بعد 30 عاماً... أين وصل المغرب في تفعيل عمل بيجين؟

يعمل المجتمع المدني النسوي والهيئات الحقوقية على إعداد تقارير موازية للتقارير الدولية، من أجل تجاوز العوائق التي تحد من تقدم وضعية النساء.

حنان حارت

المغرب ـ رغم نضال المرأة المغربية والإنجازات التي حققتها، لا يزال الطريق طويلاً لتحقيق المساواة وعدم التمييز بين الجنسين وضعف التنفيذ الفعلي للقوانين والتشريعات على الرغم من وجودها.

شاركت أكثر من 60 جمعية نسائية ومدنية مغربية في إعداد التقرير الإقليمي الموازي لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد مرور حوالي 30 عام في المنطقة العربية.

وينص التقرير الإقليمي على مجموعة من الملاحظات التي تخص وضع النساء والفتيات في المغرب، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ومنسوب حضورهن في صلب السياسات العمومية بالمملكة، فأين وصل المغرب في تفعيل أرضية عمل بيجين بعد ثلاثين عام؟

وحول أهمية ودور مثل هذه التقارير، قالت مسؤولة مشاريع جمعية حقوق وعدالة آمال الأمين، إن الأهمية تمكن في تشخيص وضع حقوق النساء والفتيات للوقوف على مكامن الخلل، وكيفية النهوض بها، ثم الخروج بتوصيات، بالإضافة إلى الضغط على الحكومات من أجل تحسين وضع حقوق الإنسان في البلاد.

وأضافت "تعتبر هذه التقارير آلية من آليات الترافع المعمول بها في العالم أجمع، حيث تتضمن هذه التقارير مجموعة من التوصيات، وبما أن المغرب صادق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية فيما يتعلق بحقوق النساء فهو ملزم بالإجابة على تلك التوصيات"، مشيرة إلى أن المغرب انخرط في منظومة حقوق الإنسان، ويتفاعل مع التقارير الصادرة عن الآلية الدولية، ويقوم بمجهوده لتطوير ممارسته الاتفاقية.

وأكدت على أن أهمية مشاركة الجمعيات المغربية في إعداد التقرير الوطني الموازي لتقييم التقدم المحرز في تنفيذ خطة إعلان ومنهاج عمل بيجين، راجع لكون المجتمع المدني يعمل في الميدان وهو على دراية جيدة بواقع النساء والفتيات، ويدرك مكامن الخلل الحقيقية، لافتةً إلى أنه "مازال هناك استمرار لوجود فجوات نوعية كبيرة بين الرجال والنساء رغم نضال المرأة المغربية والانجازات التي حققتها، فما لا يزال الطريق طويلاً لتحقيق المساواة وعدم التمييز للمرأة".

وتابعت "كان لابد من البحث والرصد والتوثيق لهذه الإشكاليات وما يترتب عليها من آثار لإيجاد الآليات المقترحة في محاولة جادة أن نطرحها على الرأي العام وصناع القرار والترافع على المستوى الدولي، للمساهمة في إيجاد حلول تقودنا إلى تحسين وضع النساء المغربيات".

وأوضحت أن التقرير تم فيه استعراض خمسة محاور منها سوق العمل والفقر وعلاقته بالنساء، لافتة إلى أن إشكالية التسرب المدرسي في صفوف الفتيات يتزايد رغم كل الجهود المبذولة "العديد من الفتيات يحرمن من حقوقهن في الدراسة مما يبقيهن في أسفل السلم الاجتماعي".

وبينت آمال الأمين أن التعليم هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن تخرجهن من الفقر وتغير وضعهن الاجتماعي للأفضل "إذا لم يتم العمل على برامج تمكن الفتيات من الدراسة، وإلغاء زواج القاصرات، فلن يتمكنوا من تحسين واقع النساء خاصة في القرى".

ولفتت إلى أن زواج القاصرات، يجعل مستقبلهن دائماً في وضع هشاشة وفقر، وقد يدفع بهن إلى العمل في القطاع غير المهيكل كعاملات فلاحات "نعلم أن هذا القطاع لا تتوفر فيه قواعد الحماية الاجتماعية للنساء، فعملهن يكون في القرى ويتم وفق أعراف خارج القوانين، إذ يتم نقلهن في مركبات غير آمنة ويخضعن لسوء المعاملة والتحرش والعنف المادي والمعنوي".

وأكدت آمال الأمين على أن الفجوة بين الجنسين لازالت قائمة في العديد من المجالات، خاصة في المناطق القروية والمهمشة، والذي يستدعي تدخلات أكثر فعالية، لافتة إلى أن ضعف التنفيذ الفعلي للقوانين والتشريعات على الرغم من وجودها، يؤثر على تحقيق الأهداف المرسومة.

وشددت على ضرورة تعزيز التمكين الاقتصادي للنساء لضمان حقوقهن وحمايتهن، من خلال تحسين فرص وصولهن إلى التمويل والمشاريع الاستثمارية وتحسين بيئة عمل لهن، وهو ما يجب أن يوازيه عمل الحكومة على تحسين البنية الاجتماعية، بما في ذلك التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية لضمان توفير خدمات ذات جودة للمواطنين تراعي النوع الاجتماعي.

وفي ختام حديثها طالبت آمال الأمين بسن سياسات تضمن تقليص الفجوة بين الجنسين، خاصة في المناطق الريفية، من خلال تعزيز التعليم والتدريب المهني للنساء وتحسين فرصهن في سوق العمل وضمان تمتعهن بحقوقهن كاملة، لأن تنمية المجتمع رهين بتحسين وضع النساء.