صحفيات تتحدثن عن التمييز المبني على أساس النوع الاجتماعي

لا يختلف حال غرف الأخبار كثيراً عن المجتمع فهناك تمييز لا يستند إلى معايير الكفاءة أو القدرة على العطاء بقدر اعتماده على النوع الاجتماعي في بعض الأحيان، بينما هناك محاربات تسعين لنيل حقوقهن في هذا الوسط رغم صعوبة الأمر عليهن.

أسماء فتحي

القاهرة ـ تعاني الصحفيات المصريات من وضع اعتبروه جزء من تكوين المجتمع وسياقه الذي يمارس أنواع مختلفة من التمييز بين الجنسين على أساس النوع الاجتماعي، مطلقاً مجموعة من التبريرات التي لا تختلف كثيراً أيضاً عما هو مشاع حول دور المرأة المجتمعي النمطي، معتبرين أن الحصول على أبسط حقوقهن كالترقي أو المشاركة في صنع القرار يحتاج لمحاربات يقمن بأضعاف المهام المطلوبة فقط لتتخلصن مما هو مشاع عن النساء وكونهن أقل قدرة مقارنة بالرجال.

الأمر لا يقف عند حد النقص الواضح لوجودهن في المناصب القيادية في المؤسسات الصحفية واقتصار ذلك على بعض المجلات والصحف المعنية بالمنزل والدور المجتمعي النمطي الموضوع به النساء، بل أنهن تحرمن من أبسط حقوقهن وتعاقبن على الدور الذي تقمن به والمتمثل في الحمل وإنجاب الأطفال، بل أن عدد ليس بالقليل منهن يتم تسريحهن خشية الحصول على الحقوق القانونية المرتبطة بهذا الأمر.

وفي التقرير التالي سنتعرف على تفاصيل أكثر من خلال رؤية الصحفيات المشاركات به حول ما يحدث بغرف الأخبار والتحرير المختلفة سواء في المؤسسات الحكومية أو التابعة للقطاع الخاص، لأنهم يرون الأمر لا يختلف كثيراً، فالمعاناة واحدة والمساحات المتاحة للنساء محدودة ونمطية.

 

المؤسسات الصحفية جزء من المجتمع نظرتهم للمرأة نمطية ومنقوصة

قالت الصحفية إيمان عوف، إن الوسط الصحفي جزء من المجتمع المصري ولديه دائماً إنكار لأهمية دور المرأة وقدرتها على القيادة والتعامل في المناصب العليا.

وأوضحت أن هناك الكثير من النساء في مناصب أقل كرئاسة الأقسام وإدارة التحرير لديهن أرشيف قوي وتقمن بمهام لا تقل عن الرجال بل قد تفوقهم في الكثير من الأوقات وتنفسن على الصعيد الدولي بقوة، إلا أن المؤسسات لاتزال ترى في وجودهن ديكور ليس أكثر من ذلك.

وأكدت أن هناك نحو 18% من النساء وصلن لرئاسة التحرير في المؤسسات الحكومية، ولكن اختيارهم كما هو المعتاد يتم بشكل نمطي في المجلات والإصدارات المرتبطة بالدور الذي يرى المجتمع أن المرأة عليها ممارسته والمتمثل في المكياج والموضة والطبخ وما إلى ذلك من أعمال.

وعما يتم تداوله من أفكار مغلوطة عن عدم قدرة النساء على المنافسة في هذا المجال، رأت ايمان عوف أن الصحفية أثبتت على أرض الواقع أنها تستطيع تقديم جميع ألوان العمل الصحفي فهناك مراسلات حربيات قويات تمكن من نقل معارك دامية في العراق وباكستان وغيرها من الدول، معتبرةً أن استغلال دورها الذي يفرضه عليها المجتمع من تربية الأطفال ورعاية الأسرة لانتقاص حقوقها هو الأسوأ على الإطلاق.

وأشارت إلى أن المؤسسات تتعامل مع الصحفيات على أنهن الاختيار الثاني دائماً، كما يقوم البعض بتهميش دورهن والانتقاص من مستحقاتهن المالية لصالح الرجل دون أي مبرر سوى كونها امرأة.

 

 

لا توجد معايير واضحة للاختيار والتمييز أساسه النوع الاجتماعي

اعتبرت الصحفية مادلين نادر، أن وجود نساء في رئاسة التحرير يتم في نطاق ضيق ونمطي للغاية، حيث يتم حصر وجودها في تلك الاصدارات القريبة من أعمال المنزل ونوعها الاجتماعي المنمط فكرياً.

وشددت على أنه هناك تمييز واضح في اختيار النساء خاصة للمناصب القيادية وهو أمر غير مقتصر على الصحف وحدها فهناك نضال طويل للوصول بهن لمنصب القاضي على سبيل المثال وحرب أخرى لتمكينها من القيادة في أماكن أخرى، لافتة إلى أن الفرص نفسها غير متاحة ولا يتم طرحها بعدالة للجنسين ولا يتم الاحتكام إلى الكفاءة في أغلب الأوقات.

وعن عدم قدرة المرأة على العمل لفترات أطول على غرار الرجل كما يشاع، اعتبرت مادلين نادر، أن هذا الأمر لا علاقة له بالواقع وأن النساء أثبتن قدرتهن على العمل والنجاح والإنجاز في مختلف الأوقات كما يفعل الرجل وربما أكثر.

وأكدت أن تهميش المرأة وانتزاع فرصها لصالح الرجل أشبه بالقرارات الضمنية الغير مكتوبة بإعطاء الأولوية للرجال على حسابها، لافتة إلى الغياب التام للمعايير الواضحة في الاختيار أو حتى الاستبعاد، معتبرة أن النساء وصلن لمرحلة معاقبتهن على دورهن المرتبط بالإنجاب لدرجة التخلص منهن بسببه.

 

 

المجتمع الأبوي يرفض تصعيد المرأة

قالت نائب مدير تحرير مؤسسة روز اليوسف، علياء أبو شهية إن المجتمع الأبوي يرفض تصعيد المرأة مهما حققت من كفاءة أو حصلت على استحقاقات خارجية وجوائز صحفية دولية ومحلية، مضيفة أنها بحكم خبرتها المتنوعة بين الصحف الخاصة والحكومية تعلم جيداً أن الكثير من قضايا العمل تدار من المقاهي التي لا ترتادها النساء بكثرة لذلك فهي عادة ما تكون خارج نطاق تلك الاختيارات.

والأزمة الحقيقية كما تراها علياء أبو شهبة، تكمن في عدم الاقتناع بأحقية المرأة في الترقي والتصعيد، مشيدة ببرنامج نساء في الأخبار الذي يتم من خلاله تدريب الصحفيات بالجامعة الأمريكية في مصر على مهارات الإدارة والتسويق والموارد البشرية والهدف منه العمل على تمكين النساء ورفع مهارتهن في غرف الأخبار.

واعتبرت أن هناك عدم تقدير واضح لدور الأمومة الذي تقوم به المرأة، والذي عادة ما ينهي حياة الصحفيات المهنية بمجرد حدوثه، معتبرة أن النساء أنفسهن بدأن في إنشاء حضانات مسائية تستقبل الأطفال.

 

 

المشاع عن قدرات النساء الأقل من الرجال لا علاقة له بأرض الواقع

أكدت الصحفية علياء أبو شهبة، أن المرأة في غرف الأخبار تمكنت من تقديم جميع أنواع التخصصات وفي مختلف الوسائط من صوت وصورة وفيديو، مضيفة أنها ضد فكرة الكوتا ولكنها ترى أن هناك اعتبارات أساسية منها الكفاءة والخبرة والقدرة والتجربة يجب أن تكون أساس الاختيار دون التصنيف والتمييز النوعي، معتبرةً أن إدارة غرف الأخبار نفسها تغيرت ولم تعد كما كانت، وطريقة تأهيل العاملين بالصحافة اختلفت كثيراً والمستجدات التي تحدث على الساحة لا تعرف أو تعترف بالنوع الاجتماعي من الأساس لذا فما يشاع حول هذا الأمر لا علاقة له بأرض الواقع.

وعن تجاربها الشخصية مع التمييز تقول علياء أبو شهية "كنت أعمل في مؤسسة مع زميل ورغم كوني رئيسته في العمل، إلا أنه كان يحصل على راتب أكثر، رغم أني الأعلى في الخبرة والكفاءة إلا أن الإدارة تحججت بأنى لا أعيل أسره مثله"، مؤكدة أن الترقيات شرفية للنساء وإذا تركت لهن إدارة جزئية ينتظر الجميع ويتربصون لأخطاها حتى ينتقصوا منها.