عيد العمال ثمرة نضال 136 عاماً (3)

منذ آذار/مارس 2020، أي بداية وباء كورونا تفاقمت مشاكل ومعاناة العمال أكثر بكثير. وفي بداية عام 2022 تظاهر عمال نحو ثلاثين معمل، ترى كيف وصلنا إلى هذا الوضع؟

العمال في الواحد من أيار سيطالبون "بالكرامة والتمثيل"    

أليف آكغول

اسطنبول ـ منذ بداية الوباء عام 2020 أطلقت نداءات لـ "البقاء في المنزل"، والإعلان عن اتخاذ الكثير من الاجراءات للوقاية من الإصابة بالوباء، لكن بالرغم من هذه التدابير والإجراءات الوقائية إلا أن العمال لم يكونوا مشمولين بها، وقيل للعمال "أنتم ستعملون" بدأ عمال البريد السريع، وخاصة في المستودعات وشركات الشحن في العمل المجهد. وفي العديد من المصانع أيضاً كان عمال النسيج يعملون في بيئة لا تناسب إجراءات الوباء وفرض العزلة حيث كان العمال مكدسين فوق بعضهم البعض. في المستودعات التي كان يجب عمل نحو 100-150 شخصاً، كان يعمل تقريب 400 عامل/ة. وقت الأزمة بدأ الاستغلال الرهيب للعمال.  

تحدثنا رئيسة اتحاد عمال المستودعات والموانئ وأحواض السفن البحرية نسليهان أكار، عن المقاومة العمالية التي انفجرت في عام 2022 بتركيا، والممارسات التنظيمية الجديدة ودور النساء في طليعة هذه المقاومة.  

العاصفة التي بدأت في أواخر عام ٢٠٢١ انتقلت بكل قوتها إلى عام ٢٠٢٢، وهذا العام يتجه العمال إلى الأول من أيار/مايو بمقاومة وتنظيم عمالي وبقوة وزخم شديدين لم نشاهده منذ فترة طويلة.  وتحتل المرأة موقع الصدارة من بين الكوادر القيادية للطبقة العاملة والنقابات وميادين المقاومة.

نسليهان أكار كانت رائدة في مقاومة ميغروس هذا العام، وتم اعتقالها بعد أن داهمت (قوات الدخل للحماية الاجتماعية) المستودع وبعد الإفراج عنها عادت إلى ميدان المقاومة، ونتيجة قوة الإرادة واستمرار النضال انتصرت مقاومة ميغروس.  

تحدثنا إلى نسليهان أكار عن تطور التنظيم العمالي في العامين الماضيين وعن الظروف التي أدت إلى المقاومة، والعمل المتزايد للمرأة بشكل كبير.

نسليهان أكار أفادت بقولها إن العمال اليوم لديهم الحق بـ "المطالبة بالكرامة والتمثيل". وأن النساء اللواتي تم استبعادهن من الحياة الاقتصادية تزامناً مع الوباء وتضاعف استغلالهن في العمل، أصبحن ينظمن أنفسهن بشكل أسرع في هذه الفترة.

 

كيف تغيرت ظروف العمل أثناء الجائحة؟

قبل الوباء كان العمال يعملون لساعات طويلة للغاية، وكان يتم اغتصاب حقوقهم بشكلٍ مجحف، وخلال فترة الوباء تفاقم الأمر على سبيل المثال، زادت ساعات عمل عمال المستودعات من 12 ساعة إلى 16-17 ساعة. كان على العمال العمل دون انقطاع، دون عطلة نهاية الأسبوع دون يوم عطلة واحد لمدة 10 أشهر، لذلك عمال ميغروس وصلوا إلى حال يرثى لها.   

"الوباء أثر بشكل كبير على الطبقة العاملة"

خلال فترة الوباء أضافت الحكومة تدابير إضافية للعمال مثل ممنوع الخروج من العمل أثناء الدوام، والإجازات غير المدفوعة الأجر أو دفع أجر بسيط جداً ترى هل هذه التدابير أفادت؟  

قيل "إن الوباء يعامل الجميع على قدم المساواة"، لكن الوباء تحول الآن إلى مرض للطبقة العاملة. غالبية حالات الوفاة التي تم الإبلاغ عنها كل يوم والتي يتراوح عددها بين 300 و400 حالة كانت من العمال الفقراء وعائلاتهم، وكان التدبير الوحيد الذي اتخذته الدولة هو إخبار أسر العمال بـ "البقاء في المنزل". في حين تم تقديم منح بمليارات الدولارات إلى أرباب العمل، إلا أنهم لم يعطوا حتى خمسين سنتاً للعمال. أخيراً أدرك العمال أن الدولة التي اعتقدوا أنها ستكون معهم في الأزمات والشدة خاصة، لم تكن في الواقع بجانبهم لقد رفع الوباء هذا الستار قليلاً وكشف الحقيقة.

 

ما الذي تغير في هذا التصور؟

رأى العمال بوضوح شديد الموقف الطبقي للدولة. حيث كان يعمل 4 ملايين عامل مقابل أجر زهيد جداً إذ كانوا يقبضون 1400 ليرة تركية مقابل تعرضهم للموت لأنهم يعملون في ظروف الوباء والإجازات غير مدفوعة، وتم فصل العمال الذين اعترضوا على هذه القوانين أو حتى كانوا مصابين بكورونا بموجب القانون 29. حيث تراجع الكثير من العمال عن تقديم الشكاوى والحديث عن معاناتهم للحفاظ على وظائفهم في المرحلة الأولى من الوباء، لكن هذا لم يكن مستداماً علاوة على ذلك، ليس فقط أرباب العمل والدولة بل النقابات أيضاً قد انسحبت من هذه المنطقة. كان رد النقابات على العمال الذين أرادوا ممارسة حقهم في تجنب العمل "الآن هو وقت الإنتاج مهما قال رب العمل فالشعب ينتظر خدماتنا".   

 

ما الذي دفع العمال إلى تحويل أماكن عملهم إلى مناطق مقاومة؟  

كان هناك غضب كبير بالفعل. ولكن مع الوباء حدثت حالة من الغليان ثم بعد تجهيز اللقاح وتوزيعه انتهى الحظر، هذه المرة بدأ التضخم في الارتفاع اعتباراً من شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021 انخفضت القوة الشرائية بشكل ملحوظ جداً وخطير. قبل المفاوضات على الحد الأدنى للأجور البالغة 4.250 ليرة تركية، أرادت كل من الدولة، والمركز النقابي الوطني، وأصحاب رؤوس الأموال الإعلان بسرعة عن الحد الأدنى للأجور، لأنهم كانوا على دراية بحالة الغليان هذه. تم الإعلان عن 4.250 ليرة تركية لكن الوضع الحالي لم يعد قابلاً للعيش بهذه الأجور. حيث زاد الإيجار الذي كان ألف ليرة إلى ألفي ليرة، وسعر جميع المواد الأولية من الكهرباء والماء والخبز قد ارتفع.  

 

"دمر الوباء الحياة الاقتصادية للمرأة"

مقاومة حركة النساء العاملات كانت دائماً ذات تأثير فعال في عام 2022 رأينا النساء في مقاومة ترينديوم، فاربلاس، ميغروس. ما دوافع النساء للمشاركة في هذه المقاومة؟ ما الذي أخرجهن الى الشوارع؟

للمقاومة والحراك الشعبي وخروجهم إلى الشوارع سبباً وليس مثل ظهور الفطر بعد المطر، لقد قتل الوباء الحياة الاقتصادية للنساء، حيث تم حبسهن في البيوت. ومن جهة أخرى تضاعفت ساعات عملهن إلى 17-18 ساعة في اليوم. ونتيجة الحظر وحصرهن في المنزل تفاقمت الأعمال المنزلية فوق رؤوسهن، كانت هناك زيادة كبيرة في الأعمال المنزلية والرعاية. الوباء زاد من العقبات والصعوبات أمام المرأة وتحولت حالة النساء في فترة الوباء إلى حالة لا تطاق، لأنهن أصبحن حبيسات المنزل ومحصورات في بيوتهن. ولأنه كان يتوجب عليهن العمل تحت ظروف صعبة لا يملكن أدنى الحقوق لا في البيت ولا في مكان العمل.  

 

مع نسيم المقاومة العمالية بدأت عام ٢٠٢٢، ولكن كما ذكرتم سابقاً هل بدت هذه المقاومة مثل ظهور الفطر بعد المطر ألم يكن لها ماض؟

هناك 320 منطقة صناعية منظمة في هذا البلد. ويتم بناء مناطق جديدة، وهناك مناطق صناعية حرة أيضاً، لا توجد منطقة صناعية منظمة واحدة تسمح للعمال بالمقاومة. سابقاً كنا نقاوم لحماية حقوقنا. لكن في بداية 2022 شهدنا مقاومة منتهكي الحقوق إذ كانوا ينتهكون حقوق الناس وينادون بعدم المطالبة بحقوقهم، لقد شهدت سابقاً مقاومة ما يقارب من 30 ألف عامل بسبب إخراجهم عن عملهم في مطلع العام. و٩٠ بالمئة منهم كانوا جامعيون. وعلى سبيل المثال شركة ترانديول المديرين والقائمين عليها هم من الفئة اليافعة والشابة. معظمهم خريجين حديثاً من الجامعة، المدير يعمل مثل العامل، لكنه في نفس الوقت يغتصب جميع حقوقك العمالية ويقوم بتأسيس شركة هذه قصة احتيال كبيرة.  

مجدداً في مستودع ميغروس، يعمل الشباب الذين يجب أن يكونوا في الجامعة لأن حقوقهم التعليمية انتزعت منهم. ينهي خريجو الجامعة دراستهم حالمين في وظيفة جيدة، وظيفة متعلقة بالقسم الذي يدرسون فيه لكنهم يوافقون في النهاية على العمل في المستودعات، وهو أحد أصعب الأعمال في العالم.

هناك استغلال خطير في العمل عندما ننظر إلى قطاع المنسوجات. معمل الجوارب النسائية ٧٠% عدد العمال فيه نساء، ورداً على هذا الاستغلال أضربت النساء لمدة ٢٤ ساعة وحصدن نتيجة أتعابهن إذ حصلن على زيادة ٧٠% على رواتبهن.

 

"الحاجة إلى المنظمات الشعبية"

هل غيرت هذه المرحلة الممارسات التنظيمية أيضاً؟

شكل العمال منظماتهم الشعبية الخاصة لأنهم رأوا أن النقابات تقف إلى جانب المدراء ورؤساء الأموال. ونرى أن هؤلاء العمال الذين ينتفضون لا ينتفضون بمساندة النقابات، ولكن ينتفضون بمساندة من منظماتهم وتجمعاتهم القاعدية. يتظاهرون ويناضلون بأعلى صوتهم لأنهم رأوا أن الدولة تركتهم تحت رحمة أرباب العمل وحيدين. ولهذا السبب غزوا بما يسمى مناطق محظورة "غير شرعية". على الرغم من تعرضهم لهجوم عنيف من قبل الشرطة، إلا أنهم لم يتراجعوا حتى انتصروا. عمال السفن الذين وصفوا بأنهم "لم ينتصروا" نعم هم لم يتمكنوا من إقناع رئيسهم بقبول جميع مطالبهم. ولكن لسنوات نظموا نشاطاً قوياً للغاية في مدينة عمالية مثل أليغا، في تلك المدينة التي تم تسليمها إلى النقابات الصفراء وإدارات حزب الحركة القوني والعصابات لمدة 30 عاماً، القيام بانتفاضة ومقاومة بحد ذاتها ربح. في الماضي كان العامل يقول "لن أفعل ذلك مرة أخرى إنه صعب" لكنه الآن بدأ يتحدث. لقد تعلموا دروساً من المقاومة. الآن ينظمون لجانهم وتجمعاتهم على بنية متينة. يناقشون الصحة والسلامة المهنية، وخطر مادة الأسبستوس. ربما هدأت الأمور الآن لكن الغضب الذي تراكم في القاع سيظهر بقوة مرة أخرى.  

العمال الذين تم طردهم من جميع الهيئات والإدارات، يكافحون اليوم من أجل العيش بكرامة وشرف. هناك حاجة دعم من قبل المنظمات الشعبية لهذا النضال. من خلال إنشاء اللجان والتجمعات في المستودعات، وتنظيمها حيث يصبح بإمكان العمال التعبير عن أفكارهم وإرادتهم. ميغروس هو انعكاس لذلك. هذا نموذج تنظيمي لا نتحدث كثيراً وعندما نتحدث نقوم بتعزيز مواقف العمال.  

 

ما مطالب العمال التي ستصل إلى الأول من أيار في هذه الفترة التي وصل فيها التضخم إلى ذروته والقوة الشرائية الضعيفة؟

نحن في نقطة الصفر حيث تم اغتصاب جميع حقوقنا تقريبا. لم يبق لدينا شيء، عندما وقفت الطبقة العاملة اليوم، حددت بوضوح مطالبها. أولاً: لا نستطيع تلبية أبسط احتياجاتنا، لا نستطيع العيش تحت كل هذا الضغط وقلة الوجدان، ثانياً: هو التمثيل، ثالثاً: النقابات التي تناضل مثلنا لديها مشكلة. يتم سلب حقك في المفاوضة الجماعية. حيث تقوم الحكومة بفرض قوانينها علينا بطريقة غير ديمقراطية.  

لهذا السبب العمال يطالبون بإزالة الحواجز والحظر والعقبات النقابية أمام التنظيم والكرامة والمستقبل. لذلك في عام 2022، قال الجميع إن الطبقة قد انتهت وبدأت منافسة النضال، ووقف العمال وقالو: هذا النضال ليس منفصلاً عني.

 

https://www.youtube.com/watch?v=HKgZefL8oUg