الحصاد عمل شاق يقع على عاتق النساء

على الرغم من قلة الإنتاج هذا العام، إلا أن سواعد النساء أبت أن تترك الأراضي، فالنساء في شمال وشرق سوريا يرتبطنَّ بالأرض

مركز الأخبار ـ ، ويقع على عاتقهنَّ الحصاد ليقضينَّ شهر أيار/مايو ا تحت أشعة الشمس الحارقة.
مضى هذا العام صعباً على المزارعين في شمال وشرق سوريا، ولا سيما الذين يعتمدون على الزراعة البعلية، فنسبة هطول الأمطار كانت قليلة جداً، إضافة لانقطاع المياه المستمر من قبل الاحتلال التركي، وغلاء أسعار المواد اللازمة والمحروقات لتشغيل عنفات المياه كذلك. لذلك لجأت أغلب الأسر لزراعة المحاصيل البعلية.
 
"الصَّعوبة في المحاصيل التي تحتاج حصاد يدوي"
تتميز أراضي مقاطعة كوباني بالتَّربة الخصبة، وتشتهر بزراعة محاصيل الكمون والعدس، والحمص والنباتات العطرية. 
تقول إسلم بكو (40) عاماً من قرية كولمد جنوبي المقاطعة أنهم في كل عام يزرعون العدس والكمون لكنهم هذا العام اكتفوا بزراعة العدس، بسبب قلة الأمطار. "لم نستطع زراعة العديد من المحاصيل هذا العام، ولهذا لجأ الناس هنا لزراعة بساتين صغيرة". 
تجني النساء محصول العدس يدوياً، ويشكل لدى العديد منهنَّ دخلاً مهماً يعتمدنَّ عليه لمعيشة أسرهنَّ "نستفيد من قوام شتلة العدس كذلك فهو يستخدم كعلفٍ للمواشي". 
وتتوجه نورشان بكو (18) عاماً إلى العمل في ساعات الصَّباح الأولى وتستمر حتى المساء، تقول "مع قدوم شهر أيار من كل عام نتوجه إلى الأراضي لجني المحاصيل، ونحصد ما يقارب الهكتار على مدار خمسة أيام متواصلة، ونأخذ أجوراً يومية حسب جودة الموسم". وتضيف "النساء يواجهنَّ العديد من الصعوبات خلال حصاد العدس والكمون لأنه يدوي، ولا سيما أثناء ارتفاع درجات الحرارة". 
 
"نسبة محصول العدس هذا العام 70%"
تقول الإدارية في قسم الشؤون الزراعية بهيئة الزراعة في مقاطعة الشهباء نسرين محمد عن أهمية محصول العدس "كانت سوريا تحتل المرتبة الأولى في زراعته، إذ يُزرع في حلب، والحسكة، وإدلب، ويتم تصديره إلى الخارج". وتضيف "اخترنا زراعة هذا المحصول، لأنه لا يحتاج لأراضي خصبة، أو ظروف ملائمة كباقي المحاصيل، كما أنه يستفيد من أمطار الربيع حيث أن زراعته تبدأ من شهر كانون الثاني/يناير".
عملت هيئة الزراعة في مقاطعة الشهباء والتي تأسست في عام 2016 على زراعة ما يقارب 12 هكتاراً من محصول العدس، ويتم تشغيل المهجرين من عفرين للعمل وذلك كخطوة لتأمين فرص عمل لهم، في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها أهالي الشهباء والمهجرين جراء الحصار المفروض عليهم. 
ويبلغ عدد العمال والعاملات في حصاد محصول العدس حوالي 100 عامل/ة، "هدفنا الأساسي من الزراعة توفير فرص عمل لمهجري عفرين وأهالي مقاطعة الشهباء، ونسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي للمقاطعة". 
تقول نسرين محمد عن نسبة الإنتاج هذا العام، "إنتاج العدس يفوق المحاصيل الأخرى، فقد وصلت نسبته هذا العام إلى 70 بالمئة، لكنه لم يرتقي إلى النسبة المطلوبة، ويعود ذلك لعدم هطول الأمطار الكافية، إضافة إلى عدم توفر مادة المازوت، بسبب الحصار الخانق المفروض من قبل النظام السوري على المقاطعة".
تقول سناء العلي التي نزحت مرتين منذ بداية الأزمة السورية، "عندما كنا في حلب، تعرضت منطقتنا لقصف عنيف، فتوجهنا نحو مقاطعة عفرين، وهناك استقرينا. قدموا لنا المساعدات ودعمونا، وكانت فرص العمل متوفرة".
وبعد شن الاحتلال التركي ومرتزقته حملة عسكرية على عفرين في 20 كانون الثاني/يناير 2018، هجرت مرة أخرى مع أهالي عفرين نحو الشهباء، "مقاطعة الشهباء تعاني من الحصار، ويؤثر ذلك على الأوضاع المعيشية، ويزيد من معاناتنا في تأمين قوتنا اليومي".
وعن عملها في الحصاد تقول "العمل الزراعي يقع على عاتق المرأة، وكذلك الحصاد اليدوي الذي يعتمد على جهد المرأة بالدرجة الأولى، فالمرأة هي الأكثر تحملاً للمسؤولية والأكثر تعلقاً بالأرض"، وتضيف "على الرغم من المعاناة الكبيرة إلا أنها تستمر في عملها ولا تمل من التوجه كل يوم في الصباح الباكر لتقضي ساعات الظهيرة تحت شمس الصيف الحارقة لتؤمن لقمة العيش لأفراد أسرتها".
"محصول القمح قليل هذا العام"
تقول سميرة الهوشات من ريف دير الزور الشرقي عن حصاد القمح لهذا العام "الانتاج كان قليلاً هذا العام، بسبب انخفاض منسوب مياه نهر الفرات ولم نستطع كذلك الاعتماد على الزراعة المروية نظراً لقلة نسبة هطول الأمطار"، وتضيف "القمح من أهم المواسم التي نزرعها، ونحصده تحت أشعة الشمس الحارقة بأيدينا، بسبب قلة الإمكانيات وارتفاع إجار الحصادات". 
وتعمل النساء في الحصاد من الساعة السادسة صباحاً حتى المساء، ويسترحنَّ أثناء النَّهار ساعة ونصف تقريباً في وقت الذروة، "بدأنا الحصاد مع بداية شهر أيار وسنستمر بالعمل حتى نهاية الشَّهر، نتعاون مع جيراننا لحصد أراضينا من أجل انجاز العمل لاختصار الوقت"، وتضيف "تجبرنا أوضاعنا الاقتصادية على ترك أطفالنا في المنازل وحدهم والخروج للعمل، لا نملك المال لدفعه للحصادة لذلك نقوم بحصد القمح بأنفسنا فما سنعطيه لصاحب الحصادة يعيش به أطفالنا".
الزراعة أهم الموارد لأسرة هند الجاسم وهي من مدينة هجين فسابقاً عملوا على زراعة الخضروات الصَّيفية بعد موسم القمح، إلا أنهم غير قادرين على ذلك الآن، "الحروب أثرت على عملنا في الزراعة فقلت زراعة القمح، مما تسبب بأزمة الخبز"، وتضيف "لم يكن لنا مورد سوى أراضينا الزراعية، لذا أخذنا القمح بالدين لزراعته، على الرغم من التَّكاليف الكبيرة للأسمدة، إضافة لأن الرَّي من الآبار يحتاج لمادة المازوت". 
وتكمل "التكلفة التي سنحصل عليها من الإنتاج تساوي تكلفة الزراعة، وهذا يؤثر علينا كمزارعين لأن نسبة الربح معدومة، مما يسبب تراكم الدَّيون علينا".
وتشير تركية إبراهيم السالم إلى أنهنَّ عملنَّ في الزراعة منذ سنين طويلة، كزراعة القطن، والقمح، والشعير، والذرة، "هذا العمل متوارث بالنسبة لنا، وكنا نزرع 40 دونم في الموسم الواحد، لسنا معتادين على تناول خبز الأفران، نفضل خبز التنور، لذلك فأهل القرى يفضلون زراعة القمح حتى وإن لم يبيعوها للتجار".