المرأة في غزة بين مواجهة آثار التغير المناخي وغياب الدعم

تعمل النساء في قطاع غزة على مشاريع بسيطة وصديقة للبيئة لتوفير مصدر دخل لهن مستندات على الاقتصاد الأخضر ضمن محاولاتهن المستمرة للمحافظة على البيئة.

رفيف اسليم

غزة ـ يعاني العالم أجمع من تأثيرات التغير المناخي التي باتت تهدد نظام الحياة، وأصبح من الصعب توقع تبعياتها خلال السنوات المقبلة، لكن هل هذه التغيرات مرتبطة بالنوع الاجتماعي، وهل النساء قادرات على التأقلم مع الواقع الجديد؟

تقول الباحثة في المجال البيئي سها أبو شعبان أن الوضع البيئي في قطاع غزة مدمر بفعل الحروب المتكررة التي يشهدها، واستخدام مواد محرمة دولياً كالصواريخ والقنابل وغيرها، إضافةً إلى التغيرات القائمة مثل تلوث مياه البحر والخزان الجوفي، وشح مصادر المياه، واختلال الظروف المناخية المعتادة كالحرارة والأمطار والرياح وغيرها.

وأوضحت أن الخبراء في مجال البيئة يطالبون بالتحرك منذ سنوات لاتخاذ خطوات فعلية تحد من التعديات البيئية الخطيرة في الدول الكبرى، لكن الخوف من تلك الظاهرة اتخذ منحى جدي عندما بدأ نشوب الحرائق في الغابات بشكل مفاجئ، وذوبان الجليد بمعدلات مخيفة أدت إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، وبروز عدد من الظواهر كانجراف التربة والتصحر وغيرها.

وتعد النساء الأكثر تأثراً بالمتغيرات السابقة على حد قول سها أبو شعبان التي لفتت إلى أن قياس العلاقة بين تغير معدلات درجات الحرارة وأعداد الوفيات أظهر ازدياد أعدادهن بشكل يفوق الرجال، فيقدر عدد النازحات من الأماكن الباردة للأكثر دفئاً بنسبة 80%، وذلك بحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة، مشيرةً إلى أنه خلال السنوات الأخيرة ازداد بشكل ملحوظ إصابة النساء بأمراض الجهاز التنفسي والأزمات النفسية.

ولفتت إلى أن اقتصاد غزة المتهالك دفع ببعض الأسر المهمشة والفقيرة للعمل بشكل جماعي في الأراضي الزراعية للحصول على مصدر رزق ولو قليل.

وحول العلاقة بين تغير المناخ وزيادة العنف ضد المرأة تقول أنه في بعض الأحيان تلجأ العائلة لحرمان فتياتهن من الذهاب للمدرسة كي تعملن بالأرض، لتوفير أجر الأيدي العاملة، وفي أحيان أخرى يتم تزويجهن قصراً للتخلص من إعالتهن، بالتالي تواجه الفتاة عدة أنواع من العنف وهي التسرب المدرسي والزواج المبكر، والعنف الاقتصادي.

وبحسب سها أبو شعبان تعد فئة المزارعات الأكثر تضرراً من أثار التغير المناخي في قطاع غزة المتمثلة بارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض معدلات الأمطار وحدوث الفيضانات بفعل المنخفضات الجوية، بالتالي تدمير المزروعات، والمساس بالأمن الغذائي الذي تعتبرنه مصدر رزقهن، مشيرةً إلى أنه حل تلك المشكلة يكمن في تبني سياسات لتمكين النساء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي لمواجهة آثار التغير المناخي.

ومن ضمن تلك السياسات فتح دورات تدريبية للمرأة الريفية التي تتعامل مع الأرض والثروة الحيوانية بشكل مباشر، بل وتعتمد عليها في توفير مصدر غذائها ودخلها، لجعلها أكثر معرفة بدورة حياة المحاصيل الزراعية  تبعاً لأسس علمية كما أوضحت، مع كيفية توفير أسمدة زراعية صديقة للبيئة مستخلصة من مخلفات المنزل، واستخدام تربة مناسبة تسمى بالكمبوست يمكن الحصول عليه من تخمير البقايا النباتية كالتبن والحطب والعروش والسوق والأوراق وغيرها.

وتبعاً للمعلومات السابقة، تؤكد سها أبو شعبان أن العائلات في دول العالم الثالث ودول أخرى لن تستطيع وحدها مواجهة التحديات التي يفرضها التغيير المناخي، بالتالي المرأة وحدها لن تستطيع دفع تلك الفاتورة التي تنعكس على جميع مجالات حياتها الصحية والتعليمية والمجتمعية، والاقتصادية، لذلك يستلزم الأمر تدخل من قبل مختصين ومؤسسات المجتمع المدني لتدريب النساء حول كيفية التعامل مع تلك المتغيرات.

ولفتت إلى أن زيادة الانبعاثات في الهواء من المخلفات الدخانية السامة التي تعمل على زيادة تركيز المواد المثيرة للحساسية والأمراض وشح مصادر المياه، تسبب تراجع في الدور الإنجابي للمرأة الذي يتطلب منها أن تكون صحتها النفسية والجسدية جيدة لتأديته على أكمل وجه بالتالي يزداد احتمالية تعرضها للعنف في حال تقصيرها، مشيرةً إلى أنه يقع على عاتق تلك النساء وخاصة الأمهات أن ينقلن لأبنائهن ثقافة الحفاظ على البيئة للتقليل من السلوكيات المؤدية لتدمير المناخ.

أما عن المشاريع التي تعمل عليها النساء في قطاع غزة، تقول أن النساء في القطاع المحاصر تعملن على مشاريع بسيطة وصديقة للبيئة لتوفير مصدر دخل لهن والتي تعتمد غالبيتها على إعادة التدوير، واستخدام الورق، مستندات في مشاريعهن على الاقتصاد الأخضر الذي يبتعد ابتعاد كلي عن أي ملوثات سواء صلبة أو سائلة أو غازية، ضمن محاولاتهن المستمرة للمحافظة على البيئة.