للمرأة الأفغانية دور هام في تاريخ الفن والحرب (4)

تاريخ أفغانستان مليء بالألم والعنف، وكلما تم التعرف على حقيقية الأنظمة الحاكمة، سنشعر أكثر بالأفكار الاستبدادية والمعادية للشعب والمرأة، فهناك مقولة معروفة مفادها أن كل فعل له رد فعل، لذلك كلما زاد ظلم الحكومات، زاد تنظيم الرجال والنساء.

بهاران لهيب

كابول ـ في 19 كانون الثاني/يناير 1929، تم القضاء على جيش حبيب الله كلكاني، المعروف باسم "باشا ساكو" (ساقو أو أبرسان، والتي تسمى ساقو باللهجة المحلية لأفغانستان) بدعم من البريطانيين ومن قبل رجال الدين المتخلفين. لكن هدف بريطانيا لم يكن قوة "باشا ساكو" وبعد أشهر قليلة، قامت بتعيين أحد الموالين لها وهو محمد نادر شاه، وكانت مهمته الأولى قتل باشا ساكو، ثم سجن معظم المثقفين وقتلهم ونفاهم. مما أثار غضب الشعب والمثقفين على وجه الخصوص. بعد أربع سنوات من حكم الاستبداد، وفي يوم تخرج الطلاب تم قتله على يد شاب يدعى عبد الخالق، لم يتجاوز السابعة عشر من عمره، برصاصتين أمام الجميع.

بعد اغتيال محمد نادر شاه، استلم ابنه محمد ظاهر شاه الحكم لمدة أربعين عاماً، وهو لا يزال في عمر 19 عاماً. وخلال هذه الفترة حدثت العديد من عمليات القتل العلني والسري وتعذيب المثقفين والمقاتلين. من خلال الدستور الذي وضعته حكومة محمد ظاهر شاه، سلبت جميع حريات المرأة، فأصبح ارتداء الحجاب إلزامياً، ومُنعت النساء من مغادرة المنزل دون الحجاب، كما طُلب من النساء اللواتي تذهبن إلى مزارعهن في الريف ارتداء البرقع. كان الغرض من كل هذه الأعمال الوحشية هو إبقاء رجال الدين في البلاد سعداء حتى يتمكنوا من الترويج لاستمرار حكم محمد ظاهر شاه ولهذا السبب تمكن من البقاء في السلطة لمدة أربعين عاماً.

مع كل هذا القمع والضغوط، بدا أن نظام محمد ظاهر شاه غير قادر على منع التطور الفكري للمجتمع. فاستمرت النساء في نضالهن ضد كل هذه القوانين العائدة للعصور الوسطى على نطاق واسع. أدرك ظاهر شاه في منتصف حكمه أنه لا يمكن أن يستمر في حكمه بهذه القسوة، فقام بمنح أدوار لبناته وزوجاته وأخواته ونساء أخريات يعول عليهن في مختلف المجالات. وشاركت حميرة بيغوم زوجها محمد ظاهر بالحكم، لكنها لم تفعل أي شيء يخدم قضايا المرأة.

كانت الموسيقى، التي كانت تُعتبر في عموم أفغانستان فعلاً بغيضاً، محظورة تماماً على النساء، لكن ميرمان بارفين كانت بطلة في أفغانستان وغنت في راديو أفغانستان عام 1929 وظهرت لاحقاً على التلفزيون. ميرمان بارفين كانت أول مغنية مهدت الطريق لنساء مثل ميرمان جيلا، رخشانه، ماهوش، براستو ولطيفة كبير سيراك، ابنة شقيق شاه أمان الله، إلى جانب شقيقتها زينب، دخلن المسرح ومجال الصوت.

كانت ديل آرام، التي تُعرف باسم إبي ميرزا ​​أو والدة ميرزا، مغنية أخرى من مالستان، بالإضافة إلى الغناء، كانت تعرف أيضاً العزف على آلتين موسيقيتين كيجك والطنبور، على الرغم من أن الأفكار الأبوية سادت في المجتمع. انتقلت ديل آرام من مالستان إلى غزني. حيث التقت بفتاة تدعى كليناز. ساعدتها كليناز في تسجيل أغانيها. غناء ديل آرام كان سبباً لأن يصدر النظام الإيراني بحقها التهم الباطلة، ومن ثم سجنها. لكنها ​​لم تتخلى عن الفن واستمرت بالغناء في السجن.

كانت كوبرا نورزي أول امرأة تشغل منصب وزيرة. بعد الانتهاء من دراستها في مدرسة ملالي الثانوية (إحدى المدارس الثانوية الشهيرة في كابول حيث كان يتم تدريس اللغة الفرنسية)، ذهبت إلى فرنسا لمتابعة دراستها. بعد عودتها عينت كأول وزيرة في وزارة الصحة في عهد محمد ظاهر شاه.

في تلك الحقبة، ناضلت هؤلاء النساء بالدرجة الأولى ضد السلطة الحاكمة والأفكار الأبوية وأظهرن موهبتهن، وأدرك الجميع أن المرأة يمكن أن تفعل كل شيء.