بسبب الاعتداءات والتعتيم... الصحفيون التونسيون غاضبون

عبرت جيهان اللواتي عضوة المكتب الوطني لنقابة الصحفيين التونسيين، عن استيائها من الاعتداءات المتكررة على الصحفيين ومن التعتيم الإعلامي من قبل الإعلام العمومي بتجاهل تغطية وقفة اتحاد الشغل.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ بالنظر إلى البيانات الصادرة عن نقابة الصحفيين التونسيين منذ مطلع العام، يتضح أن الوضع الإعلامي في تونس يمر بمرحلة حرجة، وتشدد النقابة على ضرورة تمسك الصحفيين بدورهم المهني في هذه الفترة الحساسة، في ظل ما تعتبره محاولات من السلطة لتقييد حرية التعبير ودفع الإعلام العمومي نحو التعتيم، مؤكدة أن حرية الإعلام تمثل أحد أبرز مكاسب ثورة 2011، ولايمكن التفريط فيها تحت أي ظرف.

أصدرت وحدة الرصد التابعة لنقابة الصحفيين التونسيين تقريرها الأخير لشهر تموز/يوليو الماضي الذي يتضمن الإشعارات والاعتداءات التي مورست ضد الصحفيات والصحفيين والمصورات والمصورين طيلة السداسية الأولى من العام الجاري.

وجاء في التقرير أن وحدة الرصد سجلت 16 اعتداء بحق الصحفيين والمصورين الصحفيين، من أصل 20 إشعاراً بحالة وردت على الوحدة عبر الاتصالات الهاتفية ومتابعة مواقع التواصل الافتراضي والاتصال المباشر مع الصحفيين.

وتضاعفت الاعتداءات والإشعارات مقارنة بشهر حزيران/يونيو الماضي، حيث سجلت الوحدة 8 اعتداءات بحق الصحفيين والمصورين الصحفيين من أصل 10 إشعارات وردت عليها.

ووفقاً للتقرير طالت الاعتداءات 13 ضحية، توزعوا حسب النوع الاجتماعي إلى 5 إناث و8 ذكور من ضمنهم 12 صحفي ومصور واحد.

ويتوزع ضحايا الاعتداءات على 11 مؤسسة إعلامية منها 4 مواقع الكرتونية و4 قنوات إذاعية و2 قنوات تلفزيونية وصحيفة مكتوبة، من ضمنها 9 مؤسسات تونسية ومؤسسة أجنبية، كما طالت الاعتداءات 3 صحفيين مستقلين.

 

دعوات للتحقيق وإلغاء المرسوم 54

قالت جيهان اللواتي عضوة المكتب الوطني للنقابة، إن كل تقرير يعطي صورة جديدة عن الانتهاكات التي ترتكب بحق الصحفيين خاصة في ظل ارتفاع الاعتداءات عليهم سواء من قبل وزارة الداخلية أثناء الاحتجاجات أو من قبل وزارة العدل بسبب "المرسوم عدد 54".

وأضافت "الجديد في هذا التقرير الأخير الاعتداءات التي قاموا بها مكاتب الإعلام إزاء الصحفيين وعدم منح الصحفيين المعتمدين في تونس بطاقات الاعتماد للعمل وممارسة المهنة"، لافتةً إلى أن الاعتداءات تقع أيضاً على مواقع التواصل الافتراضي من هرسلة خاصة للصحفيات وهو ما يعتبر شكلاً من أشكال العنف الممارس ضدهن على أساس النوع الاجتماعي.  

وبينت أنه "وفقاً لقراءتنا لهذا الأمر نجد ارتفاعاً في خطاب العنف والتضليل والعديد من الانتهاكات والتشهير على الفيسبوك وصفحات التواصل الافتراضي"، مشيرةً إلى أن النقابة توصي بفتح تحقيق في التجاوزات المسجلة خلال المهرجانات الصيفية في ظل غياب الشفافية والمساواة في عملية اعتماد الصحفيين.

وتوصي الجهات القضائية باحترام الحق في الحصول على المعلومات والتغطية الصحفية داخل قاعات المحاكم وإزالة كل العوائق غير المشروعة أمام عمل الصحفيين، وإيقاف العمل بالمرسوم 54 الخاص بمكافحة جرائم أنظمة المعلومات والاتصال داخل المحاكم إلى حين استيفاء النظر في مقترح التعديل الذي يتم مناقشته داخل مجلس نواب الشعب.

 

تعتيم إعلامي

استنكرت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين عدم تغطية وسائل الإعلام العمومي لتحرك الاتحاد العام التونسي للشغل، وقالت في بيان لها إنها تتابع بقلق التعتيم الإعلامي الواسع وغير المسبوق الذي مارسته أغلب وسائل الإعلام العمومية على التحرك الوطني الذي نظّمه الاتحاد العام التونسي للشغل في الـ 21 آب/أغسطس الفائت، هذا الحدث الذي شارك فيه آلاف المواطنين للتعبير عن مطالب وطنية، كان من المفترض أن يحظى بتغطية إعلامية شاملة، إلا أن معظم وسائل الإعلام العمومية تجاهلت تغطيته مع وجود بعض الاستثناءات المحدودة.

وأضافت أن هذا التعتيم ليس مجرد خطأ مهني، بل يمثل انحرافاً عن المبادئ الأساسية للعمل الإعلامي العمومي وخرقاً لحق المواطن في إعلام حر وشفاف، كما أنه يفتح المجال لانتشار المعلومات المضللة على مواقع التواصل الافتراضي ويؤثر سلباً على ثقة الجمهور في الإعلام الوطني.

وبناءً عليه أكدت النقابة استنكار التعتيم الإعلامي واعتباره تصرفاً غير مقبول يضر بالمشهد الإعلامي الوطني وتحميل وسائل الإعلام العمومية المسؤولية المباشرة عن تغييب الحدث، إذ خالفت المبادئ المهنية وحق الجمهور في المعرفة وتحميل السلطة السياسية المسؤولية نتيجة تفكيك بعض آليات الرقابة المستقلة، مثل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، مما أتاح هيمنة السلطة التنفيذية على الإعلام العمومي.

وبينت النقابة أنها ستتحمل كامل مسؤولياتها في التصدي لهذا الانحراف المهني الخطير وستعمل مع جميع الأطراف المعنية للدفاع عن استقلالية المهنة الصحفية والنأي بها عن كل ما يمس أخلاقيات المهنة وقيمها، مشددة على أن استعادة ثقة التونسيين في إعلامهم لن يتم إلا عبر الاعتراف بهذا الخطأ وتحميل المسؤوليات والمبادرة بإصلاح حقيقي يعيد للإعلام العمومي مكانته الطبيعية كمنبر للشعب ومدافعاً عن الحقيقة.