جلرخ قبادي أول مناضلة وقيادية في شرق كردستان

أكدت المناضلة الكردية جلرخ قبادي التي كانت من أوائل النساء اللواتي انضممن إلى المنضمات السرية في الأعوام التي سبقت ثورة 1978؛ على ضرورة مواصلة النضال من أجل نيل الحرية.

شهلا محمدي

مركز الأخبار ـ تناضل النساء في إيران وشرق كردستان منذ الأزل وحتى يومنا الراهن من أجل الحصول على حقوقهن الأساسية، وعملن سراً خلال العصر البهلوي، ومع وصول الجمهورية الإسلامية للسلطة انتزعت جميع الحريات السابقة مثل الحجاب، وحضانة الطفل، والحق في الطلاق، وغيرها.

بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من آذار/مارس من كل عام، أجرت وكالتنا حوار مع جلرخ قبادي التي ناضلت منذ من أجل حقوق المرأة، وشاركتنا حياتها والتجارب والتقلبات التي مروا بها في النضال.

 

كيف كانت بداية نضالكِ كامرأة كردية وبداية نضالات النساء في شرق كردستان؟

بدأت النضال مع المنظمات السرية في عهد البهلوي وكان بعض هؤلاء المناضلين/ات في السجن. عملنا في مجموعات صغيرة مكونة من ثلاثة أشخاص بسرية تامة، وكانت السياسة في عصرنا هي الماركسية اللينينية، وكنا نسعى بأن تكون الحكومة المستقبلية لإيران حكومة اشتراكية محبة للحرية والعدالة. كنا نناضل من أجل المجتمع، وننشر الوعي والمعرفة داخله بأن الثورة والتغيير لا يحدث بين عشية وضحاها وعام واحد، بل يتطلب أعوام أو عقود.

لهذا السبب، علينا أن نعود ونقول إن هناك مجتمعات أخرى وحياة مختلفة عما كنا نناضل معه منذ أعوام. عملت كمعلمة في مدن وقرى شرق كردستان وتقدّر نسبة الأشخاص غير المتعلمين في القرى ما بين 65 ـ 70%، لذلك، واصلنا النضال مع توعية المجتمع وتعليمهم القراءة والكتابة.

في عام 1977، عندما بدأت المظاهرات في شرق كردستان، كنت من بين المشاركات فيها، وفي ذلك الوقت أنشأنا منظمات في الأحياء أطلقنا عليها اسم "مجلس الحي"، وبهذه الطريقة حشدنا الناس. من عام 1977 حتى عام 1978 عندما بدأت الثورة، حاولنا العمل سراً لأن نظام البهلوي كان لا يزال قائماً. في نهاية عام 1978 كنا حاضرين علانية حتى بالطريقة التي نظمنا فيها المظاهرات.

 

ما هو دور المرأة في المنظمة وكيف تعامل المجتمع والأسرة والقوانين معها؟

في ذلك الوقت، كانت هناك عائلات أرسلت بناتها إلى المدرسة، ونساء تذهبن إلى جامعة تبريز وطهران ومدن أخرى، كونه لم تكن هناك جامعات في شرق كردستان وكان هذا تغيير كبيرمقارنة بالسنوات السابقة عندما كنا نناضل من أجل أن تكمل الفتيات والنساء تعليمهن. عندما عادت هؤلاء الفتيات إلى شرق كردستان، جلبن الوعي لأسرهن ومجتمعهن. على سبيل المثال، عندما يتقدم لهن شخص من أجل الزواج لا تسمحن لأسرهن اتخاذ القرار عنهن، ولم تقبلن أن تتزوجن مقابل ذهب أو مال باعتبار ذلك إهانة لهن، وهذه علامة على تحولهن الفكري واستقلاليتهن. هؤلاء الفتيات لم تقبلن مجتمعاً ديكتاتورياً لا تتمتع فيه المرأة بحقوقها، ومن الطبيعي أن تقوم بالمواجهة والنضال.

كنا قد أعددنا أنفسنا لمجتمع اعتقدنا أن حكومة اشتراكية وديمقراطية ستنشأ بعد الإطاحة بنظام البهلوي، ولم نفكر في حقوق المرأة؛ لأننا اعتقدنا أنه في حكومتنا الاشتراكية، تنال النساء حقوقهن ولا داعي لذكرها. بعد الحكم البهلوي، وصلت الجمهورية الإسلامية إلى السلطة في طرفة عين، كما انتزعت جميع الحريات السابقة مثل الحجاب، وحضانة الطفل، والحق في الطلاق، وغيرها.

وفي اليوم التالي للثورة وبعد أمر الخميني المباشر بالحجاب الإجباري، خرجت مظاهرة حاشدة في طهران، وفي نفس الوقت أتينا إلى ساحة سنه ومريوان وبدأنا التظاهرة، وكان هذا أول 8 آذار/مارس 1978. لم يدعمنا الناس كما كان من قبل لأنهم اعتقدوا أن حكومة جديدة قد جاءت وكنا في عجلة من أمرنا. قمنا بالمظاهرات ورفعنا مطالبنا لكنها لم تتحقق. في بداية الثورة، عندما لم تكن الحكومة الجديدة قد تشكلت بعد في شرق كردستان، أنشأنا على الفور منظمات نسائية في مدن مختلفة.

بالإضافة إلى تشكيل المجلس النسائي في مدينة سنه، وكان الأمر نفسه في مريوان وسقز وأشنويه، لكننا لم نكن على دراية باحتياجات ومطالب النساء في ذلك الوقت، كوننا جئنا من حكومة ديكتاتورية حيث لم تكن هناك حرية في التعليم والتنظيم وغيرها، وقد كنا نختبر كل شيء عندما هاجموا في 19 آب/أغسطس 1978، المراكز الديمقراطية في مدن إيران وشرق كردستان وأخذوا كل شيء منا، واعتقلوا العديد من المناضلين/ات وأعدموا بعضهم.

 

ما مستوى حضور ودعم النساء من المنظمات الأخرى في تلك الفترة؟

لقد عوملنا كسائر النساء في إيران، ولأننا لم نكن أحراراً في البحث عن حقوق المرأة قبل ذلك، ولم نكن نعرف عن هذه القضايا، وعندما بدأت الثورة كانت النساء تتعلمن القراءة والكتابة فقط. وكانت تخضع الكتب للرقابة ولم يُسمح بنشرها أو قراءتها، ولم يكن هناك إنترنت. نتيجة لذلك، كنا لا نعرف سوى القليل جداً عن حقوق المرأة، مع ذلك تعلمنا الكثير من الاجتماعات المكثفة، وحاولنا وضع ما تعلمناه موضع التنفيذ على الفور، وتجمعنا معاً بوقت قصير جداً كانت المنظمة هي التي ساعدتنا على أن نكون داعمين وأن نقوم بعمل مشترك معاً.

في الثامن من آذار 1978، تمكنا من جمع آلاف النساء للمشاركة في المظاهرة على مدى يومين أو ثلاثة أيام. في ذلك الوقت، عندما كانت النساء أكثر حضوراً في المظاهرات، وفي اليوم الذي نظمنا فيه المظاهرة، هاجمنا مسلحين، لكن استطعنا أن نحمي أنفسنا كما شارك الرجال في حمايتنا ومهدوا الطريق لمظاهرتنا، لكنهم اعتدوا علينا وفرقوا التظاهرة، وعدنا من الأزقة إلى الشارع الرئيسي واستمرينا في التظاهرة. أصدرنا قراراً ينص على وجوب إعادة مطالب المرأة وحقوقها إليها، لكنها تعرضت للاختناق هناك ولم تدعمنا الجمهورية الإسلامية أو تدعم النساء الأخريات.

 

كم عدد النساء المناضلات في تلك الحقبة اللواتي كن نشطات كقائدات مؤثرات؟

كانت أختي الكبرى جلريز قبادي واحدة من أوائل النساء اللواتي انضممن إلى المنظمة السرية، فهي مناضلة وواسعة المعرفة ولديها خبرة في تنظيم الحملات بين النساء والطلاب والفقراء، وكانت تتمتع بخبرة كبيرة. في نهاية الفترة البهلوية، ذهبت إلى طهران للعمل.

فريدة زكريائي، التي كانت عضو أيضاً في المنظمة، وفرزانة قطبي، التي انضمت أثناء الثورة، كانت أيضاً من النساء المناضلات.

كانت فريدة جلنسب وشهين باوفا وفرشتة فايقي ومستورة شهسواري والعديد من النساء الأخريات من أوائل المناضلات اللواتي أُعدمن بعد الثورة. على سبيل المثال، كانت فرشتة فايقي متعلمة لديها خبرة في القتال. وشهين باوفا كانت ممرضة جديرة جداً ساعدت الشعب في كل الحروب على شرق كردستان.

 

لديك سنوات عديدة من الخبرة في النضال، كيف يمكننا الاستفادة من تجربتكِ؟

بعد سنوات من النضال، لا تزال المرأة غير مرئية في قيادة الأحزاب، من أسباب ذلك هو أن هؤلاء النساء كن في مؤسسات عامة مع رجال، وكانت هذه المنظمات العامة مرتبطة بالبشمركة، ولم يكن بإمكاننا العمل في هذه المنظمات إلا لفترة قصيرة بسبب تقدمنا ​​في السن. عندما نغادر المنظمة، يأتي أعضاء جدد، ولا يمكنهم بناء احتياطي من القيادات النسائية.

المسألة الثانية هي أن النساء لم تجهزن أنفسهن لهذه القيادة وما زلن لا تحضرن أنفسهن للقيادة ولا تعطين أنفسهن الشجاعة والقدرة على الدخول في هذا المجال لأنهن شابات وجدد. بالإضافة إلى الأفكار الأبوية التي لا تزال قائمة في شرق كردستان وهذه الأفكار هي جدار للقيادة النسائية. حتى في المنظمات التي أصبحت فيها النساء قائدات، فليس لهن هذا الدور الحقيقي، وفي رأيي، قيادتهن سطحية، ولم تستطعن ​​بعد إظهار دورهن الحقيقي. هذا يعود إلى المجتمع. يجب أن تُمنح هذه القدرة بمرور الوقت من قبل الرجال والنساء ولحسن الحظ وصلنا الآن إلى مكان نمتلك فيه هذا الوعي.

من المهم كيف نستخدم التجارب السابقة في المستقبل. في دراساتي وأبحاثي، صادفت مشكلة لم أسمع فيها من قبل، وهي أنه بالإضافة إلى النضالات الماضية كنساء، في عام 1922 ظهرت امرأة تدعى فاطمة نشوري على خشبة المسرح في مدينة جيلان وخلعت الحجاب واحتجت لأول مرة على الحجاب الإلزامي، وذلك بعد قرة العين التي فعلت ذات الأمر.

وتم تشكيل لجنة المرأة الكردستانية لأول مرة واحتفلوا في 8 آذار/مارس وطلبوا من الأهالي إرسال بناتهم إلى المدرسة لأنه في ذلك الوقت لم تكن الفتيات تكملن تعليمهن. بعد ذلك حاولت النساء بناء مدارس وتشجيع العائلات على إرسال بناتهم، وخلال هذه الفترة رأينا فتيات تذهبن إلى الجامعة.

بالنظر إلى هذه الحالات، ندرك أننا لم نناضل من أجل تعليم الفتيات فحسب، بل ناضلنا من أجل الديمقراطية وحقوق المرأة. النضال هو تسلسل هرمي وسلسلة متصلة، ويضيف كل جيل إليها طلباً جديداً وفقاً لعصره. خلال السنوات الـ 43، استمرت النساء في شرق كردستان بالنضال وحاربن الانتهاكات التي تمارسها الجمهورية الإسلامية على الشعب، ونتيجة لذلك، فإن نضالات كل جيل هي نتيجة النضالات والتجارب الماضية.

على نساء اليوم النضال من أجل الحصول على حقوقهن، لقد أظهرت هذه السنوات الأربعون أن النساء لديهن العديد من الحقوق ويجب أن تناضلن من أجلها، يجب أن تكون لدينا مطالبنا المحددة كنساء، بصرف النظر عن حق المواطنة ويجب أن تكون لدينا منصة خاصة بنا حتى لا نكرر أخطائنا في السنوات السابقة.