أمراض جلدية مستشرية في مخيمات إدلب وقلة في الخدمات
تظهر في مخيمات الشمال السوري أمراض جلدية متعددة بشكل كثيف، وخاصةً في المخيمات المكتظة حيث انعدام النظافة وقلة الرعاية الصحية المقدمة
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
يعد انتشار المكبات على مقربة من المخيمات وقلة المياه الصالحة للشرب ووجود قنوات الصرف الصحي المكشوفة وانتشار المستنقعات، من أكثر العوامل التي ساهمت في انتشار أمراض جلدية خطرة بين النازحين وخاصةً فئة الأطفال.
لا تفارق الحكة الجلدية الطفل هيثم الدحدوح (١٢) عاماً الذي راحت تظهر على جسمه فقاعات كبيرة تسبب له تهيج وحكة مستمرة تمنعه من النوم طوال الليل، حتى أنه بات محرج من الخروج من الخيمة لعدم قدرته الكف عن الحكة طوال الوقت.
يقول هيثم وبينما يمعن في حك ساقه اليمنى بأظافره الطويلة حتى كادت تخرج من قدمه الدماء، أنه يعاني من المرض منذ أكثر من شهر دون الحصول على علاج حتى الآن.
بينما تبرر والدته سلام الخطيب (٣٨) عاماً ذلك بالقول إن وضعهم المادي شبه المعدم منعها من عرض ابنها على طبيب مختص لغلاء أجور المعاينة وأجور التحاليل الطبية والأدوية التي لا تملك من ثمنها أي شيء في ظل الفقر الذي تعيشه العائلة في مخيمات قاح بعد نزوحهم عن بلدتهم كنصفرة جنوب إدلب منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وتضيف "قلما يجد زوجي عملاً وهو ما دفعني لقصد النقطة الطبية المجانية في المخيم مصطحبة هيثم، لكنهم لم يمنحوه الدواء الفعال أو المناسب لحالته لعدم وجود الأخصائيين وهو ما جعل ابني يعاني من مرضه حتى اللحظة".
تعددت الحالات المرضية المشابهة لحالة هيثم التي راحت تنتشر في مخيمات إدلب كالنار في الهشيم متسببة بتشوهات وندبات في وجوه الأطفال وأجسادهم الصغيرة دون وجود حل جذري لمعالجة الأسباب التي تؤدي لانتشار مثل تلك الأمراض داخل المخيمات.
أصيبت الطفلة براءة السليم (٨) سنوات بمرض يشبه جدري الماء للمرة الثانية على التوالي خلال أقل من شهرين دون الوصول لعلاج ينهي المشكلة ويعالج ما تمر به الطفلة من معاناة مع المرض الذي منعها حتى من اللعب أو ممارسة حياتها بالشكل الطبيعي.
تقول والدتها وتدعى سلام البكري (٤٠) عاماً أن المرض الذي تعانيه ابنتها أصيب به باقي أفراد العائلة الخمسة في وقت سابق، وهو يستمر أكثر من عشرة أيام قبل أن يبدأ بالتماثل للشفاء، والخطورة تكمن في سرعة عدوى المرض الذي أصيب به عدد كبير من أطفال المخيم.
وتبين "لا نعرف عن هذا المرض إلا أنه عبارة عن مرض جلدي فيروسي وفق ما شرح لنا الصيدلاني الوحيد في المخيم، والذي منحنا بعض المراهم الجلدية التي ساهمت في التخفيف من الحكة والألم بعض الشيء".
وتتابع بحزن "لقد باتت الأمراض اليومية جزءاً من حياتنا، فالظروف التي نعيشها هنا لا تشبه الحياة الطبيعية السليمة التي يعيشها سائر البشر، لا أعلم إلى متى نستطيع الصمود في هذه البيئة النتنه؟".
ويزداد انتشار الأمراض الجلدية بين النازحين في مخيمات تم إنشاؤها على مقربة من مكبات القمامة ولم يتم تجهيزها بشبكات الصرف الصحي وكثيراً ما يشاهد مثل تلك المخيمات التي تشكل 80 بالمئة من مجموع المخيمات المتواجدة في المنطقة.
الطبيبة صفاء العلوش (٤١) عاماً الأخصائية في الأمراض الجلدية ترى أن صعوبة فصل الأطفال المصابين بالأمراض الجلدية عن غيرهم من الأطفال السليمين هو ما يزيد من انتشار العدوى داخل المخيمات، وأهم الإصابات المنتشرة في المخيمات هي الجرب والقوباء والليشمانيا والطفح الجلدي والحساسية وأمراض جلدية أخرى.
وتضيف أن انعدام النظافة وعدم قدرة النازحين على شراء مواد التنظيف المرتفعة الثمن بالنسبة لأوضاعهم المادية المتردية ساهم بشكل أو بآخر بانتشار المشكلة يضاف إليه نقص الخدمات والتوعية.
مشيرةً إلى أنها تستقبل كل يوم عشرات الحالات من أمراض جلدية ومعظم الإصابات لأطفال يقيمون في مخيمات إدلب ما يرجح أن ظروف المخيمات وانعدام الخدمات فيها هو ما ضاعف المشكلة التي باتت تستدعي تحركاً سريعاً من المعنيين.
ودعت كافة منظمات المجتمع المدني والمنظمات الطبية لأخذ موضوع الأمراض الجلدية في المخيمات على محمل الجد والعمل على الحد منها من خلال زيادة وسائل الرعاية والخدمات وتأمين الأدوية العلاجية المجانية.
ويعيش قرابة مليون وسبعمائة ألف نازح في مختلف المناطق السورية ضمن أكثر من 1400 مخيم شمال إدلب بينها مئات المخيمات العشوائية التي تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ما يعتبر سبباً أساسياً في انتشار الأمراض والأوبئة والاصابات الجلدية المعدية التي غالباً ما تكون خطرة وليس من السهل شفائها.