نتائج كارثية لتغير المناخ والنساء أكثر تأثراً

اضطرابات في مناخ الأرض وارتفاع بدرجات الحرارة، وصولاً إلى الأعاصير والفيضانات، وحتى زوال مدن وبلدان

كارولين بزي
بيروت ـ ، مظاهر سيعتاد عليها الإنسان في حال لم يحد من مخاطر التغير المناخي الذي يساهم فيه النشاط البشري بشدة، وذلك عبر عوامل عدة منها على صعيد الدول وأخرى فردية.  
 
"التغير المناخي أكبر التحديات العالمية"
تعتبر الصحافية المتخصصة بالشأن البيئي سوزان أبو سعيد أن التغير المناخي هو واحد من أكبر التحديات العالمية في القرن الحادي والعشرين، وتقول لوكالتنا "التغير المناخي ناتج بغالبيته عن نشاطات بشرية، إلى جانب أسباب طبيعية مثل البراكين والنشاط الشمسي وغيره، ولكن يمكننا أن نعتبر أن أكثر من 90% من التغير المناخي ناتج عن النشاطات البشرية مثل توليد الطاقة، ووسائل النقل، والصناعات الثقيلة، والنزاعات والحروب وغيرها، وقد بدأ التغير المناخي منذ الثورة الصناعية حتى تاريخ اليوم وهو يساهم بارتفاع درجة حرارة الأرض".
وتابعت حول دور الإنسان في تأزيم الوضع البيئي "كان هناك تشكيك في السابق بالدور البشري ولكن التقرير السادس للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الـ IPCC، أثبت بما لا لبس فيه دور النشاط البشري في التغير المناخي. كما دق التقرير ناقوس الخطر ووجه إنذاراً للبشرية بوجوب تغيير طرق التعامل مع التغير المناخي وإلا سنواجه ظواهر مناخية أكثر تواتراً وأكثر شدة على البشرية وعلى الأرض، وهذا ما بدأنا نلمسه في عدة مناطق من العالم. مثلاً: تسجيل درجات حرارة مرتفعة في بعض دول العالم لم نلمسها سابقاً، زيادة نسبة الحرائق، كما تجاوزت درجة الحرارة في بعض المناطق في الكويت والعراق الخمسين درجة مئوية، ويتخوف العلماء من أن تصبح بعض مناطق الشرق الأوسط في العام 2050 غير قابلة للسكن". 
وتضيف "أصبحنا نلحظ أعاصير وعواصف بشكل رهيب تؤدي إلى ذوبان الصفائح الجليدية وارتفاع معدلات المياه، كما أطلق مؤتمر التغير المناخي الأخير في غلاسكو صرخة، وحذر من أن هناك دولاً ستزول عن الخريطة، وهذا يمكن أن يشكّل وبالاً على البشرية ويولّد ما يسمى لاجئي مناخ، وإذا لم تتوصل الدول التي اجتمعت في غلاسكو إلى حلول أو تعهدات وطنية أكثر طموحاً، سنكون أمام نتائج كارثية".    
 
"النساء أكثر تأثراً بالتغير المناخي" 
وتشير سوزان أبو سعيد إلى أن للتغير المناخي تأثير على كل البشر ولاسيما النساء، وتوضح "يختلف تأثير التغير المناخي على المرأة باختلاف المناطق والجيل والعمر والطبقة والدخل، كما وجد التقرير السادس الآنف الذكر أن الأشخاص الأكثر ضعفاً وتهميشاً هم أكثر من سيواجه تغير المناخ، منهم النساء والفقراء وهم بحاجة إلى استراتيجيات للتكيف مع مواجهة تقلبات المناخ".
وتلفت إلى عدة عوامل تجعل النساء أكثر عرضةً من غيرهن للتأثر بتغير المناخ، "النساء أكثر عرضة بسبب عدة عوامل منها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بحسب الاحصائيات هناك 70 % من النساء من نحو 1.3 مليار شخص يعيشون تحت خط الفقر، وتقود 40% من النساء في المناطق الحضرية أسرها، كما أنهن المسؤولات عن انتاج الغذاء في العالم بنسبة ما بين 50 إلى 80% بالمقابل يملكن أقل من 10 % من الأرض". وتضيف "في العديد من المجتمعات تمنع الأعراف الاجتماعية والثقافية النساء من الهجرة أو البحث عن ملجأ في أماكن أخرى أو العمل عند وقوع كارثة. من المرجح أن يضع مثل هذا الأمر عبئاً أكبر على النساء، مثل السفر لفترة أطول للحصول على مياه الشرب والحطب للوقود. تعاني النساء في العديد من البلدان النامية من عدم المساواة بين الجنسين فيما يتعلق بحقوق الإنسان والوضع السياسي والاقتصادي وملكية الأراضي وظروف السكن والتعرض للعنف والتعليم والصحة، وبالتالي سيكون تغير المناخ عامل ضغط إضافي من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم ضعف المرأة".
أما عن الحلول لتجنب مخاطر تغير المناخ، فتقول "هذا هو محور قمة التغير المناخي التي عقدت في غلاسكو، الحلول المرجوة صعبة جداً، فقبل انعقاد قمة التغير المناخي، عقدت قمة العشرين وأصدرت قرارات وكان هناك تباين في تقييمها ولكنها بالمجمل لم تف بالطموحات، إذ تعتبر القرارات التي وُضعت بمثابة مقدمة لكن العبرة بالتنفيذ، وأما هدف مؤتمر غلاسكو هو تنفيذ مقررات مؤتمر باريس".
 
"البيئة ليست كماليات وكل فرد مسؤول"
عن دور الأفراد والدول لمكافحة هذه الظاهرة، تبين سوزان أبو سعيد "أعتقد أن كل شخص منا مسؤول، فالبعض ينظر إلى البيئة ككماليات ويعتبرون أن الأزمات الاقتصادية أشد خطراً ربما، ولكن فعلياً جميعنا مسؤولون وكل الحلول البيئية المستدامة مثل التدوير وكيفية التعامل مع النفايات وغيرها، لها تأثير إيجابي على المدى البعيد". 
فيما يتعلق بقمة التغير المناخي COP26، تشير إلى أنها مرآة لتنفيذ مقررات مؤتمر باريس، وتوضح "المقررات التي توصل إليها مؤتمر باريس للمناخ تاريخية، إن كان في محاولة للتوصل إلى الإبقاء على ظاهرة الاحتباس الحراري عند مستوى 1.5 درجة مئوية وهي نقطة تاريخية، وهو ما اتفق عليه المجتمعون في غلاسكو أيضاً، التعامل مع الكربون وعدة قرارات أخرى مثل التعهدات الدولية بالتخفيف. وجاء مؤتمر COP26 الذي كما ذكرنا هو مرآة لتنفيذ مقررات مؤتمر باريس، الذي تم توقيعه في العام 2015، إلى جانب مؤتمرات أخرى تلت باريس كلها كانت تهدف إلى تنفيذ مقرراته، ولكن كلما توصلنا إلى قرار ملزم يتم استحداث عراقيل لتنفيذ القرار بالتالي لا يتم تنفيذ الطموحات المرجوة للتخفيف من تغير المناخ".
وتلفت إلى أن "أهم نقطة بغلاسكو هي الكربون والمتاجرة بالكربون، فالكربون أصبح كالعملة للتجارة، الدول الأكثر تسبباً للانبعاثات ستدفع ضريبة مضاعفة، ومحور النزاع بين الدول التي اجتمعت هو حول نسبة الضرائب التي ستدفعها الدول الغنية للدول الضعيفة التي بمعظمها في جنوب الكرة الأرضية التي تواجه متغيرات المناخ، أي أن نسبة 5 % ستدفع للدول الفقيرة أو الدول التي تعاني من تغيرات المناخ كي تواجه تغير المناخ بالطرق المستدامة عبر وقف التصحر، انحسار الغابات، اعتماد الطاقة المتجددة والطرق المستدامة الأخرى بإدارة الدولة واستجلاب الطاقة والتخلي عن الوقود الأحفوري وغيرها".
وقد انتهت محادثات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP26 في غلاسكو في اسكتلندا على ميثاق غلاسكو الذي وافق عليه 197 دولة. وتوصل المجتمعون إلى الاتفاق على الإبقاء على ظاهرة الاحتباس الحراري عند مستوى 1.5 درجة مئوية. 
خفض تدريجي من استخدام الفحم، وكذلك الإعانات المقدمة للوقود الأحفوري، وهي المرة الأولى التي يتم فيها ذكر الوقود الأحفوري مع الاعتراف بالحد من استخدام الفحم والوقود الأحفوري.
لكن تستمر الدول الغنية في تجاهل مسؤوليتها التاريخية في دفع تعويضات للدول الضعيفة الأكثر تضرراً بالتغير المناخي. واتفق المجتمعون على اتفاق بشأن المناهج السوقية وغير السوقية لتجارة الكربون.   
وتعليقاً على ما توصل إليه مؤتمر "غلاسكو"، تعتبر سوزان أبو سعيد بأن ما توصلت إليه محادثات مؤتمر غلاسكو مخيبة للآمال.