للتقليل من التلوث البيئي... شابة تعيد استخدام الأقراص المدمجة

تمكنت شابة من تحويل أحد أشكال النفايات الإلكترونية صعبة التدوير إلى لوحات فنية تناقش من خلالها قضايا مجتمعية كما ساهمت في الحد من تلوث البيئة وتكدس النفايات.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ تمكنت الشابة تيا قائدبيه من المساهمة في التقليل من كمية النفايات من خلال تحويل الأقراص المدمجة التي أصبحت بلا فائدة، إلى لوحات فنية تصور قضايا مجتمعية.

تشكل النفايات الإلكترونية نسبة تصل إلى 3% من الحجم الكلي للنفايات في العالم، ومن الصعب تحللها بسهولة، حيث يقدر أن العالم ينتج ما بين 50 و60 مليون طن منها، إلا أن الخطر هو ما تشكله هذه النفايات على الصحة العامة، لما تحتويه من مواد سامة مثل الرصاص والكادميوم والبريليوم، وعند تعرض هذه المواد لأشعة الشمس ولا سيما الأشعة فوق البنفسجية تصل هذه المواد إلى الجو وتلوث التربة والمياه.

وتشكل عملية تدويرها تحدياً للحكومات والمجتمعات، كونها عملية معقدة لاستخلاص المعادن الثمينة منها، وهو اتجاه بدأت تتبناه مؤسسات ومبادرات عدة في مختلف الدول، ومعدل ما يتم تدويره يصل إلى 17.4%، كما وأن عملية إعادة تدوير هذه النفايات تخفف من استنزاف المعادن الطبيعية المستخدمة فيها ومنها الذهب والنحاس والفضة والبلاتين والكوبالت والزينك وغيرها.

إلا أن الأقراص المدمجة التي كانت رائجة قبل سنوات، يحتوي معظمها على مادة البلاستيك، الذي لا يشكل أولوية اقتصادية في التدوير، إلا أن الطالبة في الثانوية العامة تيا قائدبيه البالغة من العمر 17 عاماً، وجدت أن عملية إعادة الاستخدام المبتكر لهذه الأقراص، لا يشكل فرصة للتعبير عن نفسها فنياً فحسب، بل يشكل فرصة للتقليل من المخاطر التي تهدد البيئة، وقالت "أرسم منذ كنت صغيرة إلا أنني لم أفكر في دراسة الرسم والفنون، لكن وجدت أن هناك آفاق واسعة أمامي أبعد مما أقوم به أو أنجزه من أعمال، لذلك بدأت التفكير بجدية في التوجه إلى الدراسة الأكاديمية في مجالات الفنون".

وعن كيفية تبلور فكرة الرسم على الأقراص المدمجة أوضحت "وجدت أن في كل بيت توجد كميات كبيرة من الأقراص المدمجة، كما هو حال في بيتي حيث كانت لدينا حقيبة مليئة بهذه الأقراص التي لم تعد هناك حاجة إليها ومع التطور التكنولوجي والاستعاضة عنها بتقنيات حديثة مبتكرة مثل الـ USB واليوتيوب، وبمتابعة بعض المواقع إلكترونية خطرت في ذهني هذه الفكرة، وكان الهدف الأساسي الاستفادة منها بدلاً من رميها وتلويث البيئة بها، خصوصاً أنني منذ الصغر تربيت في المنزل على حماية الطبيعة وثقافة إعادة التدوير والاهتمام بالبيئة، لكن لم تكن لدي فكرة حول مدى إمكانية تدوير المخلفات الإلكترونية، ومع البحث المستمر وجدت أن هناك إمكانية لإعادة استعمالها وتحويلها من مخلفات إلى لوحات فنية".

وأضافت "هناك ثلاث مراحل في مجال هذا العمل، أولا أبدأ برسم الخلفية، وثانياً الرسم وثالثاً أقوم بطلاء اللوحة بمادة عازلة لإكساب اللوحة لمعاناً يضفي جمالاً ويحافظ على الرسومات من تأثيرات عوامل الزمن، وأعمل في هذا المجال منذ نحو سنتين وأنجزت حتى الآن أكثر من ألف لوحة، قمت ببيع 65% منها عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو بالتعاون مع مبادرات بيئية، حيث أقوم بتصميم الرموز والشعارات (اللوغوهات) وفقاً للطلب، وأتلقى عروضا لإنجاز رسوم خاصة على الهدايا، والمعرض الذي أحضر له خلال هذه الفترة معرض يقام بمناسبة عيد الفصح وبمناسبة حلول فصل الربيع، وسيقام هذا المعرض في شارع "الجميزة" ببيروت، وهو ليس أول مشاركاتي فقد شاركت في أول معرض الصيف الماضي وحققت تجربتي الأولى هذه نجاحاً كبيراً وسط إقبال كبير أيضاً".

وعن المواضع التي تناقشها في لوحاتها بينت تيا قائد بيه "أسست علامة تجارية وأعمل على تسجيلها رسمياً، وأهتم حالياً بمواضيع كثيرة خصوصاً تلك التي لها علاقة بالمرأة، وعلى الأقراص المدمجة لا أرسم انطباعاتي الشخصية، هذا الأمر أتركه للرسم على الورق أو اللوحة العادية، أما الرسم على الأقراص المدمجة فهو مرتبط بالنواحي الجمالية والحروفية أي تجسيد الجمال وفق رؤية وتصور معين، وأعمل على دراسة الخطوط، لأتمكن من رسم لوحات فيها رسائل إيجابية".

ولفتت إلى أن "هذا النوع من الفنون لا أحد في لبنان ينفذه على الأقراص المدمجة، لذلك حصلت على جائزة مالية من مؤسسة نسوية تشجع الطاقات والابتكارات لتأمين فرص عمل وتمكين الفتيات والنساء، وقد رسمت لوحات تعبر عن قضايا المرأة في يومها العالمي، ولم أكن أتوقع أن تتحول هذه الهواية إلى فرصة عمل متوائمة مع توجهي لإعادة التدوير والاستدامة، وهناك أفكار عديدة في هذا المجال مثل الحقائب التي يعاد استعمالها بدلاً من الأكياس البلاستيكية التي تستخدم لمرة واحدة، وأعمل على علاقات مفاتيح من البلاستيك القاسي والمقاوم تحمل رسائل معبرة، وقد رسمت على الأحذية الرياضية وغيرها".

وعن خطواتها القادمة قالت تيا قائدبيه "هناك أفكار كثيرة أعمل عليها وعلى تنفيذها، لكن أحاول أن أعطي نفسي مجال لأتمكن من ترجمة هذه الأفكار بصورة دقيقة وشاملة أرضى عنها، وأنوي العمل على أشكال ثنائية وثلاثية الأبعاد ومن مواد عدة فهذا المجال واسع".