التعليم باللغة الأم يضمن وجود المجتمعات وبقائها (2)
استهدفت الأنظمة التي سعت إلى زعزعة استقرار وصهر المجتمعات عقول أبناء المجتمع والأطفال أولاً، وبالتالي طورت أساليب تعليم خاطئة وفككت المجتمع وفقاً لذلك التعليم
عبر التاريخ، كانت هناك حرب دائمة بين نظام التعليم المجتمعي الطبيعي ونظام التعليم الاستبدادي. لقد تركت نتائج هذا التعليم المضلل المجتمع بعيداً عن ثقافته وأخلاقه وهويته، أي أنه جعل البشر مثل الروبوتات ودمر تلك الروح الحية في المجتمع. اليوم نظام الأمة الديمقراطية هو رد على كل هذه الأخطاء وقد أنشأ نظام التعليم الصحيح في المجتمع بشكل ديمقراطي.
روج هوزان
قامشلو ـ . وكما نعرف فإن الحياة لا تكون دون تعليم، لذا طورت الأنظمة الاستبدادية ممارسات وأساليب دنيئة ضد الأنظمة الديمقراطية أثرت على عملية الإدارة الذاتية والتعليم. يمكن للمرء أن يقول إن المجتمعات ذات الأخلاق والثقافات والهويات والوجود تخوض حتى الآن حرباً شرسة مع هذه الأنظمة العنصرية. ومع تقدم وتطور الحياة، تتغير طرق التعليم أيضاً ولكن إلى أي مدى تكون هذه الأساليب صحيحة وسليمة وتدخل في خدمة ذلك المجتمع. في نظام الأمة الديمقراطية احتلت أهمية التعليم في الأوساط الأكاديمية مكاناً هاماً في بناء مجتمع شمال وشرق سوريا، حيث تم تعليم الناس روح المسؤولية والحماية والمساواة وإدارة أنفسهم. وحول هذا الموضوع سنتحدث عن أهمية التعليم في أكاديميات المجتمع الديمقراطي وفي مدارس الإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا.
لا يعيش المجتمع بدون تعليم
قالت فاطمة عبد الله العضو التنفيذي في أكاديمية المجتمع الديمقراطي عن نتائج التعليم الصحيح والفرق بينها وبين نتائج التعليم الخاطئ الموجودة "نحتاج حقاً إلى تعريف وإظهار نظامنا التعليمي للعالم بأسره. سنعود إلى الوراء قليلاً ونسأل ما هي الطريقة التي كانت تعلم المجتمعات بها نفسها عبر التاريخ؟ على الرغم من عدم وجود أماكن خاصة للتعليم، فإن المجتمعات لم تعش بدون تعليم. على سبيل المثال، كيف كانت العشائر تدير نفسها بنظام صحيح وسليم، وكيف كان هناك مساواة بين الجنسين، وكيف كانت النساء رائدات في هذا التعليم، هذه كلها قضايا أساسية ساعدتنا في الوصول إلى هذا المستوى اليوم. فالمجتمع في حالة نشاط ويجلب معه التغييرات دائماً. بعد المجتمع الطبيعي، وعندما بدأ نظام السلطة تم إنشاء أول أكاديمية سومرية في نيبور. صحيح أنها كانت أكاديمية تعليمية، وكانت هذه الأكاديمية هي النموذج الأول لنظام التعليم الحاكم والسلطوي. وهنا تطور التمييز بين الرجل والمرأة وتوجهت أخلاق المجتمع إلى تغيرات سلبية. إذا نظرنا سنجد أن هناك حرب دائمة بين نظام تعليم المجتمع الطبيعي ونظام التعليم الاستبدادي. كما كان للتعليم الخاطئ في فترة الأديان أيضاً تأثير على أدمغة المجتمعات، فضلاً عن التقاليد المجتمعية التي تم تطويرها وفرضها تحديداً على إرادة المرأة. وقد لعب النظام الرأسمالي أيضاً دوراً مهماً في التعليم المضلل والخاطئ للمجتمعات، وعلى الرغم من التقدم التقني لكن عواقبه تركت المجتمع بعيداً عن ثقافته وأخلاقه وهويته. أي أنه جعل البشر مثل الروبوتات وصهر تلك الروح الحية في المجتمع، وبالتالي حُرم المجتمع من جميع قيمه".
نظام التعليم في أكاديميات الأمة الديمقراطية
وشددت فاطمة عبد الله على أهمية التعليم في نظام أكاديميات الأمة الديمقراطية "في بداية ثورة روج آفا، كانت بعض قيمنا الأخلاقية قد تم الحفاظ عليها من قبل أمهاتنا لكنها كانت قليلة جداً. وكان مجتمعنا يعيش تحت تأثير التعليم الخاطئ وكان مفككاً. فقد عاش شعبنا في خوف، ودون هوية وابتعد عن كل قيمه الكردية. ولكن في الثورة أعاد مجتمعنا تجميع صفوفه شيئاً فشيئاً وعاد إلى حقيقته وواقعه. بالطبع كان هذا أيضاً عن طريق التعليم السليم لفلسفة الأمة الديمقراطية. لقد قمنا بإنشاء أكاديمياتنا وشاركت مكونات جميع القوميات في التعليم وعاد المجتمع إلى واقعه، وإلى لغته ووجوده. وكنظام تعليمي في أكاديمياتنا، تم إنشاء اللجان كلجنة التعليم ولجنة العلوم ولجنة المراقبة واللجنة المنظمة لتطبيق التعايش المشترك بين الرجال والنساء معاً. بالإضافة إلى ذلك وابتداءً من العلوم وصولاً إلى التواصل يتم تشارك المسؤوليات الرئيسية بين الجنسين. والأشخاص الذين يدخلون أكاديمية التعليم يعبرون عن آرائهم وفقاً لمستواهم ويجرون الدراسات والأبحاث. وهكذا فإن أسلوب العيش المشترك يتطور وينمي الاحترام والتعلم وبناء الشخصية ويطور الأسس الأخلاقية الصحيحة للمجتمع. يقول القائد عبد الله أوجلان "التعليم ضروري للبشر مثل الخبز والماء"، أي أن التعليم مثل روح جديدة تدخل الجسد. الأشخاص غير المتعلمين تائهون ولحظات الحياة متشابهة بالنسبة لهم ولا تحدث فيها أي تغييرات، وعلى هذا الأساس فإن أهمية التعليم ضرورية في شخصية كل إنسان. إذا لم يقم المرء ببناء شخصيته من خلال التعليم، فلا يستطيع إعطاء أي أهمية لوجوده. فالمستقبل يتضح مع التعليم الصحيح، حينها يمكننا أيضاً بناء مجتمع حر. التعليم في الأوساط الأكاديمية يتخطى كل أشكال وقوالب المجتمع، فمثلاً لا فرق بين الرجل والمرأة، ولا فرق بين الغني والفقير، وأيضاً لا فرق بين أصحاب المعرفة ومن لا يمتلكونها، حيث يتم تعليم الجميع بشكل ديمقراطي على الأسس والمبادئ الأخلاقية".
https://www.youtube.com/watch?v=x77pKWzEO_0
بعد الأكاديميات تم إدخال نظام التعليم إلى المدارس
فيما وصفت فريدة إبراهيم المتحدثة باسم المديرية العامة للمدارس النظام الذي تم إنشاؤه "مع تطبيق نظام الإدارة الذاتية في عام 2014، كانت إحدى مهامها الرئيسية تطوير نظام التعليم في المدارس. في البداية تم إنشاء هيئة التربية والتعليم وركزت بشكل خاص على إدارة المدارس. حيث قمنا أولاً بتطهير المدارس من ذهنية نظام تعليم حكومة البعث، كما قامت الهيئة بعمل مقدس لتأمين استقرار المدارس وبدأت في تغيير الكتب المدرسية وإصلاح المدارس. في الحقيقة ليس بالأمر السهل إزالة نظام ما وتثبيت نظام آخر بدلاً منه. تم إعداد آلاف المدارس والمعلمين والطلاب وإدارتهم في وقت كان فيه حصار وحرب عنيفة تدور في شمال وشرق سوريا، فكان العمل التربوي والتعليمي من أحد إنجازات هذه الثورة. كانت الخطوات الأولية بحدود إمكانياتنا وكل ثلاث سنوات كنا نقوم بالتغيير وندخل مرحلة حتى قمنا بتغيير هذا النظام بالكامل. يتم تدريس نظام اللغة الأم في المدارس بحيث يمكن لكل قومية أن تتلقى تعليمها في المدارس بلغتها وثقافتها وهويتها الخاصة. في الأنظمة الراحلة، تم تعليمنا على العقلية الخاطئة وقد أدى ذلك إلى ابتعادنا عن وجودنا وصهرنا مع اللغات الأخرى".
محتوى ونظام إدارة المدارس في تطوير العملية التعليمية
وعلقت فريدة إبراهيم على محتوى ونظام الإدارة المدرسية في تطوير العملية التعليمية بالقول "في مرحلة الإنشاء والبناء تم تدريب الكوادر على إدارة العملية التعليمية في المدارس، وعلى هذا الأساس تم افتتاح معاهدنا وتدريب المعلمين. خلال عطلة الصيف التي مدتها ثلاثة أشهر يتلقى المعلمون تدريبات على الأسلوب والتواصل مع الأطفال في المدرسة. حيث يتعلم كل معلم وفقاً لاختصاصه ويتلقى التدريبات حول الموضوع والمواد ليتمكن من الاستجابة للأنشطة التعليمية. كما تم تغيير المواد والمناهج جذرياً وتم إعداد مناهج جديدة وفقاً لأفكار ووجهات نظر الأمة الديمقراطية. بالنسبة لإدارة المدرسة، قررت هيئة التربية والتعليم إنشاء لجنة مدرسية في كل منطقة لتولي وتنظيم شؤون المدارس والطلاب. هناك مراقبة يومية للمدارس والإدارات المدرسية ونحن على دراية كاملة بكل شيء. خلال هذه السنوات عقدنا العديد من المؤتمرات التي تم فيها مناقشة نظام التعليم وتطويره واتخاذ قرارات جديدة. يتم تغيير معايير العمل والأنشطة التعليمية وإدخال جميع التحسينات والتطورات الجديدة فيها. ومن الأنشطة التي أضافتها الإدارة الذاتية في مجال التعليم إنشاء مراكز إعداد المواد والمناهج، ويعمل هذا المركز على تطوير التدريبات ويعمل على تثبيت التطورات السنوية وفقاً لنظام تعليم الأمة الديمقراطية. نحافظ في هذه الكتب على احترام وثقافة ووجود لغة جميع القوميات. يوجد أيضاً مدرسون ومتدربون متخصصون في جميع المراحل المدرسية الثلاث ويقومون بتعليم الطلاب. نريد أن نصل من خلال محتوى الكتب إلى عقل كل طفل ليتعلم ثقافة وأخلاقيات هذا المجتمع. كل عام نغير كتبنا وفقاً لأفكار وثقافة وفن مجتمعنا ونعد الابتكارات المناسبة لها".
لقد صححنا أخطاء الأنظمة القائمة
وفي ختام حديثها وصفت فريدة إبراهيم الأساليب الصحيحة لتعليم الطلاب، "لا نستطيع مقارنة أنفسنا بأنظمة أخرى وهذه طريقة خاطئة، لأن لكل دولة استقلاليتها المختلفة. لقد صححنا أخطاء النظام القائم وأزلنا عنصريته. إذا تم إعداد كتب الأطفال بشكل غير صحيح، فسيتم إعداد وتنشئة أولئك الأطفال وفقاً لتعليم خاطئ. كما أن ضرب الأطفال في المدارس ممنوع في نظامنا وإذا تعرض الطفل للضرب في المدرسة اليوم فإنه سيكره التعليم وكان هذا أحد أنواع العنف التربوي ضد الأطفال. كما أن هناك تقييماً في نظامنا، أي أنه على أساس تقييم الطالب ينتقل إلى الصف الأعلى وليس على أساس الاختبارات. بهذه الطريقة تمكننا من توفير نظام جيد لمعلمينا وطلابنا بدرجة عالية".
https://www.youtube.com/watch?v=vdERjAc3xUY