حرائق الغابات خطر يهدد الحياة

الحرائق جزء لا يتجزأ من نظام الحياة في الغابات كان على مدى آلاف السنين منتشراً، لكنه لم يثر المخاوف كما هو الحال الآن، وحتى الحيوانات البرية استطاعت التأقلم معه إلا أن شدته فاقت كل التوقعات.

مع ازدياد الحرائق في السنوات الأخيرة أصبحت الغابات في خطر حقيقي.
تغطي الغابات مساحة تصل إلى 10% من مساحة الكرة الأرضية منها غابات غينيا الجديدة وغابات استراليا والأمازون في البرازيل، وفي المانيا وفي الكثير من المناطق حول العالم.
أسباب الحرائق
في مواسم محددة من كل عام تندلع الحرائق في الغابات، أبرز اسبابها ارتفاع درجات الحرارة التي تصل إلى 40 درجة مئوية، الغابات تحتوي على كمية كبيرة من النباتات الجافة مما يسرع عملية الاشتعال لذلك تحتاج فرق الإطفاء لجهد كبير من أجل السيطرة عليها.
ويشهد فصل الصيف بشكل خاص ارتفاعاً شديداً في درجات الحرارة نتيجة زيادة غاز ثاني أوكسيد الكربون، ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري والمسؤول عنه بشكل أساسي الدول الصناعية الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تنتج ربع غاز ثنائي أوكسيد الكربون في العالم، وترفض التوقيع على اتفاقية المناخ كيوتو.
كذلك يساهم الإنسان بشكل أو بآخر في حرائق الغابات، لكن هذا لا يعني أن كامل المسؤولية تقع على عاتقه فالظواهر الطبيعية شريكة في هذه المأساة، كمثل الصواعق الرعدية التي تطلق الشرارة الأولى والتي ممكن أن تكون ناتجة عن تدحرج الاحجار أيضاً، إلى جانب ذلك تلعب البراكين دوراً في اشتعال الغابات.  
الملفت والغريب هو اكتشاف سبب الحرائق التي اندلعت في الغابات الأسترالية والتي وصفت بأنها أكبر الكوارث الطبيعية التي تضرب البلاد. المتسبب في الحرائق لم يكن إلا طائر الحدأة، يقوم هذا الطائر بحمل الاغصان المشتعلة ورميها في مناطق مختلفة صانعاً بؤر مشتعلة في الغابات. علماء استراليون من جامعة سيدني التقطوا فيديو للطائر وهو ينشر الحرائق وتوصلوا لهذه النتيجة.
فوائد الغابات
الغابات رئة الحياة تمتص ثنائي أوكسيد الكربون ومختلف الغازات الضارة وتطرح الأوكسجين بالمقابل، تعمل على تعديل درجة الحرارة وتمنع تدهور التربة وتآكلها وهي مصدر طبيعي للسيول والأنهار وأهم المصادر الطبيعية المتجددة الغنية بالتنوع الحيوي، كما أنها تحافظ على استقرار الجبال.
غابات الأمازون تساعد على استقرار المناخ العالمي من خلال تخزينها 90 إلى 140 مليار طن من الكربون، وتمثل الغابات المطيرة لوحدها 10% من اجمالي الكتلة الحيوية لكوكب الأرض. وتحتوي على 750 نوع من الاشجار وأكثر من 10 مليون نوع من الكائنات الحية، وهي مصدر مهم للماء العذب بحيث تعتبر مصدر لخمس كمية الماء العذب الموجود على سطح الأرض.
تدمير الحياة البرية 
من أبرز النتائج السلبية للحرائق هو تدمير الحياة البرية، ونفوق عدد كبير من الحيوانات ما يؤدي إلى انقراض أنواع محددة منها الكوالا والكنغر في استراليا وغيرها الكثير.
فيما مضى استطاعت الحيوانات البرية التأقلم مع الحرائق التي تعد حالة طبيعية في الغابات، لكن مع ازدياد المساحات المحترقة أصبحت النجاة بالنسبة للحيوانات من شبه المستحيلات.
في حرائق عام 2009م في استراليا "السبت الأسود" استطاعت حيوانات البوسوم الجرابية النجاة من خلال اختبائها في جذوع الأشجار. لكن الوضع أصبح معقداً بشكل كبير، حتى الحيوانات الناجية تعاني من نقص المواد الغذائية وتكون ضحية للآثار طويلة الأمد.  
الكنغر والكوالا الذين تتميز بهما استراليا هما الأبرز من بين الحيوانات المهددة بالانقراض، كانت المؤسسة المعنية بالحيوانات قد حذرت من أن الكوالا مهدد بالانقراض وذلك قبل الحرائق لكن يبدو أن المخاوف أصبحت حقيقية بعد نفوق اعداد كبيرة منه في الحرائق الأخيرة.
ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية أن حرائق الغابات في استراليا أدت إلى نفوق ملايين الحيوانات وصل عددها إلى نصف مليار حيوان كان منها حيوانات مهددة بالانقراض اصلاً.
لا تتوقف الأضرار على الحيوانات فالنباتات النادرة الموجودة في غابات استراليا هي ايضاً ضحية لهذه الحرائق، والأخشاب الثمينة في غابات الأمازون والتي تعد منجماً للأخشاب. 
حريق بشتيغو
هو الحريق الأول الذي سجله التاريخ كأضخم حريق في العالم. اندلع في عام 1871م في غابات ولاية ويسكونسن الأمريكية وأدى إلى فقدان عدد كبير من الضحايا يتراوح عددهم بين 1500 و2500 إنسان، ودمر 17 قرية.
حريق غابة الأمازون في البرازيل
كان حريق غابة الأمازون في عام 2019م صادماً، أدى إلى تدمير سبعة مليون هكتار من الأراضي. 
اندلع حوالي 74.155 حريق في البرازيل أكثر من نصف هذا العدد اندلع في الغابات المطيرة السد المنيع في وجه الاحتباس الحراري. كان لغابات ولاية أمازون المطيرة النصيب الأكبر من الحرائق حيث بلغ عددها 39194 حريقاً مما حذا بالحكومة البرازيلية اعلان حالة الطوارئ في آب/أغسطس، وأثار الحريق قلقاً دولياً حول مصير الغابة الأهم في العالم، والتي تلعب دوراً كبيراً في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري.
منذ سبعينات القرن الماضي خسرت الغابات بسبب الحرائق حوالي 20% من مساحتها، وبسبب هذه الحرائق يخسر العالم خُمس غاز الأوكسجين ونسبة كبيرة من الكربون.   
حرائق لبنان 2019
اندلعت سلسلة من الحرائق في غابات لبنان وصلت إلى حوالي 100 حريق وذلك في تشرين الأول/أكتوبر2019م، وانتشرت على مساحات واسعة وصلت حتى المناطق السكنية، ساعدها في الانتشار هبوب رياح جافة.
كان السبب الرئيسي لاندلاع الحرائق ارتفاع درجات الحرارة التي وصلت إلى 38 درجة مئوية. لم تكن لتنطفئ النيران لولا هطول الأمطار، وتقديم مساعدات ومعدات من عدة دول منها قبرص واليونان والأردن.
حرائق الغابات الأسترالية 2020
اعلنت البلاد حالة الطوارئ بعدما استمرت حرائق استراليا التي اندلعت في أيلول/سبتمبر2019م حتى العام الجديد 2020م، اعتبرت هذه الحرائق من أسوأ الكوارث الطبيعية على الإطلاق طبعاً في استراليا، كان السبب الرئيسي فيها هو ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق زادت عن 40 درجة مئوية، ساعد في انتشارها الرياح القوية التي زادت من صعوبة اخمادها، واستباقاً لأي اخطار قامت السلطات بإجلاء سكان عدة مدن، مع ذلك فقد حوالي 20 شخصاً حياتهم، من بينهم ثلاثة متطوعين من رجال الإطفاء، ودُمر أكثر من 1300 منزل في ولاية نيو ساوث ويلز. وفي ولاية فيكتوريا فقد شخصين حياتهما ودمر حوالي 43 منزلاً.
هذه الحرائق ليست الأولى في البلاد ففي شباط/فبراير عام 2009م أدت الحرائق إلى فقدان 180 شخصاً لحياتهم جميعهم من ولاية فيكتوريا وعرفت تلك الحرائق بـ "السبت الأسود".
سبل حماية الغابات 
على الإنسان اتخاذ خطوات جدية من أجل حماية الغابات من خلال الحماية الفردية وتتمثل بعدم رمي السجائر والتأكد من إطفاء النيران التي استخدمت للشواء بعد التنزه في الغابة، والتأكد من سلامة الأسلاك الكهربائية "خطوط التوتر العالي".
على الحكومات اتباع سياسات تحمي الغابات من الحرائق وخاصة الصناعية منها عدا ذلك ستكون الحرائق واقعاً مفروضاً.