العواصف والأمطار... تضاعف معاناة النازحين بمخيمات الشمال السوري
أوضاعاً إنسانية سيئة تواجه النازحين السوريين في المخيمات، بالتزامن مع انخفاض كبير في درجات الحرارة وتساقط الأمطار والثلوج في عدة مناطق مختلفة في ريفي إدلب وحلب
سهير الإدلبي
إدلب ـ .
قضت الثلاثينية هيام زعرور ليلتها وهي تخرج مياه الأمطار المتدفقة إلى خيمتها وسط برد قارس محاولة إيجاد مكان يستطيع فيه أبنائها الثلاثة النوم دون أن تبلل ملابسهم وأغطيتهم لكن دون جدوى، لتمضي الساعات عليهم وكأنها سنوات بانتظار بزوغ الفجر ودموع القهر لم تفارق وجوه جميع أفراد العائلة.
وغدت المنظمات الإنسانية عاجزة كلياً عن تقديم الدعم الإنساني اللازم للنازحين في إدلب بعد تضرر معظم المخيمات منها بشكل جزئي ومنها بشكل كلي.
هيام زعرور المقيمة في مخيمات حربنوش تقول إن هذا الوضع ليس جديداً فهم يمرون به كل عام في مخيمات النزوح، فالهطولات المطرية والعواصف تغرق خيامهم وتقتلع بعضها مسببة للعوائل المقيمة هناك مأساة جديدة تضاف إلى جملة مآسيهم الكبيرة، وتضيف أن لاحول ولا قوة لهم ولا يمكنهم القيام بشيء لرد أو مواجهة الأمطار والسيول، فالإمكانيات ضعيفة بالنسبة لعموم النازحين، وحتى الوقت الحالي لم تتدخل أي من المنظمات الإنسانية لمساعدتهم وكأن "مشهد مأساتنا بات اعتيادياً فلم يعد أحداً آبه بنا".
وبينما يحاول الطفل مصعب الحسين (١٢عاماً) العبور من خيمته إلى الخيمة المجاورة بمخيم حربنوش يضطر للمشي وسط الأوحال ومياه الأمطار ما أدى إلى اتساخ قدميه وتبلله بالماء حتى أعلى ساقيه وأصيب ببرد قارص يقول "نحن نعيش واقعاً مريراً لا ننعم بالنوم أو الدفء، وملابسنا وأغطيتنا وجميع أمتعتنا مبللة بالمياه، لا شك أننا سنموت برداً إن استمر الأمر على هذا الحال".
أما بالنسبة لمروان عودة (٣٨عاماً) الذي نزح من مدينة حمص ويقيم حالياً في مخيمات أطمة الحدودية فهو لم يخفي حزنه الشديد على ما يمرون به جراء العاصفة، إذ لم يستطع النوم مع أسرته طيلة الليل بعد أن استيقظوا وقد أغرقت المياه خيمتهم وابتلت البطانيات والأمتعة والمؤن وقضوا ليلة كاملة في العراء وسط الأمطار والبرد الشديد والطين ونحيب كبار السن وبكاء الأطفال.
وقد اقتلعت خيمته أكثر من أربع مرات واضطر لإعادة بنائها وسط الرياح الباردة والأمطار الغزيرة، يقول بحرقة "لم نعد نفكر بالفقر المدقع والتشرد وصعوبة العيش هنا، بتنا فقط نبحث عن مأوى دون مدفأة، مأوى لا يدخله الوحل ومياه الأمطار". وناشد جميع المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني للتحرك السريع لنجدة آلاف المدنيين في المخيم بعد أن شردتهم العاصفة وأصبحوا بلا مأوى ولا طعام ولا أغطية أو ملابس.
وبحسب "فريق منسقو استجابة سوريا" بلغ عدد المخيمات المتضررة من الهطولات المطرية من 17 ـ 20 كانون الثاني/يناير 2021، أكثر من 228 خيمة يقطنها أكثر من 34876 عائلة، وتضررت أكثر من 11978 عائلة وتشردت العشرات من العائلات ضمن المخيمات وانعدم المأوى بشكل كامل.
وعلى الرغم من اعتبار الشتاء فصل الخير والعطاء بالنسبة للكثيرين، إلا أنه بات يبعث الحزن والألم والبؤس على النازحين الذين لم يعودوا قادرين على مواجهته بخيامهم البالية دون بصيص أمل ينهي معاناتهم التي امتدت حتى عامها العاشر على التوالي.