بالإبرة والخيط... مغربيات تسعين للولوج إلى الأسواق العالمية

يعد مشروع "روابط تضامنية" فرصة للنساء لاكتساب المهارات التي ستساهم في تحقيق دخل مستدام لهن.

حنان حارت

المغرب ـ وجدت العشرات من النساء القاطنات في مدينة تمارة التي تبعد عن العاصمة الرباط بـ 6 كيلومتر، في جمعيات الاقتصاد التضامني آلية لتعزيز استقلاليتهن المادية ورفع الحيف والتهميش والصور النمطية التي غالبا ما التصقت بهن.

بعد عام ونصف، سيصبح بإمكان العشرات من النساء المغربيات اللواتي تقطن بمدينة تمارة المتاخمة للعاصمة المغربية الرباط، تسويق منتجاتهن في المغرب والخارج عبر الإنترنت، واعتماد علامة تجارية؛ فهي قصة نجاح من توقيع جمعية كوبلوس، التي نفذت مشروعاً يحمل اسم روابط تضامنية، يركز على توفير مجموعة متنوعة من ورشات التدريب التي تهدف إلى تمكين المرأة المغربية وتطوير مهاراتها في الخياطة والتفصيل والديكور.

وعن أهمية الورشات في تطوير مهارات النساء المستفيدات من المشروع، قالت فاطمة مازيل منسقة مشاريع جمعية كوبلوس، ومنسقة مشروع روابط تضامنية إن الورشات التدريبية بمثابة فرصة للنساء لاكتساب المهارات الضرورية، والتي ستساهم في تحقيق دخل مستدام لهن.

وأوضحت أن المشروع يستهدف النساء في عمالة الصخيرات- تمارة اللواتي استفدن من ورشات تتعلق بريادة الأعمال والتسيير الإداري للمقاولات الصغرى، لافتة إلى أنه خلال الدورات التدريبية يتم التركيز على تعليم النساء كيف يسيرن مقاولاتهن برؤوس أموال صغيرة، وكيف يكن مبدعات في مجال الخياطة والديكور والتصميم.

وشددت على أن التدريبات التي تقدم للنساء أداة أساسية لتمكينهن وتحسين وضعهن الاجتماعي، لأنها تهدف إلى تطوير المهارات العملية والمعرفية للمستفيدات، مما يمكنهن من تحقيق الاكتفاء الذاتي، مبينة أنه برغم من كون النساء المستفيدات لسن حرفيات، ولكن لديهن حب وشغف للأعمال اليدوية "لقد حاولنا تطوير أفكارهن لاستخراج منتوجات مبتكرة ومختلفة عما هو موجود في السوق المغربي".

وبينت أن عمل الجمعية لا يتوقف فقط عند تعليم النساء للحرف، وإنما أيضاً مساعدتهن في كيفية تسويق منتجاتهن "الجمعية تؤمن بمبدأ الاستدامة؛ لقد حاولنا التفكير في آلية لضمان استمرارية مشاريعهن، وذلك عن طريق الإعلان عن ماركة خاصة للمجموعة والتي سيتم تسويقها على المستوى الوطني"، مؤكدة أن نساء مدينة تمارة المستفيدات من المشروع ستتمكن من اقتحام مجالات استثمارية أخرى، ويمكن لهن إنجاحها.

 

 

من جانبها ترى الحقوقية والنقابية المهتمة بقضايا النساء فاطنة أفيد أن العمل الذي تقوم به جمعية كوبلوس يساهم في التمكين الاقتصادي للنساء المغربيات "ما تقوم به الجمعيات اليوم يحتاج للتنظيم والإشعاع ويدخل في إطار التعريف بالاقتصاد التضامني الاجتماعي كبديل عن الاقتصاد الكبير الذي يتطلب إمكانيات كبيرة ويحتاج ولوج الأسواق الكبرى، ويحتاج رؤوس أموال كبيرة، وشركات كبيرة".

وأوضحت أن هؤلاء النساء هن من المجتمع تمنح لهن الفرصة من داخل العمل الجمعوي حتى يتعلمن كيف تلجن للسوق، وكيف تسوقن منتوجاتهن "التسويق لن يكون فقط في الأسواق المحلية، ولكن أيضاً في الأسواق الرقمية، بحيث يمكن لهن أن تسوقن منتوجاتهن للعالم بأكمله"، مؤكدة أنه إلى جانب مساهمة هذا العمل في التنمية الاقتصادية لهؤلاء النساء، فإنه يساهم كذلك في تطورهن واستقلاليتهن.

وحول دور المجتمع المدني في تمكين النساء اقتصادياً قالت إن الدستور المغربي، أكد على دور المجتمع المدني ومساهمته في التنمية وخاصة التنمية المستدامة "التغيرات المناخية أفقدت مجموعة من النساء عملهن خاصة ما يرتبط بالفلاحة أو الذي له علاقة بالمياه والسقي، لهذا أصبح الآن التوجه إلى هذا الاقتصاد التضامني، خاصة مجال الخياطة".

وأكدت أن الإبداع حاضر بقوة لدى النساء، وهو ما يجعلهن يساهمن في مد جسور التلاقح الثقافي "النساء المغربيات تعملن مع المهاجرات من جنوب الصحراء من مالي والسينغال، على المزج بين الثقافة المغربية وثقافات هذه البلدان، وتعدن توظيف الأثواب القادمة من هناك، والعمل عليها بطريقة جديدة".

وأكدت أن "العملية ليست سهلة، لكنها مسألة مهمة وأساسية، النساء اليوم أمامهن تحديات كبيرة وعليهن تجاوزها، فما يتطلب هو الاعتماد على الذات والاستقلالية في العمل والشجاعة لولوج السوق الاقتصادي".