سمر البع... أول فلسطينية تعمل في تربية النحل

رغم الاختناق الاقتصادي وتدهور الأوضاع في قطاع غزة، إلا أن المرأة الفلسطينية استطاعت أن تبدع وتبرز طاقتها في المجتمع وتصنع بكفيها باب رزق

نغم كراجة
غزة ـ ؛ ليكون مصدر دخل ومعيل لها ولعائلتها دون الوقوف مكتوفة الأيدي تساير الأحوال المتعسرة.
سمر البع (29) عاماً من مدينة غزة تقطن في بيت حانون، خريجة كلية علوم التربية من جامعة القدس المفتوحة، لم تجد أي فرصة عمل في مجال اختصاصها رغم اجتهادها وبحثها الدائم عن وظيفة تحقق بها ذاتها وتأمن دخلها، وعندما استمر بها الحال قررت أن تخرج عن المألوف وتفتتح مشروعاً بعيداً عن مجالها؛ لتخلق مصدر دخلٍ خاص بها ومستقل، تقول "لقد أتت فكرة إنشاء منحلة تبعاً لمهنة والدي الذي كان يمتلك مزرعة نحل قرب حاجز ايرز، لكن الاحتلال دمر مزرعة النحل في عام 2006 التي كانت مصدر الرزق الذي يعيلنا وتوفي والدي حينها، أكملت والدتي مسيرتها في تربيتنا واكمال دراستنا فقامت بزرع الخضار ومن ثم بيعها لتتمكن من تأمين قوتنا".
وعن الصعوبات التي واجهتها خلال مرحلة التعليم وما بعدها تقول "لقد أنهيت دراسة الثانوية العامة واتجهت للدراسة الجامعية التي أنهيتها بصعوبة نظراً لارتفاع تكاليف التعليم، واستمريت في تلقي الدورات والخبرات وقدمت طلب عمل في عدة مؤسسات حكومية على أمل أن أعمل في مجال تخصصي ولكن الأمر بات ميؤوساً منه، فقررت أن أخرج عن المألوف وأعيل نفسي وعائلتي فقمت بإنشاء منحلة على نهج مهنة والدي".
وتابعت "في البداية كانت فكرة افتتاح المنحلة صعبة بسبب عدم توفر رأس المال المطلوب لإنشائها، وبعد البحث الطويل قدمت طلب للصندوق الألماني للتنمية الدولية وهو مخصص لتقديم العون للأكاديميين لتمويل وتنفيذ مشاريعهم التجارية الصغيرة، وتفاجأت بموافقتهم على الطلب بتمويل المشروع بمبلغ قيمته 4000 يورو لأنني خريجة كلية العلوم، وبلغ عدد الذين قدموا طلبات 1300 شخص على 50 منحة من الصندوق الألماني".
بدأت سمر البع مشوار العمل عام 2018 بإنزال 13 خلية نحل حتى وصلت إلى 60 خلية الآن ويرجع ذلك التقدم لاجتهادها وتطويرها لفكرة زراعة نبات الاستيفيا الذي يغذي النحل بدلاً من استعمال السكر الأبيض، وقد لاقى مشروعها إقبال جيد من قبل الناس واستطاعت الترويج للمنتجات من خلال الإعلام واللقاءات الصحفية واستخدام أكثر من طريقة لإيصال منتجاتها لأكثر عدد ممكن من الناس، وقالت أنها تشتري خلايا النحل في فصل الشتاء نظراً لانخفاض السعر في هذا الفصل، وسعر كيلو النحل الممتاز الذي ينتجه مزرعتها 120 شيكل، لكن بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة اضطرت أن تخفض السعر للنصف. 
اعترضت سمر البع عدة مصاعب وتحديات خلال عملها في المنحلة فقد واجهت في البداية رفضاً من أسرتها واستهجاناً من محيطها كما قالت "من المصاعب التي واجهتها هي نظرة المجتمع لي من خلال عملي في المشروع كوني فتاة تعمل في مهنة يعمل بها عادة الرجال ولكن استمريت في العمل، والآن ينظرون لي بفخر وباتوا يعلمون أن المرأة قادرة على العمل في جميع المجالات، بالإضافة إلى وجود المنحلة في منطقة حدودية تتعرض لإطلاق النار كما حدث هذا العام حيث تم استهداف المنحلة بشكل غير مباشر وتدمير بعض الخلايا ولا زلت حتى الآن أعاني من هذه المشكلة، كما أن عائلتي كانت رافضة لفكرة إنشاء المنحلة في نفس المكان الذي استشهد فيه والدي حتى لا أتعرض لنفس الموقف لكني أصريت على إنشائها في نفس المكان بعد مواجهتي لعدة مشاكل وصعوبات، كما أنني عانيت من صعوبة ابتعاد مكان المنحلة عن بيتي فيتطلب مني وقت طويل حتى أصل إليها وغير ذلك أنها مكلفة من ناحية المواصلات ولا أملك سيارة، لكنني تحديت جميع هذه الظروف وباشرت المشروع وحققت هدفي". 
وأكدت بأن فكرة المشروع صقلت شخصيتها للأفضل "كنت أول فتاة تعمل في مجال تربية النحل ولم يكن لدي أي خوف أو رهبة بل العكس تحمست للعمل، وتغيرت شخصيتي للأفضل وأصبح لدي العديد من العلاقات الاجتماعية وبت أمثل المرأة في قطاع غزة".
ووجهت سمر البع في ختام حديثها رسالة تقول فيها "رسالتي للمجتمع ألا يتوقف الشباب عن السعي بعد التخرج من الجامعة وانتظار العمل بل يجب أن يبحثوا عن فرص أخرى من خلال إقامة مشاريع صغيرة تطور قدراتهم، وعلاوةً على ذلك لابد أن تعتمد الفتيات على أنفسهن ويحققن ذاتهن لإعالة عوائلهن وإثبات وجودهن، وأمنيتي مستقبلاً أن يتوسع مشروعي بشكل أكبر وأن يصبح بإمكاني تصدير منتجاتي إلى الخارج" .