مبيد الدورسبان... من أبرز أسباب انتشار السرطان
بينت الباحثة سهر النجار أنه من خلال اطلاعها على عدة نتائج تم الربط بين ظهور سرطان الدم بنسبة كبيرة في مناطق قطاع غزة الزراعية، وبين استخدام المبيدات الحشرية.
رفيف اسليم
غزة ـ كشفت سهر النجار خلال دراسة أجرتها مؤخراً عن أحد أهم أسباب انتشار مرض السرطان في قطاع غزة، وهو استخدام مادة الدورسبان عالية السمية بشكل مفرط خلال إنتاج المزروعات وخاصةً البندورة، علماً أن هذه المادة محظور استخدامها دولياً، ولكنها تستعمل في ظل عدم وجود رقابة.
قالت الباحثة سهر النجار لوكالتنا، أنها لاحظت ازدياد حالات السرطان بشكل مبالغ فيه في قطاع غزة مما دفعها للربط ما بين تنامي تلك الأعداد واستخدام المبيدات الحشرية بالأراضي الزراعية الممتدة في محافظة خانيونس بقطاع غزة، خاصةً أن هناك نسبة كبيرة من المزارعين مصابين بالسرطان والفشل الكلوي.
وأشارت إلى أنها قامت في البداية بالاستفسار عن نوع المبيد الحشري المستخدم في تسميد المزروعات، لتفاجئ بذكر اسم مبيد الدورسبان لدى غالبيتهم، موضحةً أنه مبيد حشري يستخدم للقضاء على الحشرات كالمن والديدان في الثمار وتبلغ فترة الأمان الخاصة باستخدامه 20 يوماً، أي لا يجوز قطف الثمار قبل تلك المدة.
وأضافت أن المشكلة تكمن تحديداً في جني المزارعين للمحصول قبل انتهاء فترة الأمان وتوريد المحصول للأسواق التي تصل بدورها للمستهلك مباشرةً مما ينتج عنه التسمم الفوري، فيما يتعرض المزارع للتسمم المزمن أي تلقيه لكميات متفاوتة على فترات مختلفة من المبيد الحشري المستخدم.
ولفتت سهر النجار إلى أن وزارة الزراعة في قطاع غزة أنكرت استخدام الدورسبان خلال عملية التسميد، بالرغم من تأكيد نتائج الفحوصات وجود نسبة من ذلك السماد على ثمار الطماطم التي تم جمعها من مناطق مختلفة بالقطاع، خاصةً المناطق الشمالية كبيت لاهيا وبيت حانون بنسبة ما بين 1.2 ـ 5.5% وهي خلاف النسبة التي أوصت بها هيئة الدستور الغذائي والبالغة 0.01% فقط.
ونوهت إلى أن عدم وجود نسبة من مبيد الدورسبان في مناطق الجنوب والوسطى لا يعني عدم استخدام المزارعين لذلك المبيد، بل من الممكن أن تكون الثمار قد نقلت من مكان لآخر، مشيرةً إلى أن تلك النتائج قد حصلت عليها بعد فحصها في مختبرات مختصة مروراً بإجراءات معقدة ومتكررة كي يتم الحصول على نتائج دقيقة بدءاً من جمع الثمار وتقشيرها وطحنها وحفظها بدرجة حرارة -20 درجة سيليزية، وصولاً للتعامل مع عدة أجهزة.
ويواجه المزارعون مشكلة في الوقاية نتيجة عدم تلقيهم التثقيف الملائم كما أوضحت سهر النجار، فعند استخدام المبيدات الكيميائية يلزم المزارع باستخدام الكمية المحددة مع ارتداء اللباس الواقي الذي يضمن تغطية كافة أجزاء الجسم مع القفازات، مضيفةً أنه يجب التخلص من تلك المستلزمات فور الانتهاء، والاستحمام بشكل جيد لتقليل نسبة الإصابة بين المزارعين/ات.
وبينت أنه خلال اطلاعها على عدة نتائج تم الربط بين ظهور سرطان الدم بنسبة كبيرة لدى سكان مناطق شمال وجنوب قطاع غزة الزراعية، وبين استخدام المبيدات الحشرية وفق ما صرح به مستشفى الرنتيسي للأطفال، لافتةً إلى أن دراسة أخرى للباحثة ناريمان جبر أكدت أن تلك السموم تكون في حليب الأم ليتلقاها الطفل وهذا ما يفسر إصابة أطفال لا تتجاوز أعمارهم الثلاث سنوات وربما أقل بالسرطان.
وأضافت سهر النجار أنه يمكن الاستغناء عن ذلك المبيد عبر استخدام المبيدات العضوية الآمنة التي تعتبر فعاليتها أقل بإنضاج الثمار، وذلك الأمر الذي لن يقتنع به المزارع لذلك يجب أن تفرض وزارة الزراعة في قطاع غزة الرقابة الصارمة على كافة المزارعين ومراقبة العينات التي تطرح في الأسواق صباح كل يوم لمعاقبة مرتكبي المخالفات وردعهم في سبيل الحفاظ على الأمن الغذائي للسكان.
وأشارت إلى أنه يجب استكمال تلك الإجراءات بتوعية السكان المحيطين بالأراضي الزراعية وضرورة حماية أنفسهم وأطفالهم من الرذاذ المشبع بالسموم والذي قد يحمله الهواء لهم، منوهةً إلى أنه على ربات البيوت عدم استخدام الثمار فور وصولها من الأسواق بل نقعها في محلول ملحي لمدة 20 دقيقة أو تقشير الفاكهة والخضار وغليها للحصول على نتائج آمنة على الصحة.
وبحسب وزارة الصحة، فإن عدد مرضى السرطان في قطاع غزة يقدر بنحو 14 ألف مريض يشكل الرجال بنسبة 47% منهم، والنساء 35%، ويحتل سرطان الثدي المرتبة الأولى بين السرطانات التي تصاب بها النساء حيث يمثل بنسبة 32.2%، بينما يعتبر سرطان القولون الأكثر شيوعاً بين الرجال حيث تمثل نسبته 13.2%.
ويعاني مرضى السرطان عموماً في قطاع غزة بحسب تقرير صادر عن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، من النقص الشديد في الأدوية المخصصة لعلاجهم، وتتجاوز نسبة العجز فيها الـ 50% من قائمة الأدوية الأساسية، كما تبلغ نسبة العجز في المستلزمات الطبية المخصصة لعلاج مرضى السرطان في مشافي القطاع 40%، فلا تتوفر الأجهزة المستخدمة في العلاج الإشعاعي، وأجهزة التشخيص والفحوصات منها التصوير المقطعي، ومسح الغدة الدرقية.