الأم بشعرها الأبيض ويديها المرتعشتان والمتجعدتان هو أمل جينا

تستمر احتجاجات الشعب في إيران وشرق كردستان ضد الحكومة الإيرانية، والتي يتم التعبير عنها بطرق مختلفة مثل الكتابة على الجدران، وترديد الشعارات، وإقامة مراسم تذكارية للضحايا والعصيان المدني.

سایدا شیرزاد

مركز الأخبار ـ شعلة احتجاج الشعب لم تنطفئ منذ مقتل جينا أميني وهو نتيجة سنوات من الغضب الجماعي في المجتمع بسبب قضايا مثل الاقتصاد والتمييز ضد الأقليات العرقية، فضلاً عن القيود الاجتماعية والسياسية.

الانتفاضة الأخيرة التي يمكن تسميتها بالثورة، تختلف عن جميع الاحتجاجات السابقة، لأنه على الرغم من القمع الشديد وقتل واعتقال الشباب والفتيات على نطاق واسع، إلا أن المحتجون مستمرين في المطالبة بحقوقهم المسلوبة. هذه ثورة نسائية، والنساء بصفتهن مبادرات ورائدات لهذه النضالات تواصلن الوقوف والمقاومة ضد الحكومة الإيرانية، ومطالب النساء في جميع أنحاء العالم تسير في نفس الاتجاه، الأمر الذي تسبب في توحيد شعب إيران ثم انضمت شعوب العالم إلى هذه الثورة.

وأظهرت النساء اللواتي كن من أوائل المضطهدات من قبل الحكومة الإيرانية، معارضتهن لقوانين الحكومة، وطالبن بحقوقهن من خلال الاحتجاج، وأدى استمرار غضب المرأة تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة، وعدم كفاءة السلطات والحكام في إدارة البلاد وتوفير التسهيلات واحتياجات الشعب من جهة أخرى، إلى انتشار الغضب عند الأهالي.

وإن الثورة التي تشكلت تحت عنوان "ثورة جينا" أو "Jin jiyan azadî" مستمرة منذ أكثر من مائة وعشرين يوماً بأشكال مختلفة، ويستخدم الناس في جميع أنحاء مدن إيران وشرق كردستان أي طريقة وفكرة لإظهار احتجاجهم وغضبهم.

 

القلب النابض للاحتجاجات

وشهدت مدينة سنه بشرق كردستان التي لقبت بـ "القلب النابض للاحتجاجات" منذ اليوم الأول، احتجاجات واسعة النطاق وقمعاً أكثر شدة، ولا تزال تناضل ضد الحكومة الإيرانية، ويحاول الأهالي إظهار استيائهم من حكم الجمهورية الإسلامية بأي طريقة أو فعل، فمن إزالة الحجاب الإلزامي وإلى كتابة الشعارات في المدينة وحتى مقاطعة الشركات والمنتجات وكل ما يتعلق بالحكومة، وسحب الأموال من البنك بشراء الأراضي والذهب والعملات الأخرى غير التومان، والتجمع في المقابر تكريماً للضحايا.

 

"الوضع ليس طبيعياً على الإطلاق"

وعن ذلك تقول إسراء زاده وهي من سكان مدينة سربل ذهاب إن "الظروف في المدينة ليست عادية على الإطلاق، والناس بالتأكيد لم ينسوا نضالهم ولن يسمحوا له بأن يهدأ"، معتبرةً أن التواجد اليومي لقوات الأمن وسيارات مكافحة الشغب في المدينة أحد بوادر خوف الحكومة من تصاعد الاحتجاجات مرة أخرى.

بروين أحمدي من سكان مدينة طهران تقول "لم يعد الناس كما هم، والآن أينما نرى شخصاً يحتج، فإننا نعلم أن استياء الناس مستمر وأن المحتجين يريدون الإطاحة بالحكومة."

وأوضحت أنه "في الأيام القليلة الماضية كانت شابة تمشي في وسط شارع تجریش وفي يدها ورقة كبيرة كتب عليها "قتلت أختي لا تقتلوا إخوتي". ابتسم الناس أيضاً وأومأوا برأسهم لإظهار أنهم معها".

ومن جانبه قال هاني مجيد من مدينة كرج مقيم بطهران "ربما لم يكن تواجد الناس في الشوارع وتجمعاتهم كما كان من قبل، لكن شيئاً ما يحدث في كل لحظة. لا يزال الناس يخرجون إلى الشوارع في بعض أحياء طهران المزدحمة. عدد قليل من الشباب الذين يتجمعون عادة كمبادرين للاحتجاجات اليومية، بمجرد أن يجمعوا ما بين ثلاثين إلى أربعين شخصاً، يصل الأمن ويهاجمونهم".

 

خلع الحجاب من أشكال الاحتجاج

بينما قالت برسا مردخاني من سكان زغفرانية بطهران "هناك أم عجوز بالقرب من منزلها تهتف "الموت لخامنئي" و"الموت للديكتاتور" و"Jin jiyan azadî"، على نافذتها كل يوم، هذه الأم بشعرها الأبيض ويديها المرتعشتان والمتجعدتان هو أمل جينا".

وقالت فاطمة أكبري من سكان مدينة همدان إن "التجمعات والمظاهرات في همدان تراجعت، لكن الناس يظهرون معارضتهم بطرق أخرى، ومن هذه الطرق إجبار المرأة على المشي بدون حجاب في همدان، حيث كان يوجد عدد كبير من المحجبات، وكانت هذه الأشياء موجودة من قبل، فإن المشي بدون الحجاب الإلزامي هو علامة كاملة على الاحتجاج".

وأضافت "الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أنه على الرغم من إيمان الناس بالحجاب، لا أحد يزعج النساء اللواتي لا ترتدين الحجاب الإلزامي، بل من الممكن أن تدعمهن بعض النساء اللواتي ترتدينه".

 

الرجال أيضاً يدعمون النساء

وأوضحت مونيكا فرزاد وهي من سكان مدينة كيش "هنا تستمر النساء في إظهار أن هناك احتجاجات بخلع الحجاب الإلزامي، حتى الرجال يدعمون النساء، وأصبح من الطبيعي أن تخلع النساء الحجاب، أولئك الذين تعمل زوجاتهم في الوظائف الحكومية قلقون الآن أكثر من ذي قبل من احتمال سقوط الحجاب لأن الحكومة أصبحت حساسة للغاية تجاه هذا الأمر".

وقالت مريم محمدي من سكان مدينة تالش "لطالما كان لدى الأهالي شعور خاص تجاه الشعب الكردي واستلهموا منهم الشجاعة في هذه الاحتجاجات، والآن على الرغم من تلاشي الاحتجاجات والمظاهرات في الشوارع، أزالت النساء الحجاب الإلزامي وغاضبات للغاية من فرض هذا القانون على النساء لسنوات".