"الجنولوجيا" علم ومعرفة ووعي النساء (3)

تحدثت عضو أكاديمية الجنولوجيا ومؤسسة قرية جينوار نوجين دريا عن تأسيس وتنظيم النساء في القرية. وقالت "عندما نقول جينوار، فإننا نتذكر عبارة الحياة المشتركة والتعايش الحر"

نوجين دريا: جينوار مكان لإدارة النساء
 
روناهي نودا
قامشلو - .
تقع قرية جينوار إلى الغرب من ناحية الدرباسية التابعة لمقاطعة الحسكة في شمال وشرق سوريا. تعرف ثورة روج آفا بأنها ثورة المرأة، ومن إنجازات المرأة بناء قرية جينوار التي أصبحت ملجأ لها. قرية جينوار مبنية على أساس الحياة المتساوية وثقافة المجتمع التاريخي وعلم المرأة. تم وضع حجر الأساس لقرية النساء في 10 آذار/مارس 2017 وفي 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 فتحت القرية أبوابها أمام النساء بالتزامن مع يوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة. تم إنشاء أكاديمية ومستشفى ومتجر وعيادة نسائية وورشة خياطة ومدرسة لتعليم الأطفال في قرية جينوار. عندما يتوجه المرء إلى جينوار يرى لأول مرة كلمة "جينوار" كُتبت بأحرف كبيرة على باب القرية، فيما تشرف النساء والأمهات على مهام الحراسة في القرية. المساحة الخضراء التي يمكن رؤيتها من بعيد تجعل المرء يشعر بمدى العمل الجاد ووجود النساء في هذه القرية. عضو أكاديمية الجنولوجيا والمشرفة على بناء قرية جينوار نوجين دريا تحدثت لوكالتنا حول القرية وسبل تنظيمها.
 
"يوجد نموذج لقرى نسائية في جميع أنحاء العالم"
عن وجود قرى للنساء في العالم قالت نوجين دريا "هناك أمثلة على قرى نسائية في جميع أنحاء العالم. بقليل من الفضول والبحث يمكن رؤية العديد من الأمثلة على قرى النساء. على سبيل المثال، هناك قرية نسائية في كينيا تسمى أوموجا، حيث قامت النساء المعنفات ببناء قرية لهن. وهناك أيضاً قرية للنساء في دولة كولوميا ويديرن النساء اقتصادهن الخاص، وهناك قرية للنساء في مصر والهند، ويرى المرء أيضاً في التاريخ أن هناك العديد من المجتمعات النسائية في العصور الوسطى في أوروبا، وفي مناطق شمال وشرق سوريا يمكن رؤية العديد من القرى التي سميت بأسماء النساء، ويمكننا القول أن النساء ساهمن بشكل كبير في الحياة القروية حتى سميت القرى بأسمائهن".
 
"إنشاء جينوار مرحلة مهمة جداً"
وحول فترة تأسيس قرية جينوار تقول نوجين دريا "قبل إنشاء جينوار، كان الأمر أشبه بحلم. عندما يسأل المرء النساء عن أحلامهن، يرى المرء أن كل امرأة تحلم ببناء قرية نسائية. من أجل تأسيس جينوار عقدت المنظمات والمؤسسات النسائية العديد من النقاشات الهامة وحققت حلم القرية النسائية، وتقرر بناء قرية جينوار. وكان الهدف من بناء القرية في هذا التاريخ هو التعبير عن رفضنا للعنف والاحتلال وبناء الحياة التي نعيشها. وكانت بمثابة رسالة قوية من النساء. بدأت عملية بناء قرية جينوار في 10 آذار 2017. استغرقت عملية البناء عامين وقام المئات من الناس ببناء هذه القرية. وكانت هذه المرحلة مرحلة مقدسة للغاية، فالعديد من الرجال قالوا إنه ليس بإمكان النساء لوحدهن البقاء في القرية، بعد أن رأى الرجال كيف يتم بناء هذه القرية بقيادة النساء، اقتنعوا ورأوا أن النساء يمكن أن يعشن بمفردهن".
 
"نضال نساء المنطقة كان مصدر إلهام لبناء قرية جينوار"
وحول دواعي وأسباب بناء قرية جبنوار قالت نوجين دريا "استمدينا فكرة بناء قرية جينوار من القائد آبو. تحدث القائد عن نظام وبناء مأوى للنساء في العديد من وثائقه وأفكاره. القائد دائماً يصرح أنه إذا أردنا بناء مجتمع حر يجب أن تضع النساء أساس ذلك المجتمع، فهناك العديد من تجارب النساء من التاريخ إلى يومنا هذا، كما قال القائد أنه يجب على النساء بناء مدينتهن الخاصة وتسميتها مدينة ستار. تم بناء قرية جينوار بفضل أفكار القائد أبو. لقد ألهمتنا تجارب النساء في المنطقة أيضاً لبناء قرية جينوار".
 
"جينوار جزء من ثورة المرأة"
وذكرت نوجين دريا أن هناك حياة مشتركة في قرية جينوار، "عندما نقول جينوار، فإننا نتذكر عبارة الحياة المشتركة والتعايش الحر. هنا يعيش الكبار والصغار سوية. في جينوار يعيش المرء حياته وكدحه وأفكاره. الناس هنا يبنون العلاقات مع جيرانهم، ومحيطهم، ومنطقتهم وحتى في العالم بأسره. جينوار جزء من ثورة المرأة. هذه الثورة اثرت على الجميع من الكبار والصغار والجميع. بالطبع في الثورات يجب على الناس أن يتخذوا خطوات جذرية وأن يكونوا مصدر إلهام ومثال للعالم بأسره. جينوار هي أيضاً حياة مشتركة ومبدعة. الحياة في جينوار هي حياة للنضال من أجل الحرية".
 
"جينوار تعبر عن الحياة الجماعية"
وتحدثت نوجين دريا عن نظام القرية قائلةً "نظام جينوار يقوم على الخبرة وعلى فكرة الأمة الديمقراطية. المجتمع في هذه القرية ينظم نفسه بحرية. جينوار لا تزال في بداياتها. وسوف تستمر. لا أحد يستطيع العيش بشكل فردي لأن الحياة في القرية حياة مجتمعية والجميع على تواصل مع بعضهم. وهناك أيضاً مجلس قروي وتعقد اجتماعات في القرية. كل النساء اللواتي يعشن في القرية يعرفن أشياء كثيرة عن القرية. هناك الكثير من المناقشات، وتطرح المشاكل والحلول والمقترحات والانتقادات. لدينا أيضاً أكاديمية في جينوار، نحن نبني تغييرات وتحولات كبيرة في أذهان الناس من خلال التعليم. كما توجد مدرسة للأطفال باسم الأم عويش بالإضافة إلى مركز صحي باسم شفا جين".
 
"إن دواء كل الأمراض هو الحرية"
ولفتت نوجين دريا الانتباه إلى مركز شفا جين الصحي قائلة "إذا أردنا إنشاء مجتمع حر، فإن قضية الصحة مهمة للغاية. وعندما يتعلق الأمر بالمرض، لا يمكننا التعامل معه جسدياً. هناك العديد من الامراض الموجودة في الاقتصاد والنظام والفكر، العديد من الأمراض المختلفة تظهر في المجتمع .هذه الأمراض التي ذكرناها لا تعالج بالدواء. اساس الصحة في قرية جينوار هو ما نشير إليه بصحة المجتمع. نحن بحاجة إلى فهم مفهوم الصحة جيداً، فصحة الإنسان ليست جسدية فقط، صحة الإنسان تدور في المقام الأول حول الأفكار والعلاقات الاجتماعية، يجب أولاً تشخيص مرضنا وتغيير حياتنا، إذا أردنا بناء حياة صحية يجب أن نبني حياة صحية وبيئية. مركز شفا جين يعمل من خلال الطب الطبيعي، والنساء العاملات في مجال الصحة يطورن الأدوية بشكل علمي. ووسعن علاقاتهن وحصلن على معلومات من النساء، وأصبحن على دراية في هذا المجال. كما قمن بتدريب النساء. لقد طور فريق شفا جين معرفته وفهم ماهية الصحة، وعمق نفسه في هذا المجال. الفلسفة الأساسية لمركز شفا جين هي أن علاج المرض هو الحرية وأن الحرية تشفي المرض."
تطرقت نوجين دريا أيضاً إلى أهمية الأمن في جينوار "الأمن موضوع مهم للغاية، لأنه في شمال وشرق سوريا هناك حرب على الدوام. هناك حرب ليس من قبل الأعداء فقط، هناك أيضاً حرب الرجال. هناك الكثير من الرجال الذين ما زالوا يرفضون النساء. نهج قرية جينوار هو أن الأمن لا يتعلق فقط بالجيش. فالأمن يتعلق ببناء علاقات جيدة، والتفاهم، وبناء العلاقات مع البيئة والأرض. كل هذه الأمور هي شكل من أشكال الدفاع عن النفس."
 
"المشاكل التي تحدث يتم حلها جذرياً"
وعن طريقة حل المشاكل التي تظهر معهم قالت نوجين دريا "إن جينوار هي حياة مجتمعية وتشاركية، وبالطبع هناك مشاكل أيضاً. والتغلب على المشاكل هو أساس التطور في القرية. وفي كثير من الأحيان تهرب النساء من مشاكلهن أو لا يرغبن في رؤيتها. ولكن في جينوار، يجب النظر في كل شيء وإيجاد حلول للمشكلات، والهدف أيضاً هو فهم المشكلات التي نواجهها، كما يتم حل العديد من المشكلات التي نواجهها في الحياة، لأننا نستطيع فهمها. هناك فهم لطبيعة المرأة ولكن في كثير من الأحيان يتم تشويه هذا الأمر من قبل النظام. وفي اجتماع القرية يتم مناقشة المشاكل الموجودة وحلها. في بعض الحالات، يتم إجراء اختبارات وتجارب وتحليل المشاكل".
 
"يتم تربية الأطفال في جينوار على الحرية والديمقراطية"
وتطرقت نوجين دريا إلى موضوع الأطفال في قرية جينوار "الأطفال الذين نشأوا في جينوار هذه القرية هي قريتهم. يشارك الأولاد أيضاً في نظام جينوار بكل شيء. وإذا أرادوا الخروج من القرية فهم أحرار، نحن نغير مشاعرهم وأفكارهم. من أجل التعايش الحر، لا يتطلب من النساء تحرير أنفسهن فقط، ولكن يجب أن تحرر كلا الجنسين. الأطفال الذكور الذين يولدون في جينوار يكبرون على مفاهيم اللاعنف والحرية والديمقراطية. وهذا يمنح الكثير من الأمل".
 
"جينوار مكان للتعليم والتدريب"
وأكدت نوجين دريا أن جينوار هو مكان لإدارة النساء "جينوار مكان لإدارة النساء، النساء تشكلن أساس جينوار، وقد تم تشكيل عدة لجان. أتت العديد من العائلات إلى هنا وقام العديد من الرجال أيضاً بزيارة القرية. الرجال الذين يؤذون النساء، لا تقبلهم النساء أبداً. إن جينوار ليست مكاناً للحياة فحسب، بل هي أيضاً مكان للتعليم. يأتي العديد من الضيوف من الخارج ويزورون جينوار. عندما يزورنا الناس، تتحدث لهن النساء عن قريتهن. جينوار هي مكان يمثل أكاديمية رائعة ويتعلم الناس أشياء جديدة هنا. تطور جينوار ذهنية جديدة. شكلت النساء اللواتي يعشن في جينوار أساس الشعور بالحرية والتعايش الحر مع أطفالهن. الحياة الحرة هي حياة البحث الدائم. الرغبة في تطوير التعايش الحر أمر أساسي في هذه القرية".
 
"حياة الأطفال في قرية جينوار مليئة بالألوان"
وحول حياة الأطفال في القرية قالت نوجين دريا "أطفال القرية يحبون بعضهم البعض كثيراً، يلعبون معاً، هناك أطفال عرب وكرد وإيزيديون هنا ويعملون معاً. هناك أيضاً مدرسة للأطفال، والأطفال يواصلون تعليمهم. ولدينا أيضاً توجه حول الأطفال، وهو أن الحياة تعني التعليم والتدريب. الأطفال في جينوار لديهم أيضاً مسؤوليات وهناك اجتماع للأطفال. ويشارك الأطفال أيضاً تعلم الثقافة والفنون، ويغنون معاً، ويشاهدون الأفلام، ويمارسون الحرف اليدوية. حياة الأطفال في جينوار مليئة بالألوان".
 
"تعمل على أساس اقتصادها الجماعي"
وعن اقتصاد قرية جينوار قالت نوجين دريا "نحن ندير اقتصادنا على أساس الاقتصاد الجماعي. منذ تأسيس جينوار وحتى الآن، هدفنا هو إطعام أهالي القرية عن طريق الاكتفاء الذاتي. علينا أيضاً تحقيق الاكتفاء الذاتي عبر زراعة الأشجار والقمح والشعير وتربية الحيوانات. يوجد أيضاً مخبز في القرية والأمهات يصنعن خبزهن بأنفسهن. لدينا حقل ونزرع الخضار هناك. اقتصاد قريتنا هو اقتصاد مشترك والمنتجات التي يتم بيعها تساهم في اقتصاد القرية بشكل عام، ولدينا الكثير من المشاريع مثل مشروع الصوف. وأيضاً الأشياء المصنوعة يدوياً. وهناك العديد من المقترحات والأفكار الاقتصادية".
 
"باب جينوار مفتوح لجميع النساء"
وقالت نوجين دريا أن باب جينوار مفتوح لجميع النساء "إن جينوار مكان مهم جداً وذو مغزى. يجب علينا أيضاً التعريف بقريتنا في جميع أنحاء العالم. النساء اللواتي يرغبن في القدوم إلى هنا يمكن لهن العيش على أساس الحرية، وتنمية وتوعية  أنفسهن، وتعلم أشياء جديدة، يمكنهن زيارتنا. إن أسلوب بناء جينوار مهم جداً. من أجل مستقبل مجتمع حر، جينوار بنت نفسها على المعرفة القديمة وتعيد تفسير المعرفة الحالية. الأدوات التي نستخدمها في جينوار هي مثال يحتذى به للجميع. يجب أن تتوجه النساء بشكل أكبر إلى جينوار وتطور الحياة هنا. إن لقرية جينوار مغزى مهم في جميع أنحاء العالم، لأنه هناك أزمة في جميع أنحاء العالم، والحداثة الرأسمالية في أزمة عميقة. تمثل جينوار حلاً جيداً في خضم هذه الأزمة. وتلعب دوراً مهماً جداً في النضال داخل المجتمع".
 
غداً: قسم البحوث
 
https://www.youtube.com/watch?v=RYmYh8V0DDA
 
https://www.youtube.com/watch?v=EfxEG7U7d7U
 
https://www.youtube.com/watch?v=jPju-VfIv8U