطلب تدخل في تذليل العقبات وتدعيم العمل على جمع البيانات لأنها القادرة على إزالة الغيوم وإعطاء قدر من المعرفة من شأنه أن يعالج خلل وتعثر الكثيرين في عملهم.
وتوفير قواعد البيانات والمعلومات هو الأساس الذي تقوم عليه فكرة العمل بدفتر أحوال لإيمان العاملين فيه بضرورة طرح رواية واقعية بجانب الإصدارات الرسمية عن الجهات الحكومية ونعمل على تحري الأمر من خلال تجريف البيانات.
وهناك عدد كبير من القضايا الحساسة خاصة تلك المرتبطة بالنساء ولذلك نقوم ببناء هرم معلوماتي يتاح للجميع الاستفادة منه من خلال موقع المركز الإلكتروني.
هناك صعوبة في تنقية البيانات وتدقيقها، فهلا اخبرتينا عن ادواتكم في صناعة الهرم المعلوماتي الخاص بكم؟
بداية نحن نعتمد في عملنا على منهجيات أكاديمية كرصد المعلومات من أكثر من مصدر للتحقق من محتواها وتقييم ما يرد منها قبل اعتماده لدينا كما نقوم باستخدام عدد من الطرق منها على سبيل المثال تجريف البيانات التي يتم نشرها من قبل الصحف ووسائل الاعلام المختلفة سواء كان نقل للأحداث أو تقارير مكتوبة أو حتى منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
وبعد تدقيق المعلومات ومراجعة مصادرها والتأكد من صحة ما تم الوقوف عليه يتم وضعها في الهرم المعلوماتي الخاص بنا ثم يليه إتاحته للجميع حتى يتثنى استخدامه من قبل المعنيين والمهتمون بالقضايا التي نعمل على رصد محتواها.
هناك صعوبة في الوصول للأرقام الدقيقة والبعض يرجع ذلك للبيروقراطية والروتين بالأساس، فما تقديرك لهذا الأمر وما الذي يعيق عملكم في دفتر أحوال؟
هذا حديث قريب جداً من الواقع فهناك عدد من القضايا بالفعل من الصعوبة أن يتم الوقوف على الأرقام الدقيقة الخاصة بها ويمكننا أن نضرب المثل بمرصد التحرش الذي تم انشاؤه في "دفتر أحوال" فنحن نسعى لتكييف زاوية الرصد الخاصة بنا لتجميع المعلومات بشكل أقرب للواقع حتى تكون هناك بيانات دقيقة.
وعن الإشكاليات التي نجدها في عملنا فهي بالفعل كثيرة ومنها عدم القدرة على الوصول الدائم للمحاضر الرسمية لذلك نعمل في مرصد التحرش على رصد وقائع القبض على خلفيته وعند تجميعها من المحاكم والأقسام، وواحدة من أبرز المعوقات التي تعرقل العمل الميداني تتمثل في البيروقراطية وتبعاتها المؤثرة على عملية الوصول لهذه البيانات وغيرها.
فالأمر يتطلب الكثير من التصاريح والموافقات من أجل القيام بهذا الأمر لذلك نعتمد أحياناً على الأرشيف الصحفي ومن هنا تواجهنا إشكاليات من نوع آخر كطريقة السرد وتفكيك البيانات ولكننا نعمل على الاستنتاج وتحليل البيانات بما يتماشى مع زاوية الرصد.
جرائم الشرف واحدة من أكبر الأزمات التي لاقت زخم كبير ونقاش مطول خلال الفترة الأخيرة، فما الذي توصلتم له في هذا الملف؟
جرائم الشرف واحدة من القضايا الحساسة التي لا يتوفر عنها معلومات كافية وبيانات دقيقة نتيجة نقص المعلن والمنشور بشأنها، ونعمل على رصد الأنماط المنشورة بالفعل ثم نفكك محتواها وفق منهجيات أكاديمية ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في زوايا الوقائع الغير معلنة بشكل كامل مما قد يجعلنا نستخدم الاستنتاج والفرضية حتى نقترب من المعلومات الدقيقة التي قد تكون أقل من الحقيقة ولكنها أقرب للواقع.
وخلال الفترة من 1 كانون الثاني/يناير 2015 وحتى 30 أيلول/سبتمبر 2021 بلغ إجمالي القتلى 409 قتيلًا "20 فتا، 389 فتيات" وكان "الشك في السلوك" الدافع الذي حصد العدد الأكبر من القتلى بإجمالي 299 قتيلاً "4 فتيا، 295 فتيات"، يليها دافع "ترك المنزل" بإجمالي 50 حالة "جميعهم من الفتيات"، في حين حصد "الشك في نسب الطفل" العدد الأكبر من القتلى الفتيا "14 من الفتيا و 12 إناث بإجمالي 26 قتيلاً".
بينما بلغ إجمالي المصابين 53 مصابا "فتا واحد، 52 فتاة" حيث حصد أيضاً دافع "الشك في السلوك" العدد الأكبر منهم بإجمالي 45 مصاباً "فتا واحد، و44 فتاة"، يليه دافعي الخيانة الزوجية بإجمالي 3 إصابات "جميعهم من الفتيات" ثم تَرك المنزل بإجمالي حالتين إصابة من الفتيات.
وتضمن المرصد مسار الفئة العمرية للمتضررين، حيث كانت فئة البالغون أكثر فئة تعرضت للقتل بإجمالي 236 قتيلاً تلتها فئة الأطفال بإجمالي 77 قتيلاً، وكانت كذلك فئة البالغون الأكثر تعرضاً للإصابة بإجمالي 29 مصابا جميعهم فتيات وتلتها فئة القُصّر حيث بلغ الإجمالي 8 مصابين "فتيات".
قمتم بإنشاء مرصد للتحرش وعملتم على إتاحة بياناته، فهلا حدثتينا عما توصلتم له من بيانات خاصة به؟
رغم أن الحديث عن التحرش خفت نسبياً إلا أن معدله لم ينخفض ومازالت النساء تعاني من الانتهاكات الخاصة بذلك الأمر طوال الوقت سواء في الشارع بشكل عام أو داخل محيط العمل أو حتى في المنزل.
وقمنا برصد الوقائع منذ عام 15 لـ 2019 واعتمدنا على الرصد الالكتروني ومنها منصات التواصل الاجتماعي المختلفة ووقف أمامنا نفس الأزمات التي تحول دون العمل على مختلف قضايا النساء وهي صعوبة الوصول للمعلومات والبيانات.
وتم رصد وقائع التحرش الجنسي خلال فترة "خمس سنوات من 2015 حتى 2019" بناء على بلاغات أو شكاوى رسمية أو ضبط في حملات أمنية، ورُصد نحو 4418 واقعة، فيهم عدد 4468 متضرر/ة. حسب منهجية البحث المستخدمة.
والعدد أكبر من الوقائع حدثت في "طريق أو مساحة عامة "بإجمالي 4046 واقعة "منهم 3770 تحرش لفظي و276 جسدي"، يليه "وسيلة نقل" بإجمالي 145 واقعة "منهم 60 تحرش لفظي، و85 جسدي"، ثم في "تعليمية" بإجمالي 140 واقعة "منهم 30 تحرش لفظي، و110 جسدي"، وبلغ إجمالي عدد المتضررين 4502 منهم 4485 فتاة و17 فقط فتيا.
عملتم على ملف الاعتداءات الجنسية، فما هو واقع هذا الأمر من خلال رصدكم بدفتر أحوال؟
تعتبر الاعتداءات الجنسية واحدة من القضايا الحساسة والتي لا ترغب النسبة الأكبر من النساء بالبوح عنها وعملية رصد البيانات بها تتطلب جهد كبير وتفكيك معلوماتي وبحث متعمق في البيانات من مصادر متنوعة.
وقد قمنا برصد وقائع هتك العرض ومحاولات هتك العرض في مصر خلال فترة "خمس سنوات من 2015 حتى 2019" بناء على بلاغات أو شكاوى رسمية أو ضبط في حملات أمنية، بإجمالي 915 واقعة و953 حالة تعرضت لهتك العرض/ محاولة هتك العرض.
ورصدنا نحو 831 واقعة هتك عرض و84 واقعة محاولة هتك عرض، منها 260 واقعة جماعية و655 واقعة فردية من حيث عدد المتهمين/ة بارتكاب الواقعة.
وعن جنس المصابين على خلفية الاعتداءات الجنسية حصد الفتيات العدد الأكبر بإجمالي 689 حالة يليهن الفتيا بإجمالي 159 حالة اصابة، أما عن القتلى بلغت الفتيات أيضاً العدد الأكبر بإجمالي 63 حالة يليهم الفتيا بإجمالي 29 حالة قتل.