رغم التحديات والتهديدات صحفيات ليبيا مستمرات في عملهن
رغم الضغوطات والتهديدات التي تتعرض لها الصحفيات من قبل المجتمع والتي تجعل ممارسة مهنتهن أمراً غاية في التعقيد والصعوبة، إلا أن الصحفيات في الجنوب الليبي مستمرات في ممارسة مهنتهن وواجهن كل تلك التحديات بقوة وعزم.
منى توكا
ليبيا ـ أكدت عدة صحفيات في ليبيا أنه على الرغم من الصعوبات اليومية التي يواجهنها من قبل المجتمع والعائلة والمحاولات المستمرة لإيقافهن من ممارسة مهنتهن، إلا أنهن تواصلن المضي قدماً بروح الصمود والتفاني.
تواجه الإعلاميات والصحفيات مجموعة من التحديات التي تجعل ممارسة مهنتهن أمراً بالغ في الصعوبة، بدءاً من التنمر والتهجم إلى التهديدات الأمنية والاجتماعية، لتجدن أنفسهن محاطات بمصاعب متعددة تعوق عملهن الصحفي وبالتالي تؤثر على حياتهن الشخصية.
وكالتنا سلطت الضوء على بعض القصص والتجارب التي ترويها الإعلاميات في الجنوب الليبي حول المعاناة اليومية للإعلاميات وسعيهن المستمر لتحقيق الأمان لهن في المجتمع.
تقول الإعلامية منية بن أحمد "تتعرضن الإعلاميات والصحفيات للتنمر والتهجم بسبب الأفكار الذكورية التي ترى أن المرأة ضلع أعوج وأن مكانها البيت ولا تصلح لصنع القرارات، والتي لا تزال راسخة في المجتمع"، مشيرةً إلى أنه "عندما نبدأ ببث مباشر على وسائل التواصل الاجتماعي لمناقشة المواضيع المهمة أو طرح بعض الأفكار، يتم اتهامنا بنشر أفكار دخيلة على المجتمع، حيث يقال إن المجتمع محافظ، وأن المرأة لا يجب أن تخرج من البيت، هذه هي أبرز المشاكل التي تعانيها الصحفيات، وحتى صانعات المحتوى لم يسلمن من التنمر والتهجم، حتى أن بعضهن اضطررن لترك وسائل التواصل الاجتماعي أو الظهور دون وجه".
وقالت الصحفية زهرة موسى "تواجه الصحفيات صعوبات اجتماعية واقتصادية، وأمنية، وفي فترةٍ كان من الصعب على الصحفيات الخروج لتغطية الأحداث في المدينة، خاصة فيما يتعلق بالأحداث الأمنية والسياسية، وكان من الصعب الوصول إلى المعلومة أو التحدث عنها".
وتستذكر موقفاً حصل معها في عام 2017 "عملنا في الصحيفة على تقرير عن الوضع الأمني بمدنية سبها، وتحديداً عن موضوع الحرابة والسطو المسلح، في ذلك الوقت كانت تنتشر المركبات الآلية من نوع (فيرنا) المعتمة في المدينة، والتي كانت تستخدم في جرائم القتل والسطو، استعنا في التقرير بالجهات الأمنية وقصص حقيقية للمتضررين، لكن بعد نشر التحقيق، تعرضنا للتهديد وتلقت رئيسة التحرير رسائل تهديد عديدة".
وأشارت إلى أن زميلاتها الإعلاميات تعرضن للانتهاكات والتهديد بسبب تناولهن مواضيع تخص جانباً معيناً في مدينة سبها "أعتقد أن الخطر موجود بجميع أشكاله، حيث تتعرض الصحفيات بشكل يومي للمضايقات كونهن نساء تعملن في المجال الصحفي، ولكن المحاولات مستمرة رغم كل تلك الضغوطات".
وترى الصحفية المستقلة عزيزة حسين أن أغلب المشكلات التي تواجه الصحفيات هي مشكلات اجتماعية، حيث لا يزال المجتمع ينظر للصحفيات نظرة سيئة ودونية، بالإضافة إلى الضغوطات الأسرية "إذا صادف الأقارب عملاً صحفياً لي في إحدى الصحف، يتصلون بأسرتي متفاجئين ويقولون لهم (لديكم فتاة تعمل في الصحافة، كيف ذلك؟) وكأنها تهمة، ويرون أن ذلك شيء خارج عن إطار العادات والتقاليد والأعراف".
ولفتت إلى أن قوانين حماية الصحفيين غير مفعلة ولا تحميهم، مشيرة إلى أن ذلك تسبب لها في العيش دائماً في حالة قلق وخوف وعدم الأمان في عملها كصحفية ولكن بالرغم من ذلك لا تزال مستمرة في العمل رغم كل الضغوطات التي تمر بها.
بدورها قالت مقدمة البرامج الإذاعية المسموعة والمرئية وممثلة تلفزيون ومسرح نجوى الزوي أنه في بداية مسيرتها واجهت رفضاً من قبل بعض أفراد عائلتها وكذلك المجتمع الذي لم يكن يتقبل عمل النساء في مجال الإعلام مع الرجال "المنطقة الجنوبية لا تزال تلتزم بالعادات والأعراف التقليدية القديمة، وهذا يعتبر من الصعوبات التي أواجهها"، مؤكدةً على أن محاولة إيقاف الصحفيات عن ممارسة المهنة ستكون مستمرة بشكل دائم، سواءً كان بالتشهير أو باختراق حسابات التواصل.
وأشارت إلى أن الصحفيات تواجهن صعوبات عديدة وهي بمثابة حرب نفسية وجسدية ومعنوية، لذا عليهن أن تتحلين بالقوة والعزيمة للاستمرار، لأن ضعفهن سيجعلهن تتوقفن عند أول منعطف، واختتمت قولها "مع كل هذا وذاك، يبقى الإعلام بؤرة جميلة مع كل التحديات التي نصر على مواجهتها".
وأوضحت الصحفية ريماس القاسم أنها واجهت العديد من الصعوبات في بداية مسيرتها الإعلامية خاصة من الناحية الاجتماعية، ولكن مع الوقت تغيرت فكرة المجتمع تجاهها، لافتةً إلى أنه بشكل عام كانت هناك فكرة سائدة عن عمل المرأة في مناطق الجنوب، أي تقتصر على مهنة محددة، ومهنتها كإعلامية ليست من ضمنها، فالعاملات في هذا المجال طالت النظرة الدونية حتى حياتهن الشخصية والاجتماعية "بعد دخول عدد كبير من النساء والفتيات في المجال الإعلامي، أصبح الموضوع سلساً وبمقدورها الآن مواجهة المجتمع والنظرة الدونية لها".
وأضافت "انفتاح العالم ومتابعة نجاح المرأة الإعلامية، بالإضافة إلى فهم أن المرأة تستطيع إدارة حياتها الشخصية والمهنية بكفاءة أعلى ساهم في تطبيع قدرات المرأة وحريتها في اختيار المجال المهني"، قائلة "قضيت 12 عاماً في هذه المهنة، لا أحد يتصور أن بداية هذه المسيرة كانت وردية، ولكن الآن أصبح للمرأة الإعلامية دور كبير في الجنوب الليبي".
وتمنت أن تكون هناك توعية أكبر حول فائدة الإعلامية في المنطقة، مشيرةً إلى أن للصحفية دور كبير جداً فهي التي تتحدث في مواضيع تخص النساء وحقوقهن وأكثر من تستطيع أن تسلط الضوء عليهن وقضاياهن.