تونس... تضييق الخناق على الصحفيات وتشديد الرقابة

تعمل الصحفيات في تونس ضمن جو مشحون لا يعطيهن الحرية في تناول القضايا، كونهن تتعرضن لكافة أشكال العنف منها العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف السيبراني، فضلاً عن العنف القضائي الذي يمارس ضدهن لمجرد إبداء آرائهن في القضايا السياسية.

زهور المشرقي

تونس ـ تستمر مخاوف نقابة الصحفيين التونسيين ومن ورائها الصحفيين من تواصل ارتداد حرية الصحافة والمسّ بأبناء القطاع وذلك عبر التضييق على عملهم وتشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي لتخويفهم وإثنائهم عن العمل في جو ديمقراطي حر، ولأن حرية الصحافة أبرز مكاسب الثورة التونسية تصرّ النقابة على المقاومة ومواجهة كل من يحاول وضع يده على القطاع.

أمام من يحاول ضرب حرية الصحافة كانت الصحفيات من المستهدفات وقد مثلت الصحفية منية العرفاوي أكثر من مرة أمام القضاء بسبب تدوينة عبر حسابها على مواقع التواصل الاجتماعي انتقدت فيها وزير الشؤون الدينية، ومؤخراً تعرضت الصحفية في إذاعة "المنستير" أسماء البكوش للهرسلة من قبل المكلف بتسيير مؤسسة الإذاعة التونسية والمطالبة باستجوابها، وذلك على خلفية تدوينة عبر صفحتها الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي دافعت فيها عن استقلالية المرفق العمومي، وكشفت تجاوزات والي مدينة المنستير وتمسكت بأخلاقيات المهنة الصحفية.

وتدعو الصحفيات اللواتي تعملن في ظروف صعبة إلى حمايتهن من الهرسلة والمضايقات أثناء القيام بعملهن وحتى عند نشر تدوينات ومقالات تنتقد السلطة بمن فيها انتقاداً أكاديمياً.

وقالت لوكالتنا عضو نقابة الصحفيين التونسيين أميرة محمد، إنه نظراً إلى أن السياق العام فيه اعتداء على حرية الصحافة كانت الصحفيات في صدارة المعتدى عليهن في قطاع تفوق فيه نسبة الصحفيات على الصحفيين ونسبة الاعتداءات عليهن أيضاً أعلى، وخاصة تلك التجاوزات المؤسسة على أساس النوع الاجتماعي وليس على أساس المهنة أو عمل تقوم به الصحفية.

وأشارت إلى أن الموقف ذاته قد يتداول بين الجنسين لكن يكون وقعه على الصحفيات أقوى، ويتم على أساسه التهجم عليهن وتخويفهن وترهيبهن لإسكاتهن بطرق مختلفة، لافتةً إلى أن الاعتداءات تتوزع بين اعتداءات اجتماعية واقتصادية "الصحفية تعاقب حين تحمل وتنجب لتحرم من حقوقها كاملاً، فضلاً عن المضايقات في عملها والتي قد تصل أحياناً إلى التخلي عن العمل".

وتطرقت إلى الاعتداءات التي تمارس بحق الصحفية في الاحتجاجات من قبل مختلف الأطراف سواءً لفظياً على أساس النوع الاجتماعي أو ممارسة العنف السيبراني في مواقع التواصل الاجتماعي ضدها "كلما أبدت صحفية رأيها في مسألة خاصة سياسية ولم يعجب جهة ما، يتم تشويهها وتنتهك معطياتها الشخصية بطرق غير أخلاقية وغير قانونية في انتهاك صارخ لأخلاقيات المهنة والقوانين، وقد بلغ الأمر إلى حد تهديد الصحفيات بأبنائهن، في محاولة لتخويفهن وإبعادهن عن العمل".

وأضافت "هناك العنف القضائي الذي يمارس ضد الصحفيات اللواتي تعملن في الميدان وتبدين آرائهن في مختلف القضايا لتجدن أنفسهن ملاحقات قضائياً بسبب تدوينات أو مقالات صحفية وعلى خلفية مواقف تعبرن عنها في صفحاتهن الخاصة على غرار ما تتعرض له الصحفية منية العرفاوي منذ أشهر من تنكيل في أربع شكاوى".

ويتم الاعتداء على العديد من الصحفيات المسجلات بالنقابة بطرق مختلفة ضمن مسار رافض لحرية الإعلام ومعرقل للصحافة ووضع متأزم يتفاقم يوماً بعد آخر.

 

 

وحول الاعتداءات التي تتعرض لها الصحفيات بشكل يومي في عملهن، أكدت الصحفية الميدانية زينة البكري أن وتيرة العنف ضد الصحفيات تتضاعف بشكل لافت سواءً أثناء أداء عملهن أو خارج نطاقه، مضيفةً "باتت الصحفيات مستهدفات إلكترونياً أيضاً من قبل عامة الناس، وحتى السلطة فإن تجرأت الصحفية على نقد فعل سياسي تنهال عليها الصفحات بالسب والشتم والتهديد".

وشددت على ضرورة اتحاد الصحفيات والإعلاميات مع بعضهن البعض من أجل مجابهة تلك التهديدات والتجاوزات لا سيما وأن بعض الصحفيات تمت إحالتهن للقضاء بموجب المرسوم عدد 54، بسبب كتابة مقالات نقدية عن السلطة.

وأصدرت الحكومة التونسية المرسوم عدد 54 لعام 2022 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، في الثالث عشر من أيلول/سبتمبر العام الماضي.

وتعتقد زينة البكري أن مجابهة تهديد الصحفيات والتجاوزات التي تمسهن تأتي بالتمسك بأخلاقيات المهنة دون انحياز لأي طرف كان، والتحلي بالمسؤولية في نقل الخبر والاستقلالية وروح المثابرة من أجل مقاومة المحرضين ضد حرية الصحافة والإعلام.