الصحفيات تروين معاناتهن في ظل النزاع الدائر في السودان

لا يزال النزاع دائراً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في السودان، منذ ما يقارب الـ 6 أشهر، في الوقت الذي لم تفلح الاتفاقيات والهدنات في إيقافه.

ميساء القاضي

السودان ـ تشهد السودان منذ نيسان/أبريل الماضي، صراعاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، والتي تسببت في نزوح الملايين من مناطقهم بالإضافة إلى تدمير شبه كامل للبنية التحتية، وتردي الأوضاع الإنسانية وانتشار الأمراض والجوع والكوارث الطبيعة وآخرها الفيضانات التي شهدتها بعض المناطق.

لم تفلح أي من الهدنات التي تم التوصل إليها في إيقاف النزاع الذي بدأ في الخامس عشر من نيسان/أبريل الماضي، باشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، مخلفاً أكثر من 5 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، كما تعرض الصحفيين/ات أيضاً لعمليات القتل والاعتقال ونهب المنازل والممتلكات ومعدات العمل.

وحول ذلك قالت الصحفية أماني إسماعيل إن تأثير الحرب عليهن كنساء وصحفيات كبير بدءاً من النزوح والتهجير إلى فقدان العمل "لم أتسلم راتباً منذ شهر آذار حتى الآن ومعظم الصحف توقفت عن العمل، كنت أعمل أيضاً كمسؤولة علاقات عامة في أحد المنتجعات السياحية توقف هذا العمل كذلك وتعرض المنتجع للنهب والتكسير وكنا محاصرين في منطقة الكلاكلة حيث أقطن لفترة طويلة جداً، فلم نكن كنساء نستطيع الخروج إلى الشارع وإلى أي مكان كنا فقط محبوسين في المنزل حتى نزحنا إلى ولاية النيل الأبيض".

وعن رحلة خروجها وأسرتها من الخرطوم وما واجهوه من مصاعب، أوضحت أنه خلال هذه الرحلة لم يقابلهم سوى قوات الدعم السريع التي قامت بتفتيشهم أكثر من مرة وفي إحدى المرات استمر التفتيش ساعتين واصفة الموقف بالمهين لهن كنساء.

وأضافت "لم نكن نحمل شيئاً وبعد وصولنا علمنا بخبر تعرض منزلنا للسرقة والنهب، وهذه من إفرازات الحرب حيث لا أمن ولا أمان ولا شرطة في الشوارع لتحمي الأهالي، فالحرب أضرارها النفسية والمادية والاجتماعية كبيرة".

وأوضحت أماني إسماعيل أن "الصحافة كانت تعاني قبل بدء القتال في السودان وبعد الحرب أصبح الوضع أسوأ من سيء، توقفت الصحف ووسائل الإعلام ومعظم الزملاء والزميلات تم تسريحهم من عملهم بلا أي حقوق وهذا الأمر أثر على أوضاعنا كصحفيات وصحفيين وليست هنالك بارقة أمل في تهدئة الأوضاع".

وبدورها قالت سارة إبراهيم وهي صحفية فقدت عملها بسبب القتال الذي يدور في السودان حيث كانت تقيم في العاصمة الخرطوم ونزحت حالياً إلى ولاية نهر النيل، إنها اضطرت إلى مغادرة منزلها بحثاً عن الأمان مثل الكثيرين الذين نزحوا بفعل الحرب داخل السودان والذين هاجروا كذلك "النزاع الدائر بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني مستمرة منذ ستة أشهر وتسببت في نزوح الآلاف من مدنهم وقتل المئات منهم"، مضيفة بأسى "لم نكن يوماً نتوقع بأننا سنجبر على مغادرة منازلنا تاركين خلفنا كل شيء".

وقالت سكرتارية النوع بنقابة الصحفيين والأمين العام لكيان الصحفيات لبنى عبد الله "أن عدد الصحفيات اللواتي نزحن إلى مناطق أخرى قدرت بنسبة ثمانين بالمائة من الصحفيات"، مشيرةً إلى أن الصحفيات الموجودات في ولايات دارفور غرب البلاد كن الأكثر ضرراً "إحدى الصحفيات كانت حبلى ونزحت سيراً على الأقدام من مكان سكنها في دارفور حتى دولة تشاد ووضعت طفلها هناك وعانت الكثير في طريقها".

وعن أشكال الانتهاكات التي طالت الصحفيات بينت "منذ اندلاع القتال وقعت انتهاكات على كل الشعب السوداني ومن ضمنهم الصحفيات وتتمثل هذه الانتهاكات في عدم الاستقرار والنزوح وفقدان الصحفيات لعملهن في المؤسسات الصحفية التي تعملن بها والتي توقفت معظمها عن العمل ما تسبب في حرمانهن من العمل في وظائفهن بالإضافة إلى النزوح وفقدان الاستقرار وهو من الأدوات المهمة في جعل الشخص يؤدي عمله بصورة جيدة، لعدم تمكنهن من الوجود في المركز ورصد الانتهاكات التي تحدث للمدنيين جراء القتال".

وأضافت "تعرضت بعض الصحفيات للتهديد من قبل الطرفين المتقاتلين بسبب كتاباتهن أو بعض التعليقات مثل أوقفوا الحرب إذ تسببت الدعوة لوقف الحرب في مشاكل للبعض وتم اتهام البعض بالانحياز لجهة دون الأخرى".

وأوضحت "تعرضت بعض النساء للاغتصاب وكوننا صحفيين يقع على عاتقنا نقل هكذا أحداث، لكننا لم نتمكن من رصدها بسبب الأوضاع الصعبة، فنحن لم نؤدي دورنا بالصورة المطلوبة، ورغم محاولتنا للعمل عبر الوسائط إلا أننا نشعر أننا في وضع نفسي غير مستقر، نحن نزحنا إلى مناطق آمنة لكن هنالك إحباط نفسي وهذا يقلل من العطاء فتفكير الشخص في المصير المجهول متى سيعود إلى منزله ومتى سيستطيع تأدية عمله، ومتى سيتعافى الوطن كل هذه الأسئلة تجعل الشخص مشتت".