لأول مرة في إدلب... مركز نسائي لصيانة الموبايلات

لأول مرة في إدلب والشمال السوري يفتتح مركز نسائي لصيانة الهواتف المحمولة، ودخل المركز سوق العمل في الثامن من نيسان/أبريل 2021 بعد تدريب مجموعة من النساء على مدى شهرين متتاليين

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
لم تتوقع بيان دردورة (20) عاماً وهي من مدينة إدلب أن تجد نفسها تعمل بمهنة صيانة الموبايلات يوماً ما، لكنها استطاعت دخول هذا المجال بقوة بعد أن كان حكراً على الرجال، وأثبتت نجاحاً ملفتاً في صيانة شتى الأنواع. 
وبينما هي منهمكة بتبديل مكان الشحن لأحد أجهزة الموبايل تقول لنا أن هدفها من تعلم المهنة هو حماية خصوصيتها كامرأة، وحماية خصوصية غيرها من النساء والفتيات، من خلال حماية أجهزتهنَّ من الاختراق، وتضيف أنه كثيراً ما تتعرض هواتف النساء لأعطال أو حرق الشاشات، وهنا تتردد الكثيرات بإرسال الجهاز للصيانة؛ خوفاً من اختراق بياناتهنَّ من قبل الرجال "تبرز أهمية عملنا حين نعمل على تصليح الأعطال، مع المحافظة على كل معلومة أو خصوصية تتعلق بالصور والفيديوهات المتواجدة، وهو ما يبعث راحة نفسية لدى الزبونات". 
وكان قد سبق إنشاء مشروع مركز صيانة الموبايلات الخاص بالنساء فترة تدريب أطلقتها منظمة بارقة أمل الخاصة بتمكين المرأة، ويتضمن التدريب قسمين نظري وعملي بفرعيه السوفت وير والهارد وير، بما فيه قواعد الإلكترون، التعرف على جميع مكونات الموبايل وقطعه، وفك وتركيب واستبدال جميع القطع الموجودة على البورد، إعادة زراعة الآيسات، وفك الآيسات المحمية، وقراءة المخططات بسهولة فائقة عن طريق "دنكل" خاص لجميع أنواع الموبايلات، والتعرف على جميع أنواع الشاشات، وعزل البورد المكسور عن الشاشة واستبداله.
صبا العوض (27) عاماً إحدى العاملات في المشروع تقول إن التدريب أتاح لها ولغيرها إمكانية العمل في هذه المهنة التي غدت "أمر واقع" ومعرفة جميع أجزاء الموبايل، وباتت قادرة على التعامل مع كافة أعطال الهواتف الذكية بدءً بأقسام الهارد وير وفك الشاشات وانتهاءً بالسوفت وير والتفليش، وتغير الٱيمي والسيرت، وكسر حماية جميع أنواع أجهزة الإندرويد.  
وعن الأجور التي تحصل عليها تقول إنها تتعلق بما تنجزه العاملات من أعمال الصيانة يومياً، بحسب ساعات الدوام والأعمال الموكلة، مشيرةً إلى أن هذا العمل ساهم بتعزيز استقلاليتها الاقتصادية، ورَفع من ثقتها بنفسها، ومكنها من تحقيق ذاتها، ودفعتها روح التحدي والمنافسة للمجتمع الذي راهن على فشلهنَّ بالمشروع لمزيد من الإصرار والإبداع. 
المشرفة على المشروع المهندسة سوسن السعيد تقول أن أهمية المشروع جاءت من خلال حاجات النساء في المجتمع النابعة من تخوفهنَّ من إرسال أجهزتهنَّ للصيانة في مراكز يعمل فيها الرجال "لمسنا استعداداً لدى الكثيرات بإتلاف الجهاز وعدم بيعه أو إصلاحه على أن يكشف أحد الرجال العاملين في الصيانة صورهنَّ وخصوصيتهنَّ نظراً لتركيبة مجتمعنا المحافظ"، ومن هنا برزت فكرة المشروع بالحفاظ على خصوصية النساء، وإمكانية وصولهنَّ إلى هذه الخدمة بشكل مريح من ناحية تأمين دخل وفرص عمل للمتدربات وغالبيتهنَّ معيلات أسر، ومن ناحية أخرى إذ كان التوجه لمساعدة هؤلاء النساء على تعلم مهنة، وتحقيق اكتفاء ذاتي وقد أثبتنَّ مهارات عالية في التدريب. 
وتؤكد سوسن السعيد أن الخدمات المقدمة في المركز في الوقت الحالي مجانية لمدة شهر كنوع من أنواع التشجيع على ارتياد المركز، والغاية هو تعريف الناس بالمركز والترويج له إعلامياً تمهيداً لاعتماد العاملات على أنفسهَّن فيما بعد. 
لا تنكر سوسن السعيد ما لاحظته من عدم تقبل المجتمع عند طرح الفكرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث كان هناك استهجان وتنمر وانتقادات من قبل غالبية الرجال، الذين لم يعتادوا فكرة دخول النساء في مثل هذه المجالات، التي لطالما كانت في نظرهم حكراً على الرجال، ومن تلك الانتقادات كانت عبارات منها "فكرتكنَّ غير موفقة، لن تنجح النساء في هذا المجال، لماذا تقحمون النساء بمجالات ليست من اختصاصهنَّ ولا تليق بهنَّ، وغيرها من التعليقات المحبطة" غير أنه ومن خلال النقاش والحوار وبيان حاجة النساء لمثل هذه الخدمات تم تقبل الفكرة والترحيب بها.
محمد الشايب (٣٠عاماً) نازح من مدينة معرة النعمان ومقيم في إدلب يؤيد فكرة المركز التي جاءت تلبية لاحتياجات النساء، والحفاظ على خصوصيتهن في وقت كثرت فيه عمليات القرصنة والاختراق الالكتروني والابتزاز والتهديدات، وبرأيه أنه على جميع النساء تعلم صيانة وبرمجة الموبايلات إن لم يكن بهدف العمل فليكن بهدف اعتمادهنَّ على أنفسهنَّ في حماية هواتفهنَّ المحمولة وصيانتها.