المرأة في إدلب... بين القوانين الظالمة والتقاليد الراسخة
تعاني المرأة في إدلب من إجحاف وتمييز في القوانين والأحوال الشخصية، مما يحرمها حقوقها الأساسية، حيث أظهرت هذه القوانين تمييزاً في التعامل مع قضايا المرأة جعلها تواجه صعوبات في الحصول على حقوقها المتعلقة بالزواج والطلاق، وحضانة الأطفال.
هديل العمر
إدلب ـ تُعد القوانين الحالية في المنطقة انعكاساً للواقع الاجتماعي والثقافي، وتلعب التقاليد والأعراف دوراً كبيراً في تحديد مكانة المرأة، كما أن غياب الأنظمة القانونية والرقابة الفعالة تحت سلطة الأمر الواقع يزيد من تفشي هذه الممارسات، مما يؤثر سلباً على حياة النساء وعائلاتهن.
تُظهر شهادات نساء محليات كيف أن هذه القوانين تقيد حريتهن، وتجعلهن عرضة للإساءة والتمييز، في الوقت الذي تدعو فيه العديد من المنظمات الحقوقية إلى إجراء تغييرات قانونية تهدف إلى تعزيز حقوق النساء، ولكن التنفيذ يظل تحدياً كبيراً في ظل الظروف الراهنة.
وقالت سارة الدودي "أشعر أنني أسيرة لقوانين لا تعترف بإنسانيتي، عندما قررت الانفصال عن زوجي، واجهت صعوبة في الحصول على الطلاق، وكان علي التنازل عن كل حقوقي لأحصل عليه"، مضيفةً "فقدت أيضاً حضانة أطفالي بسبب قوانين لا تراعي مصلحتهم، القانون يفضل دائماً الأب، حتى في حالات الإساءة، أشعر بالضعف عندما أرى أبنائي بعيدين عني، بينما ليس هناك قانون لمساعدتي".
أما ليلى العويص وهي في العقد الثاني من عمرها، فقد تعرضت لضغوط كبيرة من عائلتها للزواج من شخص لا تريده وهي في سن الخامسة عشرة، وعانت الكثير من عواقب هذا الزواج التقليدي القسري، وتقول "القوانين هنا تفرض علينا أن نكون مجرد أدوات لتحقيق رغبات الآخرين، أحلم بأن يأتي يوم يمكن للفتيات فيه اختيار شريك حياتهن بحرية وبلا قيود مجتمعية وأسرية".
وأضافت "عندما كنت أواجه مشاكل مع زوجي، لا أستطيع اللجوء إلى القانون لحمايتي، في كثير من الأحيان، يتم تجاهل قضايا العنف الأسري، وأشعر أنني محاصرة في دائرة مفرغة من الخوف والظلم".
حين توفي زوج ليلى العويص في الحرب، كانت تتوقع أن تتمكن من إدارة أمورها وأمور أطفالها بحرية، لكن القوانين منعتها من الحصول على الميراث الذي انتقل لأهل زوجها ريثما يكبر الأولاد ويتمكنوا من الحصول على إرثهم، وهو ما أجبرها على الاستمرار في الاعتماد على الآخرين.
وأشارت إلى أن المرأة في إدلب تعتبر دائماً في المرتبة الثانية، ويطلب منها الحصول على إذن من الزوج أو ولي الأمر حتى تستطيع اتخاذ أي قرارات بشأن حياتها، وكأنها لا تملك أي قيمة أو استقلالية.
من جهتها تسرد نور حريتاني 34 عاماً معاناتها من القوانين والتقاليد، وتقول "كنت موظفة في أحد المراكز الصحية، لكن بمجرد أن تزوجت، تم إخباري أنه يجب أن أترك عملي لأن زوجي لا يوافق أن أعمل، هذه الممارسات تجعلني أشعر أنني لا أملك أي حق في حياتي".
وتابعت "عندما أنجبت طفلي، كنت أظن أنني سأكون قادرة على اتخاذ قرارات بشأن حياته وتسميته على الأقل، لكنني اكتشفت أن كل شيء يتطلب موافقة والده، شعرت بالعجز، وبدأت أرى كيف تنتزع حقوق الأم تحت ذريعة التقاليد والقانون".
وطالبت نور حريتاني المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بتقديم دعم أكبر للنساء، موضحةً أنها تريد أن تكون صوتاً للتغيير، لكن في ظل الظروف الحالية، يبدو أن جهودها تذهب سدى، فهي بحاجة إلى من يسمع صوتها ويحترم حقوقها.
وتعكس تجارب النساء في إدلب واقعاً مؤلماً مليئاً بالتحديات والمعاناة نتيجة القوانين والأعراف الاجتماعية، وعلى الرغم من الأمل الذي تحمله النساء في تغيير واقعهن، فإن الحاجة إلى دعم حقيقي ومؤثر تبقى ملحة، ويتطلب الأمر تضافر الجهود من المجتمع المحلي والدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، للتصدي للتمييز وتمكين النساء من استعادة حقوقهن الأساسية وتحطيم القيود والعيش بكرامة وحرية بعيداً عن الظلم والاضطهاد.