عالمة نفس: شعار "بناء الأمل بالعمل" هو الحل لمنع زيادة معدلات الانتحار

شددت عالمة النفس جوان. م على ضرورة عدم تجاهل صرخة المساعدة التي يتم التعبير عنها من خلال النية الانتحارية، ويجب إعطاء الأشخاص الأمل وتعزيز ثقتهم بنفسهم من أجل منع حالات الانتحار.

يارا أحمدي

مهاباد ـ يعتبر الانتحار في العالم قضية خطيرة وقد تؤدي بعض الأحداث في وقت معين أو بين شريحة معينة من المجتمع إلى زيادتها، وفي كل عام يموت حوالي 800 ألف شخص بسبب الانتحار، وهذه الإحصائية أثارت قلق مجتمعات العالم.

"دعونا نبني الأمل بالعمل" هو شعار اليوم العالمي لمنع الانتحار لمدة ثلاث سنوات من عام 2021 إلى عام 2023، ويشير هذا الشعار إلى أن هناك بديل للانتحار والغرض منه خلق الثقة بالنفس ونور الأمل لدى كل الناس.

فمنذ فترة، تزايدت أخبار حالات الانتحار في إيران، ووصلت إلى حد أنها تحولت إلى أزمة، وحول إحصائيات الانتحار والحل لمنعه، أجرت وكالتنا حوار مع عالمة النفس جوان. م.

 

هل تم تطبيق شعار "بناء الأمل بالعمل" في إيران؟

مما لا شك فيه أنه من الممكن تقليل حالات الانتحار باستخدام شعار "دعونا نبني الأمل بالعمل" والحلول العالمية المطروحة، لكن للأسف هناك العديد من المشاكل الأساسية في إيران، أحدها هو حظر الذهاب إلى طبيب نفسي أو عدم الاهتمام للصحة النفسية مع الصحة الجسدية. هذا الشعار هدفه أن يشعر جميع أفراد المجتمع بالمسؤولية تجاه حالات الانتحار وأن يتخذوا خطوات لمنعها في كل موقف، وما هذا إلا إعطاء الأمل والاهتمام لبعضهم البعض.

وسابقاً كانت إيران في المرتبة 58، ولكن بعد انتشار جائحة كورونا لم يتم تحديث إحصائيات الانتحار في دول العالم، وباعتبار أن الفوضى والاضطراب تتزايد بكل أبعادها في إيران، فإن معدل الانتحار سيتغير أيضاً تماشياً معها، لقد أثرت عوامل مثل المشاكل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية على الانتحار في إيران. لسوء الحظ، انخفض سن الانتحار في إيران، وقد شوهد ذلك بين المراهقين وحتى الأطفال.

 

ما أسباب الانتحار في المجتمع وكيف يصبح الإنسان معرضاً لخطر الانتحار؟

ويمكن أن يكون للانتحار أسباب عديدة، أهمها الاكتئاب، يليها اضطراب ثنائي القطب، والفصام، واضطرابات الشخصية، وإدمان الكحول والمخدرات، وهي من أهم أسباب الانتحار في العالم، لكن لا يمكن النظر إلى الانتحار كظاهرة ذات عامل واحد، لأن عوامل كثيرة تلعب دوراً في حدوثها، ولا يمكن اعتبار المرض أو المشاكل النفسية فقط هي السبب، أي أن الشخص الذي ينتحر ليس مريضاً بالتأكيد.

ومن ينوي تدمير نفسه يحتاج إلى المساعدة قبل أي شيء آخر، وحتى التعبير عن نية الانتحار يفسر على أنه طلب واستغاثة للمساعدة. عندما لا تنتهي الحوارات الداخلية لدى الإنسان على أمل الاستمرار، ولا يستطيع الإنسان أن يفكر في حل لمعضلاته ومشاكله أو أن يجد خطة لها، فإنه يفكر فجأة في تدمير نفسه، وهذه الحوارات الداخلية في كثير من الأحيان لا تؤدي إلى أفكار انتحارية، ولكنها تفعل ذلك بعد عدة محاولات غير مثمرة.

 

ما هي نسبة انتحار النساء مقارنة بالرجال، وما الحلول المتوفرة لمساعدتهم؟

في العالم، تبلغ نسبة انتحار النساء ضعف معدل انتحار الرجال، لكن الانتحار يؤدي إلى الوفاة عند الرجال أكثر بكثير من النساء. وبطبيعة الحال، يعتمد ذلك على الإحصائيات العالمية والمتوسط، وهو ما قد يختلف أو حتى العكس في بعض المناطق. عادة ما يكون الانتحار أكثر شيوعاً بين كبار السن، ولكن في المواقف الحرجة مثل الوضع الحالي في إيران، زادت حالات انتحار الشباب وحتى الأطفال دون سن 15 عاماً، وبشكل عام، نحن بحاجة إلى معرفة مستوى الأفكار الانتحارية، فهل هذا الشخص صرح فقط برغبته في الانتحار أم أنه حدد طريقة الانتحار أيضاً؟

كلما شعرت بالرغبة في الانتحار، لا تشعر بالخجل أو الخوف من التعبير عن ذلك والتحدث عن ذلك مع متخصص أو شخص موثوق به. لا ينبغي أبداً تجاهل صرخة المساعدة، التي يتم التعبير عنها من خلال النية الانتحارية، ومن أجل الأمل، فإن الدعم والاستماع فقط يفتح أحياناً فجوة ضوء في الظلام المطلق.

 

كيف تؤثر القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على ظاهرة الانتحار؟

على سبيل المثال، عندما يكون الشخص في وضع اقتصادي سيئ أو يضطرب الجو الاجتماعي والسياسي للمجتمع، يفقد الشعور بالثقة والاستقرار فيه. مثل هذا الشخص يعاني من العجز أو العواطف مثل عدم اليقين والقلق. هذه الاضطرابات بأي بعد من الأبعاد يمكن أن تؤثر على حياة الإنسان، فمثلاً في الاضطرابات الاقتصادية قد يواجه الإنسان صعوبات في تلبية احتياجاته الأساسية، وإذا كان لديه خطة لنفسه مثل التعليم أو العمل، فإنه لا يستطيع تحقيقها في ظل تأثير هذا الاضطراب لا يستطيع تنفيذه، ونتيجة لذلك يصبح يائساً وعاجزاً أو يشعر بنفس الشعور بعدم الثقة تجاه المستقبل.

كما أن اضطرابات كهذه في البعد السياسي تعمل أيضاً على هذا النحو وتسبب ارتباكاً في معتقد الشخص وثقته، ولهذا السبب فإن الحديث عن الانتحار والرغبة في العدم والدمار هو خطوة مهمة جداً لبدء الدعم.

إن خلق الاستقرار والأمن هو أحد الواجبات الأساسية للحكومات حتى يتمكن الإنسان من التمتع بحياة آمنة، وهذا لا يتعلق فقط بالقضايا الاقتصادية أو السياسية، فأحياناً تكون الثقافة وإصلاحها ضرورية أيضاً، وفي إيران، وخاصة بين النساء، أثرت القضايا الثقافية بشكل كبير على هذه العملية. تُحرم المرأة من حريتها في تقرير مصيرها وتصبح عرضة لوصمة الشرف في المجتمع. في بعض الأحيان، أظهر النظام الأبوي أن معظم احتياجات المرأة وتصرفاتها الطبيعية محرمة لدرجة أن اليأس والخوف والرفض والعجز جعلها عقاباً ونتيجة للتحدي، مما أدى إلى العجز الذي يؤدي إلى الانتحار.