بمهنة الخياطة تحيي الفلكلور وتحافظ عليه

بعملها المتقن تحيي ميديا قدور التي أصبحت مقصد جميع أهالي مقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا، تراث الملابس الفلكلورية، وتعلمها للفتيات الراغبات بممارستها

روبارين بكر
الشهباء ـ
قبل سنوات كانت ناحية أحرص في مقاطعة الشهباء صغيرة، والعائلات القليلة في الناحية واجهت صعوبات ومشاكل في تأمين المواصلات والتنقل من قرية لأخرى لخياطة الملابس أو إصلاحها، هذا الشيء دفع بميديا قدور للتفكير بطريقة لسد النقص في قريتها فصممت على تعلم مهنة الخياطة. 
ميديا قدور (40) عاماً من ناحية أحرص بمقاطعة الشهباء تمارس مهنة الخياطة منذ أكثر من 30 عاماً، تقول عن تجربتها "واجهت عائلتي ظروفاً مادية صعبة خلال فترة من حياتي، ولإعالة نفسي وأسرتي اتقنت مهنة الخياطة حيث كانت والداتي تتقنها بعض الشيء فتعلمت منها وطورت من موهبتي لأصبح خياطة معروفة".  
وتعود ميديا قدور بالذاكرة إلى سنوات خلت "الأوضاع المادية للعائلات بالعموم لم تكن جيدة لذا كان كل شخص في القرية يلجأ إلى مهنةٍ ما للعيش منها".
وحول تعلم النساء للمهن قالت "حسب عادات وتقاليد أهالي وعشائر القرى المجاروة لناحية أحرص في الشهباء كان من الصعب على النساء الخروج من المنزل والتوجه صوب مقاطعة عفرين أو غيرها، لذا اتجهنا نحو تعلم مهنة الخياطة في المنزل". 
أصبحت مهنة الخياطة مشروعاً اقتصادياً بعد أن توسعت به "مع مرور السنوات شيئاً فشيئاً تعلقت بهذه المهنة وأحببتها وكانت رغبتي في تطوير نفسي تكبر، بدأت بالخياطة لنفسي ثم لعائلتي وبعدها لجيراني وأقربائي، وبهذا الشكل انتشر عملي في المقاطعة". وأضافت "بعملي المتقن والذي كان ينال إعجاب الكثير من الأهالي افتتحت محل للخياطة في القرية ومع الوقت توسع مشروعي وأصبح ورشة على مستوى المقاطعة وتحسن وضعي المعيشي بفضل هذه المهنة".
بعد زواجها كانت المهام والمتطلبات التي تقع على عاتقها كثيرة من العمل في المنزل وتربية الأطفال إلى الاهتمام بالزراعة وجني المحاصيل إلا أنها لم تتخلى عن مهنتها.
لم تكتفي ميديا قدور بممارسة مهنة الخياطة فحسب إنما سعت لنشرها وتعليمها للشابات في الناحية "من الضروري أن نحافظ على وجودنا بحماية تراثنا وفولكلورنا من الاندثار، وهذا ما عملت عليه من خلال الورشة التي افتتحتها قبل تهجيرنا من الشهباء صوب عفرين في عام 2014 بتعليم أكثر من 150 شابة".
وتواجه العديد من الصعوبات وعلى رأسها انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر "أعمل على تأمين مستلزماتي في الخياطة من محل للقماش موجود في ناحية أحرص، وأستطيع في اليوم الواحد خياطة فستانين أو ثلاثة أيضاً إلا أنني أعمل على ماكينة خياطة يدوية لإن الكهرباء غير متوفرة في ساعات النهار والعمل على هذا النوع من الماكينات صعب ويتطلب وقت أكثر". 
وفي الختام تقول ميديا قدور أنه على الرغم من التطور الحاصل في الملابس إلا أن النساء في المقاطعة يحرصنَّ على ارتداء الملابس الفلكلورية وهو ما يجعل عملها منتعش دائماً.