للمرأة الأفغانية دور هام في تاريخ الفن والحرب (3)

في تاريخ أفغانستان لم يكن هناك حكام عادلين حتى وقت الراهن، استولى الجميع على السلطة بدعم من دول مختلفة وحاولوا عدم التردد في ارتكاب أي نوع من الجرائم والخيانة لحماية سلطتهم ومصالحهم. لكن العهد الوحيد الذي يتم تذكره جيداً دائماً هو عهد الملك أمان الله خان.

بهاران لهيب

كابول ـ الملك أمان الله خان هو حفيد عبد الرحمن خان ونجل حبيب الله خان. كان الملك أمان الله الملك التقدمي الوحيد لأفغانستان، وعلى عكس جده ووالده، فقد قدم خدمات جليلة لشعب أفغانستان. وتم قبوله من قبل معظم مثقفي عصره وما بعده. فالملك والملكة الوحيدان اللذان ما زالا أحياء في أذهان جميع الأمم هما الملك أمان الله والملكة ثريا طرزي.

يمكن تلخيص الأسباب التي أدت إلى أفكار الملك أمان الله خان التقدمية، وهي عندما حدثت ثورة أكتوبر عام 1917 في الاتحاد السوفيتي، والتي كان لها تأثير على الحركات التقدمية والشيوعية في العالم وكان لها أيضاً تأثير على أفغانستان. ومن الأسباب الأخرى التي أثرت على أفكار أمان الله ومن حوله كانت أفكار زوجته الملكة ثريا طرزي التي أمضت سنوات شبابها في دول الشرق الأوسط.

ووعد أمان الله خان مثقفي المجتمع بـ "إذا حصلت على السلطة سأقوم بمهمتين رئيسيتين وأساسيتين، إحداهما الحصول على استقلال البلاد عن البريطانيين والأخرى تغيير شؤون البلاد". وبالفعل عندما وصل إلى السلطة، أوفى بوعوده مع الملكة ثريا طرزي وأصدقائه الآخرين، وأعلن استقلال البلاد عام 1919، ورفع يد إنكلترا عن أفغانستان. بعد ذلك، ولأول مرة مع عدد كبير من الممثلين الحقيقيين للشعب أصدر الدستور المسمى "دستور الحكومة الأفغانية العليا" الذي تضمن 73 مادة وتم قبولها، إلى جانب 50 قانوناً آخر لعبت دوراً أساسياً في شؤون أفغانستان، وافقت عليها الحكومة والمحاكم.

نصت مواد دستور حكومة أمان الله خان على الحقوق الأساسية للأفراد مثل حرية الإعلام والصحافة وإلغاء الضريبة الباهظة على الفلاحين. وكف أيدي رجال الدين عن المواضيع القضائية وأعلن وجوب حصول جميع رجال الدين على شهادة جامعية. وتم إلغاء مسألة بكاري وزوجات وحريم جده ووالده؛ فقد كان لا يزال هناك علامات على نظام العبودية حيث أجبرت الخانات القرويين على العمل بدون أجر وتم الاحتفاظ بالنساء كعبيد، ولا يزال الأجداد والآباء يتحفظون على خصوصية نسائهم مثل الملوك. كما ألغى استعباد أقلية الهزارة التي فرضت إبان حكم جده عبد الرحمن خان وأعلن أن جميع المواطنين الأفغان متساوون في الحقوق؛ تم منح المواطنين الهندوس والسيخ نفس الحقوق التي يتمتع بها المواطنون الآخرون وتم إنشاء مدارس لأطفالهم؛ اعتبر الزواج تحت سن البلوغ جريمة وجعل التعليم الابتدائي إلزامياً للجنسين على حد سواء، إلى جانب كل هذه الخدمات في المجتمع، تم أيضاً منح الحقوق الأساسية للمرأة.

وقال أمان الله خان "إن مفتاح الدولة والمجتمع المتقدم يكمن في وعي نساء ذلك البلد"، لذلك لعبت الملكة ثريا طرزي دوراً أساسياً في توعية النساء وأخذت زمام المبادرة في هذا المجال بنفسها. ولأول مرة، تم إنشاء مدرستين ثانويتين للنساء هما مستورات وعصمت. في هذه المدارس، إلى جانب العلوم الأخرى، جاء مدرسون ألمان وفرنسيون لتعليم هاتين اللغتين وشاركت 40 فتاة في التعليم. كما أصدرت الأسبوعية النسائية "أشاد النسوان" لتوعية المرأة والمجتمع. وبدأت مع العديد من النساء الأخريات، حملة لخلع الحجاب. ولعبت دوراً أساسياً في تحرير وضمان حقوق الإنسان للمرأة والحفاظ عليها.

في عام 1926، قالت الملكة ثريا طرزي في خطابها للاحتفال بعيد استقلال البلاد "يجب علينا جميعاً نحن النساء العمل من أجل تنمية أمتنا، وهذا مستحيل بدون المعرفة".

كانت هناك ابنتان شجاعتان لديفان نارانجانداس وزير المالية لأمان الله خان تدعيان رادو وزارو ديفان ولعبتا دوراً مهماً في تحرير المرأة. كانت رادو ديفان أحد الفرسان الشجعان وغالباً ما كانت تمتطي الأحصنة بمفردها وتذهب من مكان إلى أخر في كابول. كانت كل من رادو وزارو دائماً بجانب والدهما وحضرتا الاجتماعات التي عقدها الملك أمان الله خان والملكة ثريا طرزي. اشتهرت رادو ديفان بجرأتها وشجاعتها.

بعد قمع حكم الملك أمان الله خان على يد حبيب الله كلكاني الملقب بـ "ساق كيد" بموافقة السادة البريطانيين، فر عدد من أصدقاء الملك إلى الهند وسجن عدد أخر وقتلوا. اضطرت رادو ديفان وعائلتها للسفر إلى الهند بعد أن لم ترد أنباء عن مصيره.