الانقطاع عن التعليم في السودان يؤرق الأمهات النازحات

بعد مضي أكثر من عام ونصف على بدء الصراع في السودان، لا يزال العديد من الأطفال محرومين من التعليم وخارج نطاق المدارس لأجل غير مسمى.

ميساء القاضي

السودان ـ بحسب الأمم المتحدة، فإن 19 مليون طفل حرموا من التعليم نتيجة تصاعد الصراع في السودان، وحذر مراقبون من نتائج مترتبة على ذلك أبرزها الزج بهم في المعارك، بالإضافة إلى الآثار النفسية الناتجة عن الحرب التي تسبب تأخراً معرفياً يجعل اندماجهم في التعليم من جديد أمراً صعباً.

وفقاً لمنظمة إنقاذ الطفولة، فإن أكثر من 1.5 طفل عبروا الحدود مع أسرهم إلى بلدان مجاورة ونزح ما يقارب 6 ملايين طفل مع أهلهم داخلياً جراء الصراع، وتشكل نسبة الأطفال الذين يعيشون ظروفاً صعبة ويقيمون بمراكز إيواء ومخيمات تفتقر لأبسط مقومات الحياة 45%.

فائزة يعقوب واحدة من الأمهات اللواتي اصطحبن أبناءهن وعبرن الحدود أملاً في النجاة، قالت إنها غادرت بلدها بحثاً عن الأمن والتعليم وقد وجدت الأمن لكن حرمان أطفالها من التعليم يؤرقها "لا يوجد تعليم نهائياً كل الأطفال الموجودين معنا في المخيم لا يذهبون للمدارس، ليست هنالك فرصة للحصول على التعليم ودخول المدارس إلا بدفع مبالغ مالية لا نستطيع توفيرها، نحن نقيم في مخيم للاجئين ليست لدينا مقدرة لتوفير حتى نفقات التنقل لأطفالنا ليتمكنوا من مواصلة تعليمهم، نحن نعيش أوضاعاً صعبة".

وتروي فائزة يعقوب رحلتها من السودان إلى يوغندا "تعرضنا للنصب وفقدنا المال الذي دفعناه لنسافر بالطائرة وأقمنا أسبوعين في جنوب السودان حتى تمكنا من السفر مرة أخرى إلى يوغندا، نقيم حالياً في مخيم مليء بالثعابين والحشرات ونعاني من نقص المياه والغذاء وهنالك مرضى لا يجدون العلاج، قام الناس بإنشاء مطبخ خيري لمساعدة النازحين على تناول وجبة وأحياناً تنفد المواد الغذائية من المطبخ نفسه".

 

 

بدورها وصفت عضوة لجنة المعلمين السودانيين قمرية عمر انقطاع الأطفال عن التعليم بأنه أكبر كارثة، مضيفةً أن هناك عدد كبير من الأطفال خارج العملية التعليمية المنتظمة "إذا ابتعد أطفال الصف الابتدائي عن الدراسة لفترة محددة يرتدوا إلى الأمية وهذه كارثة، نحن الآن فقدنا ثلاثة مستويات، فالصراع استمر حوالي عشرين شهراً ويفترض أن طلاب الصف الأول يكونوا قد وصلوا اليوم الصف الثالث، هذا غير الذين كانوا يدرسون أصلاً في هذه الصفوف عندما بدأ الصراع".

ولفتت إلى أنه "لدينا ست دفعات نعتبرهم أميين بشكل كبير، هذا غير تلاميذ الصفوف المتقدمة مثل الصف الخامس والسادس وطلاب المرحلة المتوسطة والثانوية كل هذه المراحل تتضمن ثلاث دفعات من الطلاب هؤلاء عدد كبير منهم سيتركون التعليم، لن يجدوا وظائف وأغلبهم ستدفعهم الظروف إلى حمل السلاح مستقبلاً ويصبحون مليشيات وبذلك سنبقى في دائرة الصراع، لأن عدم الوعي والتعليم وتوزيع الثروة بشكل كامل وعدم توزيع التنمية بشكل عادل من أسباب الحروب التي لم يتعافى منها السودان منذ الاستقلال".

بحسب آخر تقديرات لليونيسيف أكثر من 19 مليون طفل خارج العملية التعليمية وهو عدد كبير وإذا كان هؤلاء من يبنون البلد ويحددوا مستقبل السودان فلن يكون للسودان مستقبل بهذه الطريقة فغير الفقر والجوع والمرض سيكون هنالك جهل في الأجيال القادمة وهذه هي إحدى إفرازات الحرب وهذه أكبر كارثة وأكبر هدم للمجتمع السوداني والأجيال القادمة ونتمنى أن تتوقف الحرب ويبدأ الناس في تعمير ما دمرته".

وقالت قمرية عمر إن هناك عدد من المبادرات الوطنية بالشراكة مع اليونيسيف واليونسكو ولجنة المعلمين للعمل في مراكز الإيواء، تعمل في عدد من الدول منها تشاد وكينيا ورواندا ومصر وليبيا، وهناك مبادرة سودانية اسمها "مشت" من أجل توفير بيئة دراسية للتلاميذ بحسب الإمكانيات المتوفرة في المنطقة التي يتواجدون فيها، فقد استعانت هذه المبادرة بأعضاء لجنة المعلمين الذين هم أيضاً متواجدين في مراكز الإيواء في محاولة لإنشاء فصول داخل هذه المراكز، بالتنسيق مع اليونيسيف واليونسكو وهي ليست مدارس بالشكل المتعارف عليه، لكنها تحافظ على التلاميذ حتى لا يرتدوا إلى الأمية.