في الثورة الكوبية... روح النساء الطليعيات (4)

رفاق هايدي سانتاماريا كوادرادو يسمونها بـ "يه يه"، عملت يه يه خلال مسيرة الثورة الكوبية على تأمين المصادر المادية لجيش انتفاضة كوبا، وفي نفس الوقت كانت تنجز مهام نقل الأسلحة

الثورية هايدي التي عرفت بين صفوف الثورة باسم "يه يه"

 
مركز الأخبار ـ . وكانت تؤدي دوراً مهماً ومؤثراً في التواصل والتنسيق بين الكريلا والقوات الشعبية (الميليشيا).
ولدت هايدي سانتاماريا كوادرادو في الـ 30 من شهر كانون الأول/ديسمبر عام 1922، في مدينة بيلا كلارا الكوبية، من عائلة إسبانية. وهي من كالجيا وكان والدها يعمل نجاراً. دخلت في مجال العمل منذ نعومة أظفارها وعملت في مزارع الشوندر. في البداية عملت كممرضة في إحدى المشافي، كما عملت كمعلمة مدرسة لفترة قصيرة. هايدي كانت تدرك كل ما يدور حولها من أحداث، وفي بداية عام 1950 سافرت مع شقيقها إلى مدينة هافانا. وكانت الحياة في تلك المدينة بالنسبة لها جديدة وغريبة وشكلت تلك الحياة بداية لانضمامها إلى النضال الثوري. ولم تنضم لوحدها إلى النضال، بل أن جميع أفراد اسرتها انضموا فيما بعد. وعن طريق صحيفتي "سون لوس ميسموس" و"آل أكوسادور" تمكنت برفقة شقيقها من إيصال صوت الثورة إلى شريحة واسعة من الناس. وفي تلك الفترة تحول منزلهم إلى محطة للثوار.
 
"أنا أيضاً لن أتكلم"
في العملية العسكرية التي قادها فيدل كاسترو في 26 تموز/يوليو عام 1953 شارك 120 كادراً ثورياً في الهجوم على قاعدة مونوكادو العسكرية. وشاركت في العملية أيضاً كل من هايدي سانتاماريا وميلبا هيرنانديز وحقق الثوار في تلك العملية العسكرية نصراً كبيراً. ورغم أن معظمهم تعرض للاعتقال، إلا أن العملية لاقت صداً واسعاً لدى الرأي العام وحققت تأثيراً كبيراً. خلال فترة الاعتقال والتعذيب، هددها الشخص الذي كان يقوم بتعذيب السجناء، وأظهر لها إحدى عيني شقيقها التي فقأت أثناء التعذيب، وهددها باقتلاع عينه الأخرى، فكان رد هايدي سانتاماريا هو: "لقد فقأتم عينيه ولم يتكلم، وأنا أيضاً لن أتكلم". في تلك الفترة توفي شقيقها آبيل، وكذلك حبيبها بورس لويس سانتا كولوما، والعديد من رفاقها الآخرين تحت التعذيب الشديد.
بعد قضاء سبعة أشهر في السجن، تم إخلاء سبيل هايدي سانتاماريا وميلبا هيرنانديز من السجن، وتمكنت هايدي سانتاماريا من إخراج نص المرافعة التي كتبها فيدل كاسترو في السجن تحت عنوان "التاريخ سوف ينصفني". وبعد أن خرجت من السجن واصلت نضالها المسلح بشكل سري. وفي تلك الفترة وخلال نضالها بين الأهالي تزوجت هايدي من آرماندو هارت الذي كان يشارك معها النضال. وأنجبا ولدين سماهما آبيل وسيليا. هايدي التي شاركت في مختلف أشكال النضال الثوري، انتقلت فترة من الزمن إلى الولايات المتحدة الأمريكية لجمع الأموال وتأمين الأسلحة للثوار. وبعد فترة طويلة من النضال المتواصل في المدن، توجهت هايدي إلى النضال في الجبال لتنضم إلى صفوف وحدات الكريلا في جبال (سييرا مايسترا) التي أسسها كل من فيدل كاسترو وتشي غيفارا. وهناك انضمت إلى كتيبة نساء سييرا مايسترا.
لقبت هايدي غواردرادو بـ (يه يه)، عملت يه يه خلال مسيرة الثورة الكوبية على تأمين المصادر المادية لجيش انتفاضة كوبا، وفي نفس الوقت كانت تنجز مهام نقل الأسلحة. وكانت تؤدي دوراً مهماً ومؤثراً في التواصل والتنسيق بين الكريلا والقوات الشعبية (الميليشيا).
شاركت في مهام خطيرة، كما انضمت إلى وحدات ماريانا غراجيليس النسائية. وفي نهاية عام 1958، انتقلت إلى ولاية ميامي في الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تأمين الأسلحة والمتفجرات. في الأول من شهر كانون الثاني/يناير 1959 وعندما سمعت أن نظام باتيستا بدأ ينهار على أيدي الثوار عادت على وجه السرعة إلى كوبا.
بعد انتصار الثورة فرضت الولايات المتحدة الأمريكية الحظر على كوبا، وفي نفس الوقت بدأت بإطلاق حملة إعلامية مضادة للثورة الكوبية. وبهدف كسر الحصار والدعاية لصالح الثورة الكوبية، عملت هايدي سانتاماريا كوادرادو على تأسيس مشروع لا كاسا ديلا أمريكاس. وفي نيسان/أبريل عام 1959 تم توقيع اتفاقية بين دول أمريكا الجنوبية. وتم تأسيس لا كاسا من أجل الاهتمام بفنون أمريكا الجنوبية، من نشر ودعم فنها في الدول الأخرى، ليتمكن الجميع من رؤية هذا الفن والتعرف عليه. وخدم المشروع النتاجات الفنية، بالإضافة إلى إجراء الأبحاث والدارسات الخاصة بدور أمريكا الجنوبية. ونشر مشروع لا كاسا كُتب غابريل غارثيا ماركيث والشاعر بابلو نيرودا وجوزيه ساراماغو، وأليسا ألونسو والصحفي إدواردو غاليانو.
في الذكرى السنوية الـ 27 للهجوم على قاعدة مونوكادا العسكرية، وبعد مرور يومين على الذكرى، أقدمت هايدي سانتاماريا على الانتحار. وتم دفنها دون إقامة المراسم في ميدان الثورة الكوبية. ولا أحد يعلم سبب إقدامها على الانتحار. إلا أن أصدقاء هايدي قالوا إنها تعرضت قبل 7 أشهر من انتحارها لحادث سير. ولم تتمكن من تجاوز الأثر الذي خلفته تلك الحادثة، وفي نفس الفترة توفي تباعاً عدد من أصدقائها. مما أثر عليها ولم تستطيع تجاوز الأمر مما دفعها للإقدام على إنهاء حياتها.
 
غداً: من على ذرى جبال بوليفيا قصة المقاتلة تانيا