أبرز التحديات البيئية والمناخية على هامش قمة كوب 27

نظم منتدى الصحافة العلمية سلسلة ندوات رقمية، شارك فيها صحافيون في مجال البيئة والعلوم من مختلف الدول العربية.

كارولين بزي

بيروت ـ بالتزامن مع انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 27 في شرم الشيخ بمصر، شاركت كل من لبنان واليمن وتونس ومصر في ندوة نظمها منتدى الصحافة العلمية بالتنسيق مع الشبكة العربية للصحافة العلمية، تحت عنوان "ما هي أبرز التحديات البيئية والمناخية وما هو رأي الصحافيين فيما يقوله العلماء؟".

 

"جدل حول ما يقوله العلماء"

"ما هي أبرز التحديات البيئية والمناخية وما هو رأي الصحافيين فيما يقوله العلماء؟"، تحت هذا العنوان، شاركت الصحفية اللبنانية المتخصصة في الشأن البيئي سارة مطر في الندوة الرقمية وأطلعت وكالتنا على أبرز ما تم التطرق إليه خلال الندوة التي تزامن انعقادها مع انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ كوب 27 في شرم الشيخ في مصر.

وقالت سارة مطر أنه "تم التطرق إلى موضوع الأبحاث العلمية وهل يحق لنا كصحفيين أن نشكك بالأبحاث العلمية لاسيما تلك الصادرة عن مراكز أبحاث علمية موثوقة أو جامعات ذات مصداقية، وأثار الموضوع جدلاً واسعاً بين الصحفيين وانقسمت الآراء بين مؤيدٍ لموضوع التشكيك ومنهم من رفض".

وأوضحت "يتركز دورنا كصحفيين في البحث عن الحقيقة، وأن نشكك لنصل إلى وجهة النظر الأقرب إلى الصواب، لأن البحث العلمي أحياناً يكون مسيساً مثل أي قضية أخرى في هذا العالم. انطلقنا من هذه المقاربة وتم ربطها بموضوع تغير المناخ".

وعادت سارة مطر إلى وقت سابق حيث أثار تغير المناخ في العالم انقسامات بين من يعتقد بنظرية التغير المناخي وبين رافضٍ لهذا الموضوع تماماً، وقالت "شهد الحديث في البداية عن تغير المناخ جدلاً واسعاً بين من لا يثق بأن هناك تغير مناخي وبين من اتبع النظرية العلمية التي أكدت وجود التغير المناخي، وهو ما وصلنا إليه اليوم ونشهده من خلال موجات الحرارة المرتفعة والجفاف والفيضانات، وذلك وسط الأزمات الراهنة التي تزيد التحديات منها الحرب الأوكرانية - الروسية، أزمة الأمن الغذائي، أزمة الفيول والغاز الطبيعي وغيرها من الأزمات".

وعن أكثر الدول التي تعاني وتدفع ثمناً لتلك الأزمات وأوضحت "الدول النامية أو الفقيرة تدفع الثمن الأكبر بسبب الملوثات التي تنتجها الدول الغنية والمتقدمة، هذا ما دفعنا للحديث عن تغير المناخ وبأن هذا الموضوع جدّي ويهدد المستقبل القريب"، مشددة على أن المسؤولية مشتركة بين الجميع.

 

"الأزمة الأوكرانية - الروسية ذريعة جديدة للدول المتقدمة"

وذكرت ما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في كوب 27 الذي حذّر بأن العالم متجه إلى جحيم مناخي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي نبّه من تداعيات التغير المناخي على مختلف دول العالم وليس على مصر فقط، وأكد بأن هذه القمة ستكون قمة أفعال لا أقوال.

ولفتت إلى أن القمم السابقة كانت بمثابة إعلان تعهدات فقط ولم تخطو خطوات جدية نحو التنفيذ، مشددةً على ضرورة اتخاذ خطوات جدية والالتزام بكل التعهدات التي قطعتها الدول الكبرى، وأن تدفع تعويضات عن الأضرار التي تسببت بها للدول الفقيرة.

واعتبرت سارة مطر بأن "الدول الكبرى في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية أصبح لديها ذريعة أكبر بعدم الالتزام بدفع تعويضات، بحجة أنها تعاني من أزمة غاز ونفط، وبأنهم يتجهون نحو أولويات أخرى عبر تأمين التدفئة والوقود وغير ذلك لشعوبهم، وبالتالي هي حجة أخرى للتنصل من الالتزامات والواجبات".

وأشارت إلى أن قمة المناخ في كل عام كانت تدعو إلى التوجه إلى الاقتصاد الأخضر "لو بالفعل سرنا في هذا التحول التدريجي والانتقال العادل والآمن إلى الاقتصاد الأخضر وإنتاج الطاقة النظيفة، لما وصلنا إلى هذا الواقع الذي يهدد مستقبلنا القريب".

وأكدت بأن "هذه الخطوات لا يجب أن تبقى مجرد شعارات"، مشددةً على "ضرورة أن نتجه اليوم فعلياً نحو اقتصاد أخضر وإنتاج طاقة بديلة، عبر مروحة خيارات إن كان عبر الرياح أو المياه"، واستشهدت بـ "لبنان الذي اتجه نحو الطاقة الشمسية بسبب أزمة الكهرباء، التي كان انعكاسها إيجابياً على البيئة".

 

"أكبر المسببين للتلوث غير مهتمين للتغير المناخي"

ولفتت إلى أن "مصر أطلقت مبادرة استراتيجية مناخية بهدف التوجه نحو الطاقة النظيفة وتخفيف التلوث إن كان التلوث الذي تنتجه السيارات، المصانع أو المعامل، بالإضافة إلى مبادرة قبرص التي تتناول دراسة آثار وتبعات التغير المناخي. يوجد أكثر من مبادرة ولكن الأهم أن يتم الالتزام بهذه المبادرات وألا تبقى حبراً على ورق".

واستغربت سارة مطر عدم اهتمام أكبر بلدين مسببين لتغير المناخ "مثلاً الصين لم تحضر قمة كوب 27 والرئيس الأميركي جو بايدن بسبب انشغاله بالانتخابات النصفية الأميركية". وعبّرت عن أسفها، قائلةً "للأسف أكبر بلدين مسببين للتغير المناخي لا يعيران الموضوع أهمية ويتنصلان من مسؤولياتهما".

ونوهت إلى أن الدراسات والأبحاث أكدت بأن الدول المتقدمة هي المسبب الرئيسي للتلوث والتغير المناخي، والدول الفقيرة والضعيفة تدفع الثمن "هناك ثلاث مليارات إنسان مهددون بسبب تغير المناخ، لأنهم يعيشون في مناطق تتحمل تداعيات التغير المناخي".

 

"المرأة مغيبة وهي الأكثر تأثراً في مجتمعات اللجوء"

غابت المرأة عن الوفود الرسمية في قمة كوب 27 في شرم الشيخ، ربما لم يتجاوز عدد النساء اثنتين بين كل الشخصيات الرسمية التي حضرت، وتعليقاً على الموضوع قالت الصحفية المتخصصة في الشأن البيئي سارة مطر "المرأة مغيبة في أكثر من مجال وليس فقط في مجال البيئة. يعتقدون أن الوفود الرسمية هي حصراً للرجال لأن المجتمع ذكوري ويهمش دور المرأة في أكثر من مجال وخاصةً بالوفود الرسمية التي تشارك بالمفاوضات أو المؤتمرات خارج البلاد".

ولفتت إلى أهمية دور المرأة وقالت "المرأة لديها إمكانيات ودور فاعل جداً، مثلاً المرأة في لبنان ناشطة جداً في مجال البيئة، كما أنها هي الأم والمربية والمعلمة وهي التي تقوم بتوعية أولادها وتلاميذها".

وتناولت الآثار السلبية للتغير المناخي على المرأة، ولاسيما مجتمعات اللجوء، وقالت "التغير المناخي يؤثر بشكل كبير على المرأة في مجتمعات اللجوء، والمناطق النائية التي تفتقد لمقومات الصمود والحياة والعيش الكريم. أكثر من يتأثر بتغير المناخ، الفئات المهمشة وهي النساء والأطفال وكبار السن".

وشددت على أنه "يجب أن يكون هناك جهود مضاعفة حول هذا الأمر، ربما هنا دور للجمعيات النسائية التي إلى جانب متابعتها لقضايا المرأة وحقوقها، عليها أن تكون في الصفوف الأمامية في الموضوع البيئي. مثل أن تتواجد المرأة في النشاطات والصحافة البيئية والبحث العلمي البيئي، ولدينا مثال يُحتذى به وهي النائبة الدكتورة نجاة صليبا من أشهر الشخصيات التي أجرت أبحاث ودراسات حول تلوث الهواء، ما قبل النيابة وما زالت حتى اليوم تعمل في هذا المجال. نحن بحاجة للدور النسائي القيادي في موضوع البحث العلمي والبيئة".

ولفتت إلى أن عدد الصحفيين/ات المتخصصين/ات في مجال البيئة محدود جداً. مؤكدةً أن البيئة هي مسؤولية مشتركة "الإنسان أكبر مدمر للطبيعة إلى جانب التلوث الصادر عن المصانع والسيارات وغير ذلك، فنحن لا نتحلّى بسلوك بيئي وثقافة بيئية وهو ما يجب العمل عليه في المدارس والمنازل والجمعيات، وبالتالي الثقافة والسلوك البيئي يكملان سياسات الدولة البيئية التي عليها بدورها أن تتحمل مسؤوليتها".

 

"إدراج بند التعويضات على جدول أعمال القمة إيجابي"

بالعودة إلى كوب 27 وخطاب الأمين العام للأمم المتحدة الذي لم يختلف تحذيره عن القمة السابقة، ولكن شهد العالم خلال العام الحالي كوارث طبيعية كثيرة بسبب تغير المناخ، منها ارتفاع درجات الحرارة في أوروبا ولاسيما في بريطانيا التي شهدت أعلى درجات حرارة في تاريخها.

وحول تأثر الدول الأوروبية بتغير المناخ وإنه بإمكانها أن تجد حلول علمية في هذا المجال قالت "أثبتت أكثر من قمة مناخ بأن قراراتها لا تتعدى إطلاق التعهدات والالتزامات. ولكن الجديد في هذه القمة أن المندوبين الذين يمثلون دولهم في قمة تغير المناخ قرروا وضع بند تعويض الخسائر والأضرار على الجدول الرسمي لأعمال المؤتمر، وهي المرة الأولى التي تُدرج على الجدول الرسمي. في القمة الماضية، حاولت الدول المتقدمة أن تتنصل من إدراج هذا البند على الجدول الرسمي للمؤتمر، ولكن هذا العام تم إدراجها فعلاً".

واعتبرت أن "النشطاء البيئيين والباحثين العلميين يتأملون خيراً من خلال هذه الخطوة تحديداً، ولكن المطلوب تحرك جدي على أرض الواقع والتزام جدي بالتعهدات"، مثلاً "في العام 2020، كان هناك تعهد ببدء الدول المتقدمة بدفع مبلغ مئة مليار دولار سنوياً كتعويضات للدول الفقيرة، ولكن لغاية اليوم لم يتم دفع شيء للدول النامية وبقيت التعهدات حبراً على ورق".

وأضافت "من المفترض أن ما يصدر عن قمة كوب 27 أن يذهب إلى حيز التنفيذ، ولكن إذا بقيت التعهدات كسابقاتها نحن ذاهبون إلى كارثة"، مؤكدةً على أنه "هناك تحذيرات من أنه مع السياسات المتبعة أصبح معدل الاحتباس الحراري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضعف المعدل العالمي، وإذا استمرينا بهذه السياسات نحن ذاهبون إلى كارثة بيئية ومناخية".