تأثير الأزمات العالمية وتداعياتها الكبرى على النساء (2)

أكدت دراسة إقليمية صادرة عن منظمة المرأة العربية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، على أن مجموعة من التحديات تواجه النساء في مصر نتاج الأزمات العالمية الكبرى التي تقع تبعاتها على كاهلهن في المقام الأول

دراسة إقليمية: البطالة بين النساء تبلغ في المتوسط ثلاثة أمثال نسبتها بين الرجال

أسماء فتحي
القاهرة ـ
نستعرض في الجزء الثاني من الملف الوضع في مصر وتأثيره على النساء، وفق ما جاء في الدراسة الإقليمية "الأزمات العالمية الكبرى وتداعياتها على النساء والفتيات في الدول العربية" الصادرة عن منظمة المرأة العربية بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والتي تناولت محاورها الأربعة بلورة نساء مختصات في مجال معالجة الأزمات الكبرى، لفهم الكوارث الطبيعية والأزمة المالية والنزاعات المسلحة والحروب، وتداعياتها على النساء في العالم العربي، وهو ما استعرضناه في الجزء الأول من الملف.
أثرت الأزمات التي تعرض لها الاقتصاد العالمي على كل دول العالم بما فيها مصر، وأدى التباطؤ الاقتصادي لدى شركاء مصر التجاريين إلى انخفاض الصادرات التي تسهم بنسبة 20% من الناتج المحلي الإجمالي، وتأثرت عائدات قطاع الخدمات التي تولد 29% من الناتج المحلي لمصر، وهو ما أثر سلباً على فرص التوظيف نتيجة انخفاض عائدات السياحة.
 
سوق العمل والبعد النوعي في مصر
تتمتع مصر بأكبر قوة عاملة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط بـ 27.6 مليون شخص، يمثل خريجي التعليم المتوسط والعالي نسبة 59%، وتشغل الزراعة نسبة 21% من النساء، بينما يستحوذ قطاع الصناعة التصديرية على نسبة 7% من قوة العمل النسائية، و14% في قطاع تجارة الجملة والتجزئة، ويظل قطاع الخدمات الأكثر مساهمة في وظائف النساء بنسبة 24% في التعليم، و12% في الصحة.
لكن تركز عمل النساء في القطاعات التصديرية مثل الحاصلات الزراعية والمنسوجات عرضهن للتأثر الشديد بالأزمات الاقتصادية المتكررة وآخرها جائحة كورونا، كما أن ارتباطها بقطاع الصحة يضعها في خط المواجهة مع المرض وازدياد فرص تعرضها للعدوى، كما تأثرت وظائف النساء في التعليم بسبب إجراءات الحكومة الاحترازية بتعليق الدراسة في المدارس والجامعات.
كما أن البطالة بين النساء تبلغ في المتوسط ثلاثة أمثال نسبتها بين الرجال، وقدرت عام 2018 بنسبة 21.4% مقابل 6.8% بين الرجال، كما تتزايد البطالة بين الفئة الشابة بصفة خاصة والنسبة الأكبر من العاطلين عن العمل هن الفتيات.
 
الصناعة التحويلية
يساهم قطاع الصناعات التحويلية بنسبة 15.4% ويستحوذ على نسبة 13% من إجمالي القوة العاملة، وارتفعت نسبة مساهمته في توظيف الإناث إلى نسبة 7% من إجمالي العاملات بينما استقرت نسبة تشغيله للذكور عند 14% من إجمالي وظائف الرجال.
وبحسب الدراسة تشكل صناعة المنسوجات 26.4% من إجمالي الناتج الصناعي، ونسبة 10% من الصادرات، وتوظف ما يقارب ربع العمالة في القطاع الصناعي، ويضم قطاع المنسوجات والملابس نسبة 42% من إجمالي النساء العاملات في الصناعات التحويلية.
وشكلت جائحة كورونا ضغطاً كبيراً على القطاع بسبب تراجع الطلب العالمي وانخفاض المبيعات، واضطرت بعض المصانع إلى التوقف عن العمل أو تخفيض الطاقة الإنتاجية، وما صاحب ذلك من تسريح العمالة أو منحهم إجازات بدون مرتب، لكن القطاع استعاد جزء كبير من عمله عبر التحول إلى انتاج الكمامات والمستلزمات الطبية ولوازم المستشفيات.
 
قطاع الزراعة
يمثل قطاع الزراعة 11.2% من الناتج المحلي الإجمالي ونسبة 23.8% من إجمالي العاملين، وتأثر القطاع بتداعيات فيروس كورونا، مع تراجع الطلب من المطاعم والفنادق وشركات الأطعمة الجاهزة وكذلك القيود التي حظرت الأسواق الأسبوعية وصعوبة نقل المحاصيل إلى الأسواق، ويعاني المزارعون من مشاكل لوجستية في تصدير محاصيلهم بسبب القيود المفروضة على حركة الطيران والشحن، وتراجع الطلب على الخضار والفاكهة بنسبة تتجاوز 20%.
وشهد القطاع الزراعي ازدهاراً في توظيف النساء حتى عام 2010 وبلغت نسبة مشاركتهن فيه 42.8%، مقابل 24.7% من العاملين الذكور، ويعزى ازدياد نسب مشاركة النساء في القطاع في تلك الفترة إلى تراجع الفرص المتاحة لهن في القطاعات الأخرى.
لكن قدرة القطاع الزراعي على التوظيف في تراجع مستمر للجنسين، فقد تراجعت نسبة الرجال العاملين فيه بمقدار 2% خلال الفترة من 2010 إلى 2018، مقابل تراجع نسبة النساء العاملات بنسبة تقدر بـ 50% في القطاع لنفس الفترة.
وأدى التراجع في الطلب على العمالة في القطاع إلى ازدياد العرض من العمالة بعد عودة العمالة المهاجرة وفقدان الكثير من النساء لأعمالهن، وتشير الدراسات إلى أن وقع الصدمات الاقتصادية في القطاع يكون أكثر تأثيراً على المرأة مقارنة بالرجل في ظل ضعف قدرة المرأة على الوصول إلى الموارد سواء الأراضي الزراعية أو مدخلات الإنتاج مثل البذور والاسمدة.
 
قطاع السياحة
يعد قطاع السياحة من أعلى القطاعات تشغيلاً للإناث بنسبة 54% رغم تركز اغلبهن في الوظائف ذات المهارات المنخفضة والمعرضة للأزمات والتقلبات الاقتصادية وفقدان الوظائف، ويرتبط القطاع بكثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى مثل النقل والصناعات الغذائية وتجارة التجزئة والمطاعم والمناطق السياحية والأثرية، ومن ثم تأثرت تلك القطاعات بالتراجع الذي شهده قطاع السياحة وتأثرت فرص العمل والتوظيف فيها.
 
قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
اهتمت العديد من الدراسات بتحليل قدرة قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات التي زاد الاعتماد عليها بعد جائحة كورونا، على خلق فرص العمل للنساء بعدما اتجهت الكثير من المنشآت في القطاع العام والحكومي والقطاع الخاص خاصة في مجالات التعليم والتدريب والصحة، للاعتماد على تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات للاستمرار في أداء أنشطتها في ظل القيود المفروضة على التنقل، بالرغم من أن القطاع لا يمثل نسبة كبيرة من القوى العاملة ويستحوذ على نسبة 1% فقط من إجمالي العاملين، لكنه يعد من أكثر القطاعات نمواً في فرص العمل ويوفر ما يقارب من 270 ألف فرصة عمل سنوياً منهم 81 ألف للإناث و188 ألف للذكور.
وتؤكد البيانات المتاحة زيادة نسبة وصول النساء لشبكات الانترنت بنسبة 43.4% لكنها تظل أقل من نسبة وصول الذكور البالغة 56.6%، والنسبة الأكبر من النساء التي لديها تواصل مع شبكات المعلومات تأتي من بين الفئات الأكثر تعليماً بنسبة 74%، وتهبط إلى 21% فقط بين الإناث خريجات التعليم الثانوي أو أقل، ومن حيث البعد الجغرافي تتمتع النساء في القاهرة والدلتا بوصول أكبر إلى الإنترنت بنسبة 42%، وتصل لنحو 27.3% في مناطق الصعيد، وتنخفض بشدة في مناطق سيناء وقناة السويس بنسبة 6% فقط.
على الرغم من زيادة نسبة مشاركة المرأة في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إلا أنها لا تزال ضعيفة بالمقارنة مع نسبة مشاركتها في القوى العاملة، كما تظل المرأة حبيسة في الوظائف ذات مستوى المهارات المنخفضة مثل إدخال البيانات وتجهيزها، في حين يسيطر الذكور على القطاعات التي تتطلب مستويات عالية من المهارة مثل مهارات معدات وصيانة الحاسوب الالكتروني والخبرات الاستشارية، كما تفتقد أغلب الإناث لعنصر الاستقرار داخل القطاع بسبب طبيعة وظائفهن المؤقتة.