'الأعمال الموسمية لا تحل مشكلة البطالة'
لمواجهة البطالة في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، تعمل النساء في كرماشان بشرق كردستان في حصاد المحاصيل الصيفية كالحمص والبطاطا والطماطم يدوياً مقابل أجور زهيدة.
جوان كرمي
ماهیدشت ـ أجبر ارتفاع معدل البطالة وقلة فرص العمل في إيران، النساء على القيام بأعمال شاقة على الرغم مما يحدثه من أضرار جسدية طويلة الأمد، مقابل أجور زهيدة بالكاد يكفيهن لتأمين احتياجات الحياة.
تعد كرماشان واحدة من المدن الكبرى التي تحتل المرتبة الأولى في معدل البطالة في إيران وشرق كردستان كل عام، فبالرغم من أنها تتمتع بمركزية إقليمية وموقع استراتيجي، إلا أنها لم تتطور في القطاعات الصناعية والزراعية والميكانيكية، فهي تفتقر للآلات الحديثة التي تستخدم في الزراعة بسبب النظام الاقتصادي السياسي الوسطي الحاكم لإيران.
إن الوضع الاقتصادي المؤسف يختلط بالتمييز بين الجنسين ويخلق تمييزاً مزدوجاً يقيد بشدة حياة المرأة، فالنساء تتمتعن بفرص عمل أقل مقارنة بالرجال، لقد أزالت القوالب النمطية الشائعة بين الجنسين نسبة كبيرة من الوظائف عن متناول النساء واعتبرتها حكراً على الرجال، بعض فرص العمل المتاحة للمرأة غير قادرة على توفير بيئة آمنة ومريحة لها، حيث تتعرض للعنف اللفظي والجنسي والجسدي، كما أنها تتلقى أجراً أقل بكثير من الرجل، فلا يتقاضى الرجل والمرأة نفس الأجر عن نفس الوظيفة وذات ساعات العمل في معظم الحالات.
لذا لا يتبقى أمام المرأة الكثير من الخيارات في حياتها المهنية في الوقت الذي عليها محاربة شبح البطالة، فتضطر بعض النساء للعمل في أصعب الوظائف والمهن لتأمين قوتهن في ظل التدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد، كالعمل في جني الحمص يدوياً، وهي مهمة شاقة ومرهقة يتم القيام بها خلال أشد أوقات السنة حرارة.
على الرغم من التقدم الكبير في التكنولوجيا في مجال الزراعة لا يزال حصاد الحمص يتم يدوياً في إيران، يتسبب هذا العمل بأضرار جسدية دائمة، كآلام في الظهر وانفتاق القرص القطني والتهاب المفاصل والروماتيزم.
تقول "أ. م" التي تعمل في حصاد الحمص مقابل أجر يومي في أحد حقول سهل "نودران" الخصب بين كرماشان وكامياران، أنها عملت في المطاعم والمقاهي وصناعة المعجنات، وقد أجبرت على العمل في حصاد الحمص بعد إغلاق الحدود واشتداد الضغط.
وأشارت إلى أن العمل في حصاد الحمص الشاق مؤقت وهو متاح لمدة أسبوعين، كما أنهن لا تحصلن على التأمين الصحي والاجتماعي، أي أنه إذ ا حدث له أي شيء خلال العمل فالمسؤولية تقع على عاتقهن، لافتةً إلى أن إحدى صديقاتها لدغها عقرب أثناء حصاد الحمص العام الماضي، واضطرت على إثرها المكوث في المنزل، وقد عانت من حمى وقشعريرة شديدة لمدة أسبوعين تقريباً "هناك الكثير من هذه الحوادث يجب تأمين هؤلاء العمال، لكن في هذا البلد مثل هذه الأشياء حلم".
وأوضحت أنهم يعملون لساعات طويلة تصل إلى حوالي 12 ساعة في اليوم الواحد، ويأخذون استراحة لمدة ساعة واحدة، في حين أن ساعات العمل القياسية في العالم تصل إلى 8 ساعات في اليوم، لافتة إلى إنها مهمة صعبة ومرهقة خاصة في ظل ارتفاع درجة الحرارة في الأسابيع الأخيرة فوفقا للتقارير المتعلقة بالمناخ كان هذا الصيف أكثر الفترات حرارة في التاريخ.
ونوهت إلى أنه بغض النظر عن الغداء الذي يعدونه بأنفسهم، فإنهم يدفعون ثمن رحلة العودة إلى المنزل كذلك، التي ارتفعت تكلفتها في الأيام الأخيرة، "على الرغم من كل هذه المشاكل في ظل انتشار البطالة وعدم وجود خيار آخر، نتمنى أن يكون موسم الحصاد أطول كي لا نكون عاطلين عن العمل. لكن لسوء الحظ فهو لا يدوم سوى أسبوعين، كما أننا سنعمل في حصاد البطاطا والخيار والطماطم وما إلى ذلك لمدة أسبوع أو أسبوعين. بشكل عام هذه الأعمال الموسمية شاقة ومرهقة ومؤقتة ولا تحل مشكلة البطالة التي نعاني منها، كما أنها تتسبب بأضرار جسدية طويلة الأمد".