دار المرأة باتت نموذجاً لثورة النساء (1)

باتت دار المرأة الأمل والحل للنساء في شمال وشرق سوريا. وأظهرت أنه بإمكان المرأة حماية حقوقها والمطالبة بها والحصول عليها.

روناهي نودا

قامشلو - تمكنت نساء روج آفا من تنظيم أنفسهن في عام 2004 تحت قيادة اتحاد ستار. وتطورت هذه الخطوات بعد ثورة 19 تموز/يوليو 2012، حيث تمكنت النساء من إنشاء العديد من المؤسسات والهيئات والمنظمات النسائية. وكانت إحدى هذه المؤسسات دار المرأة التي تمكنت من تمثيل المرأة وإيصال صوت النساء اللواتي يواجهن الصعوبات.

لقد نظمت دار المرأة نفسها لأول مرة في 20 آذار/مارس عام 2011 في مدينة قامشلو. ويتكون جميع أعضائها من النساء اللواتي استطعن إيجاد الحلول للمشاكل والمظالم التي تتعرض لها النساء وتمثيلهن وإيصال صوتهن. ومن أجل معرفة المزيد عن عمل وأنشطة دار المرأة، التقت وكالتنا مع النساء اللواتي يعملن فيها.

 

الشعب الكردي شعب ثائر ومتمرد وصاحب ثورة

الشعب الكردي من المكونات التي حُرمت من حقوقها منذ مئات السنين. ولطالما تعرض الكرد لضغوط واضطهاد وظلم السلطات. لقد تم تقسيم أراضي كردستان إلى أربعة أجزاء في اتفاقية سايكس بيكو وأرادوا تدمير وصهر الكرد من خلال هذا التقسيم. حيث ترك الكرد في مواجهة سياسة الصهر. لكن لم تستطع السلطات تحقيق هذا الهدف وواجهت مقاومة ونضال من الشعب الكردي.

وقد تمكن شعب روج آفا من أن يحول الربيع العربي إلى ثورة روج آفا. وتمكن الكرد الذين عانوا من ضغوطات وظلم النظام البعثي لسنوات، من بناء ثورة شعبية بقيادة النساء من خلال انتفاضة 19 تموز/يوليو. ومن أجل هزيمة وإفشال ثورة الشعوب قام النظام بمهاجمة الثورة بكل أنواع الحيل الوحشية وبالعديد من القوات أمثال جبهة النصرة وأحرار الشام وكتيبة السلطان مراد وآخرها مرتزقة داعش، وقاموا بخطف النساء وقتلهن. ولكن على الرغم من ذلك قدم الكرد تضحيات كبيرة ودفعوا ثمناً باهظاً ولم يقبلوا الاستسلام ولم يتركوا أي شبر من أرضهم في أيدي المرتزقة. وقد وصلت هذه الشرارة إلى المناطق العربية أيضاً مثل منبج والطبقة والرقة ومؤخراً إلى دير الزور. فاليوم وبفضل ثورة الشعوب وثورة المرأة، تنظم كل المكونات والأعراق مثل العرب والكرد والتركمان والآشوريين والسريان والأرمن أنفسهم ضمن مشروع الأمة الديمقراطية الذي قدمه القائد عبد الله أوجلان.

 

يمكن للنساء بناء مجتمع متساوٍ

إن قضية المرأة في المجتمع هي مصدر كل المشاكل. كما أنها مصدر تاريخي واجتماعي. فتقييم وضع المرأة في المجتمع إلى جانب السياقات التاريخية والاجتماعية هو موضوع مهم للغاية، لأن تحرير ودمقرطة المجتمع مرهونان بحرية المرأة. فقد كانت المرأة هي مصدر الحياة في المجتمع الطبيعي، وكانت تحتضن منطق عدالتها الذي يشمل ويعزز مفاهيم المساواة والمشاركة والتعاون في المجتمع. لكن مع استبداد الرجل المهيمن سُلب دور المرأة وتم تهميشها، وحُرمت المرأة من جميع حقوقها. لذلك ومع ضياع وتهميش دور المرأة انهار المجتمع بأسره، وبدلاً من دور المرأة ظهرت الدولة القومية التي تحكم من أجل مصالحها الخاصة. لقد بدأ هدم المجتمع من استعباد النساء، ولكي يحصل المجتمع على إرادته مرة أخرى، يجب على النساء أن يحررن أنفسهن من عباءة العبودية وأن يصبحن قائدات ورائدات في مجتمعهن.

يمكن للمرأة أن تلعب دوراً أساسياً في المجتمع من خلال إبداعها وعدالتها المتكافئة، كما يمكن حل المشاكل الاجتماعية بأيدي وذهنية وفكر المرأة التي تعتمد على المساواة. وإذا كانت المرأة قادرة على تنظيم نفسها في المؤسسات والهيئات الاجتماعية، فسوف تكون قادرة على إعادة بناء وترسيخ مبادئ الطبيعة والعدالة الاجتماعية من جديد بثقة كبيرة وإدراك وحذر شديد.

 

تم إنشاء دار المرأة في عام 2011

أنشأت دار المرأة في 20 آذار/مارس عام 2011. وافتتحت جميع فروعها في شمال وشرق سوريا لتعزيز المساواة الاجتماعية. فدار المرأة تبني أسرة ديمقراطية وتتعامل مع قضايا ومشاكل المرأة والمجتمع بأسلوب عادل ومنصف. وهي منظمة مدنية اجتماعية. وتعمل من أجل نشر المعرفة. والغرض منها إرساء فلسفة المساواة الاجتماعية، وثقافة الأسرة الديمقراطية والتعايش الحر الذي يعارض أشكال التمييز ضد النساء والأطفال. وتقوم دار المرأة بحل مشاكل المرأة والأسرة وتسيير العمل عن طريق اللجان. ويشارك ممثلون عنها في جميع الإدارات المستقلة والمدنية وفي مجلس عدالة المرأة. وتنظم نفسها على شكل مجالس وتقوم بإنشاء لجان للصلح والتعليم ومجلس (العدل) والإعلام والأرشيف.

لقد تم إنشاء دار المرأة بهدف تعزيز وتطوير الثورة وحل مشاكل شعب روج آفا على أساس ديمقراطي وحماية المرأة من جميع أشكال العنف الأبوي، وتسليط الضوء على قضاياها.

هناك 62 فرعاً لدار المرأة في شمال وشرق سوريا. تنظم دار المرأة نفسها تحت مظلة مؤتمر ستار وتعمل على تحقيق وترسيخ العدالة بين شعب روج آفا ومعالجة مشاكل وقضايا المرأة والمجتمع. تم إنشاء 11 دار للمرأة في مقاطعة قامشلو، و10 في الحسكة، و4 في عفرين و4 في الشهباء، و8 في كوباني، و2 في الرقة و5 في منبج، و6 في دير الزور، و11 في الطبقة و1 في العاصمة السورية دمشق في حي زور آفا. كما تم إنشاء فرعين لدار المرأة للنساء السريان لتعنى بقضاياهن.

 

الوضع التنظيمي لدار المرأة

جميع أعضاء الصلح في اللجان النسائية الخاصة هم أعضاء في دار المرأة. والعضوات اللواتي يحصلن على أكبر عدد من الأصوات في انتخابات مجالس المقاطعات يصبحن الناطقات باسم دار المرأة المركزي في المقاطعة ويؤدين دور المتحدث الرسمي. كما يتم انتخاب ثلاثة عضوات في المجلس التنفيذي في المقاطعات ليصبحن مديرات لدور المرأة في المقاطعات.

 

دور المجلس التنفيذي للمقاطعة

ويعد المجلس التنفيذي للمقاطعة المشرف على عمل اللجان التابعة لدار المرأة. ومسؤول عن التنسيق مع المراكز الخاصة بالمرأة وإعداد برامج التدريب والإعلام. كما يجب الحصول على موافقته عندما ترغب إحدى العضوات في الاستقالة من العمل أو عند استبعاد أحد من العمل في دار المرأة. وهو مسؤول عن تكليف الأعضاء وتوزيعهم على اللجان. كما يعد المجلس التنفيذي تقارير شهرية عن الأنشطة والتمويل والعمل والتوظيف. وتجتمع الإدارة مرة في الأسبوع لتقييم عمل وأنشطة دار المرأة. وتعقد لجان دار المرأة اجتماعاتها مرة في الأسبوع. ويجتمع جميع أعضاء دار المرأة مرة واحدة في الأسبوع ويقدمون تقاريرهم إلى مجلس الإدارة. كما تجتمع المجالس التنفيذية للمقاطعات شهرياً ويقدمون تقاريرهم.

 

لجنة المصالحة الاجتماعية

تعمل لجنة الصلح على حل جميع قضايا المرأة أو المشاكل التي تواجهها المرأة. كما تتابع إحدى الممثلات عن دار المرأة جلسات المحاكم، والقضايا التي وردت إليهم ولم يتم الفصل فيها.

 

لجنة التعليم

تنظم أنشطة الدورات والنساء العاملات في الكومينات. وتعقد الاجتماعات وتقيم ندوات حول المرأة وحقوقها.

 

لجنة الإعلام

تقوم لجنة الإعلام بتوثيق وأرشفة جميع أعمال وأنشطة دار المرأة. وتقوم بكتابة ملف القضايا المعروضة على لجنة الصلح. وتنشر القرارات والبيانات والأخبار المتعلقة بدار المرأة على مواقعهم الإلكترونية. وتقوم بأرشفة الدعاوى والقضايا التي تعرض على دار المرأة. وأيضاً بإعداد الإحصائيات اللازمة.

 

اللجنة الاجتماعية للمرأة

تتابع هذه اللجنة حالة المرأة في الكومينات، وتتعاون وتتواصل مع الأشخاص المعنيين وفقاً للفرص والإمكانيات المتاحة لدار المرأة من أجل تنبيه المجتمع ليهتم بذوي الاحتياجات الخاصة. كما تعمل اللجنة الاجتماعية في دار المرأة بالتنسيق مع لجنة علاقات مؤتمر ستار لمساعدة النساء وتلبية احتياجاتهن.

 

مجلس عدالة المرأة

مع تطور العقلية السلطوية المهيمنة تم إهمال قضية المرأة في التاريخ والمجتمع، لأن الديمقراطية كانت تزدهر وتتطور من خلال حرية المرأة، وقد شكل هذا الأمر خطراً كبيراً على مصالح السلطات فقامت بتهميش وتحييد دور المرأة. لذا بدأ سقوط وتدهور المجتمع مع سقوط المرأة. وعلى هذا الأساس، لم يكن القانون فقط هو الحل بل كانت الأخلاق والعدالة الاجتماعية هي الحل الأنسب لحقوق المرأة. ومن أجل تحقيق ذلك، كان على المرأة أن تلعب دورها وتشارك في جميع مناحي الحياة. كما كان عليها بناء شخصيتها بطريقة تنظيمية تستند على أساس المعرفة وحماية القانون وطبيعة المرأة ومن يدافع عن عدالة المرأة. ولهذا الغرض تم إنشاء مجلس عدالة المرأة. وللمجلس علاقات مع جميع مجالس المرأة للعدالة الاجتماعية في الإدارة الذاتية والمجالس الاجتماعية في شمال وشرق سوريا. هناك مجلس مشترك بين مجلس عدالة المرأة وبين جميع الهيئات الإدارية والمؤسسات الاجتماعية في شمال وشرق سوريا. وهناك أيضاً ممثلة عن دار المرأة في مجلس عدالة المرأة تقوم بمتابعة القضايا التي لم يتم حلها عن طريق مجلس عدالة المرأة.

 

 دار المرأة السريانية "عشتروت"

بهدف رفع مستوى الوعي بين النساء السريان وحل القضايا الأسرية، افتتح اتحاد المرأة السريانية في سوريا وبالتعاون مع مجلس عدالة المرأة التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية، أول دار للمرأة السريانية في حي البشيرية في قامشلو. يوجد الآن داران للمرأة السريانية باسم "عشتروت" في الحسكة وقامشلو وأصبحت حلاً للنساء السريان.

 

غداً: مديرة دار المرأة في إقليم الجزيرة إلهام عمر تقيم أعمال وأنشطة الدار