"تجمع صحفيي كردستان في أوروبا"... نحو إعلام أكثر تأثيراً وتماسكاً

من المقرر أن يُعلن قريباً رسمياً عن تأسيس "تجمع صحفيي كردستان في أوروبا"، بهدف تعزيز حرية الصحافة، تمكين الصحفيات، والدفاع عن حقوق الإعلاميين، مع التركيز على تطوير الصحافة الكردية دولياً.

أفراح شوقي

باريس ـ يشهد الإعلام الكردي تطورات مهمة في ظل التحديات الراهنة، مما دفع الصحفيين الكرد في أوروبا إلى تأسيس تجمع جديد لتنظيم العمل الصحفي، وتعزيز دوره في بناء المجتمع، ومواكبة التحولات الإعلامية الحديثة.

في ظل التحديات التي تواجه الإعلام الكردي في العصر الحديث، اجتمع أكثر من سبعين صحفياً من مختلف الدول الأوروبية في مدينة آلست البلجيكية في التاسع عشر من نيسان/أبريل الماضي، لمناقشة واقع الصحافة الكردية وآفاقها المستقبلية، كان الهدف من هذا اللقاء هو تنظيم الإعلام الكردي في أوروبا ضمن إطار قانوني حديث، والاستجابة لمقتضيات المرحلة الإعلامية الراهنة.

تم خلال الاجتماع التأكيد على أهمية الإعلام في بناء المجتمع وتعزيز الوعي، مع التركيز على ضرورة مواكبة التطورات التقنية الحديثة مثل الإعلام الإلكتروني، وأهمية تعزيز المؤسسات الإعلامية الكردية لجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات الجديدة في الساحة الإعلامية.

وفي هذا السياق، تم الإعلان عن تأسيس "تجمع صحفيي كردستان في أوروبا"، الذي سيكون مقره في بروكسل، بهدف تنظيم الصحفيين الكرد العاملين في أوروبا وتطوير العلاقات مع المؤسسات الصحفية الدولية، كما يسعى التجمع إلى إنشاء أكاديمية إعلامية تهدف إلى نشر الخبرات والتجارب الإعلامية الكردية عبر الإنترنت.

 

تجمع صحفي لدعم الإعلاميين وتعزيز الحريات

تقول الصحفية الكردية نياز عبد الله، المقيمة في فرنسا وهي عضوة لجنة تأسيس الجمعية، إن هذا التجمع يُعتبر الأول من نوعه، وجاء استجابة لحاجة ملحّة، فهناك مئات الصحفيين والصحفيات الكرد الذين اضطروا لمغادرة كردستان إلى أوروبا هرباً من المضايقات والتهديدات، وقد تمكن العديد منهم من العمل في مؤسسات كردية بارزة في أوروبا، بينما اتجه آخرون إلى المؤسسات الإعلامية الأوروبية، بالإضافة إلى ذلك، يحتاج الصحفيون الجدد إلى الدعم والمساندة لإيجاد فرص عمل في المجال الإعلامي، تعويضاً عن الوظائف التي فقدوها.

وأشارت إلى أن الصحفيات والصحفيين الجدد الذين تعرضوا للملاحقات والتهديدات يواجهون تحديات أكبر بعد انتقالهم إلى الخارج، حيث يحتاجون إلى الدعم والفرص لضمان استمرارهم في العمل الإعلامي ضمن بيئتهم المعيشية الجديدة، لا سيما الإعلاميات، لافتةً إلى أن التجمع يركز على الدفاع عن حقوق الصحفيين في كافة أجزاء كردستان، إذ لا يزال العديد منهم محتجزين في سجون إقليم كردستان وتركيا وسوريا وإيران، إضافة إلى العدد الكبير من الصحفيين الذين فقدوا حياتهم أثناء أداء مهامهم وارتقوا إلى مرتبة الشهادة.

 

تعزيز دور الإعلاميات

وأكدت نياز عبد الله أن التجمع يهدف إلى تعزيز العلاقات الودية والمتماسكة بين جميع الصحفيين الكرد في الخارج، كما يتولى مهمة الدفاع عن حقوقهم المهنية والصحفية داخل أوروبا وكردستان الكبرى، بالإضافة إلى ذلك، يسعى إلى دعم الصحفيين الذين يواجهون مخاطر.

ولفتت إلى أن الصحفيات الكرديات تلعبن دوراً جوهرياً في المؤسسات الإعلامية الكردية، حيث تمثلن جزءاً مهماً من المواجهة والتغطية الإعلامية، ومع ذلك، تواجهن تحديات كبيرة ناجمة عن التمييز بينهن وبين الصحفيين الرجال، إذ لا تتوفر لهن الحماية أو الدعم اللازم لتولي مناصب قيادية في هذه المؤسسات، ولا تزال العقلية الذكورية مسيطرة على المشهد الإعلامي، مما أدى إلى تهميش العديد من الكفاءات والقدرات النسائية في الإدارة.

وأشارت إلى أنه في الماضي، كانت هناك صحف ومؤسسات إعلامية تديرها نساء في إقليم كردستان، لكن بعد توقف الدعم المالي، تعرضن للإقصاء "كما أن الضغوط السياسية التي تمارسها الأحزاب الحاكمة، بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية وضغط العائلة، فضلاً عن التحديات المالية، دفعت العديد منهن إلى الابتعاد عن المشهد الإعلامي القيادي".

وشددت على أن تهميش المرأة أصبح واقعاً ملموساً في الوسط الإعلامي في إقليم كردستان حالياً، حيث تُمنح الصحفيات أدواراً محدودة في برامج الترفيه والفن، دون إتاحة الفرصة لهن لتولي أدوار قيادية أو مؤثرة في إدارة البرامج السياسية، لافتةً إلى أن وجود إعلاميات يقُدن برامج سياسية مستقلة لا يزال نادراً، إذ يكاد يقتصر هذا المجال على الرجال.

وأعربت عن سعادتها بوجود عدد كبير من الصحفيين والصحفيات الذين يعملون اليوم في مؤسسات وشبكات إعلامية مرموقة، حيث تمكنوا من تحقيق إنجازات بارزة وحصدوا جوائز تقديرية، ما جعل أدوارهم محط اهتمام واسع نظراً لقدراتهم العالية في المجال الإعلامي، مشيرةً إلى أن الجمعية تسعى إلى دعم هذه الأدوار وتعزيز حضورها على المستوى الدولي، بهدف تطوير العمل الإعلامي بما يتماشى مع التقدم في الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الإعلاميين على مواكبة هذه التطورات وصقل مهاراتهم لمواكبة العصر.

 

أكاديمية إعلامية واتحاد دولي لتعزيز الصحافة الكردية 

ومن بين المبادرات التي يسعى إليها التجمع الجديد، تم اقتراح إنشاء أكاديمية إعلامية ضمن برنامج مخصص لنقل التجارب الكردية وتحويلها إلى وثائق مكتوبة للحفاظ عليها وضمان استمراريتها، كما يهدف المشروع إلى تجاوز حالة التكرار، مع التركيز على دور الإعلام في البناء الاجتماعي وإحداث تغيير فكري إيجابي.

بالإضافة إلى ذلك، يُولي التجمع أهمية كبيرة لتطوير العلاقات مع المنظمات الصحفية الدولية، إلى جانب السعي نحو تأسيس اتحاد وطني يشمل جميع الصحفيين الكرد، لتعزيز التعاون وتوحيد الجهود في دعم حرية الصحافة وتطوير العمل الإعلامي الكردي على المستوى العالمي.

والجدير ذكره أن الصحافة الكردية لعبت دوراً محورياً في نضال الكرد من أجل حريتهم، وقد حققوا إنجازات بارزة، ومع انتشار عشرات القنوات التلفزيونية الكردية والوكالات والإذاعات، ومئات الصحف والمجلات حول العالم، أصبح للكرد حضور واضح في المشهد الإعلامي الدولي.

ومن المقرر أن يُعلن قريباً عن مؤتمر كبير للإعلان الرسمي عن تأسيس التجمع، بتنظيم لجنة إدارة الجمعية التي تضم 11 صحفياً، بينهم خمس نساء وستة رجال، كما سيتم فتح باب العضوية للصحفيين والصحفيات من مختلف الدول الأوروبية، مما يعزز التعاون والتواصل بين الإعلاميين الكرد في الخارج، ويدعم جهودهم في تطوير الصحافة والدفاع عن حقوقهم على المستوى الدولي.