"الجنولوجيا" علم ومعرفة ووعي النساء (1)

تم طرح علم المرأة (جنولوجيا) لأول مرة في عام 2008 في كتاب سوسيولوجيا الحرية للقائد عبد الله أوجلان

المرأة كشفت عن علمها من خلال علم الجنولوجيا، وهناك مساعي حثيثة من أجل دراسة هذا التاريخ
 
روناهي نودا
قامشلو - . ويوضح القائد عبد الله أوجلان من خلال هذا العلم أن المجتمع لن يكون حراً ما لم تكن المرأة حرة، وأن حرية المرأة هي التي تحدد مستوى الحرية الاجتماعية. 
تأسست أول مؤسسة لعلم المرأة مرة عام 2011. كما عقدت مؤتمرها الأول عام 2015 بمشاركة 140 مندوبة، تقرر في المؤتمر أن تأسس مؤسسة الجنولوجيا فروعها في جميع أنحاء العالم وأن تصل إلى جميع نساء العالم.
في هذا الملف نسعى إلى التعريف بعلم الجنولوجيا في شمال وشرق سوريا ومشاركته مع قرائنا.
 
لماذا الجنولوجيا؟
الحاجة إلى معرفة الجنولوجيا هي بحد ذاتها علم إيجابي، ظهر ضد عقلية مشلولة ومشرذمة. إنه أحد نتاجات كفاح المرأة وتفكيرها، يضيف أشياء جديدة إلى الحياة لأنه يشرح مجالاً واسعاً ومعرفة غنية. لقد مزقت العقليات المتهالكة المجتمع، ويمكن للمرء أن يقوم بالتصحيح بالاستناد إلى بنية علم الجنولوجيا، وفي نفس الوقت يعيد المجتمع إلى نظامه الاجتماعي الحقيقي والتعايش المشترك. يسعى علم المرأة أن يكون علم الحياة وعلم المرأة وعلم الحياة الاجتماعية وعلم التعايش الحر. ويعتمد على الجوانب الداخلية لعالم المرأة والإمكانات التي تمتلكها في عالمهن للظهور والمشاركة مع الإنسانية، بالإضافة إلى ذلك، فإن العنف ضد المرأة، واقع الاحتلال، إذلال المرأة، الأيديولوجية التي ساهمت في تدميرها، إنكار وإبادة النساء، كلها من ضمن اهتمام علم الجنولوجيا.
الهدف من الجنولوجيا أيضاً بناء نظام اجتماعي وأمومي وتنظيمه وإدارته. ودراسة شخصية المرأة من حيث العدل والبركة والسلام والرياضيات والحساب وإدارة الوقت والذكاء التحليلي والعاطفي، كما تكشف الأشياء التي تخص النساء والتي سُرقت منذ آلاف السنين ويجيب على سؤال، لماذا علم الجنولوجيا؟ يكسر علم الجنولوجيا ثقافة الخجل والحياء التي طالما كرستها الحضارة حول هوية المرأة، يحول قيم المرأة إلى حقيقة، ويعزز معرفتها ويوثقها ويلهم تاريخ المرأة. نظم علم المرأة نفسه في القرن الحادي والعشرين ويهدف إلى تسليط الضوء على واقع إبادة النساء. ويلغي العبودية المفروضة على المرأة ويكشف عن هويتها الحقيقية.
 
للوصول إلى سر الحياة
من الصعب جداً على الناس والمجتمع الوصول إلى سر الحياة إذا كانوا لا يعلمون معنى الحياة ويعيشون بلا هدف، رغم كل واقع حياة الألم والعذاب، يجب على المرء أن يسأل نفسه "من هو"، أولئك الذين يطرحون هذا السؤال هم النساء أنفسهن، هذا هو السبب في أن علم المرأة يؤكد أن المرأة والطبيعة والمجتمع، رغم تعرضهم للتصفية، سيصلون في النهاية إلى سر حياة النساء، فالعلاقة بين المرأة والحياة والمجتمع ضرورية أيضاً لتحقيق سر الحياة.
 
لأجل بناء الحياة المشتركة الحرة
طبيعة الحياة مزدوجة، الأول رجل والآخر امرأة. إذا كانت هناك علاقة ذات مغزى بين الجنسين، فإن الحياة والطبيعة والحرية والمساواة ستسير بسلاسة وبشكل جيد. كما أن طبيعة الرجل والمرأة تكمل بعضهما البعض. وقد أبعدت السلطات بين كلا الجنسين ونفرتها عن طبيعتها. دراسة أسباب ونتائج التدخلات التي تقوم بها السلطات هي من مسؤولية علم الجنولوجيا. كما أنه من مسؤوليتها أيضاً إعادة الاتصال بين كلا الجنسين من حيث الحرية وعلم الجمال. علم الجنوولوجيا هو أيضاً الاسم الذي يطلق على تطور نظرية التعايش الحر وعلم اجتماعها. إن تطور علم الاجتماع والحياة الحقيقية هو تعايش حر في حد ذاته، يقوم علم المرأة أيضاً بتحليل العلاقات القائمة وتحديدها وتطوير الحلول والمشاريع. الرجال لا يستطيعون رؤية المرأة كإنسان وصديق وشريك حياة وشريك روحي؛ بسبب ثقافة الهيمنة الذكورية، ينظرن إلى النساء كخاضعات وتابعات وزوجات وعشيقات وأملاك لهم. حتى اليوم يقتل كلا الجنسين بعضهما البعض روحياً. ويقول القائد عبد الله أوجلان في هذا الصدد "على المرء أن يدرك جيداً أن التعايش الحر هو بناء اجتماعي. هذا المجتمع لا يقوم بين الرجل والمرأة، إنه مبني بين الأنوثة والذكورة الاجتماعية، ولا ينبغي أن ننسى إن الهيمنة قامت بشكل أساسي بين كلا الجنسين، وتأثرت العلاقات بين الجنسين وظهرت كعلاقة مهيمنة ". ومن هذا المنطلق ستصبح نظرية التعايش الحر أحد المجالات الأساسية لعلم الجنولوجيا.
 
من أجل تنوير المرأة
منذ آلاف السنين، تُرك واقع المرأة في الظلام. فعلم الجنولوجيا يهدف إلى إبراز حقيقة النساء اللواتي تعرضن للظلام. كما يهدف إلى تعزيز علم المرأة داخل المجتمع بحيث يمكن تسليط الضوء على تاريخها. تقوم الجنولوجيا بالكثير من العمل العميق لتسليط الضوء على العالم المظلم حول النساء، وتوجيه روحها وجسدها وعقلها إلى النور. الجنولوجيا هو أنسب استجابة لوقف الإبادة الجماعية للنساء وبناء أساس سليم لحرية المرأة.
الرجال المهيمنون سرقوا المعرفة والعلم من النساء، اليوم ومع ظهور علم المرأة تستعيد النساء علمهن، في التاريخ الاجتماعي وعلى مدى السنين، تم بناء المعرفة من خلال مزيج من التجارب الاجتماعية. إن العقل الذكوري المهيمن، على الرغم من كل المكر والخداع والألاعيب ، قد تم إخضاعه في مواجهة براعة المرأة العاطفية. المعرفة لا تخلو من الروح لذلك اكتسبت المرأة المعرفة والعلم من روح الأرض والزمان. تدمج المرأة جمال الحياة ولونها مع المجتمع وتغرس فيها القيم المقدسة. علم المرأة هو أنسب استجابة لروح العلم الأنثوي التي تعود مرة أخرى إلى طبيعتها. 
 
من أجل ثورة في العلوم الاجتماعية
لا يمكن تطوير العلوم الاجتماعية إلا بمعرفة الجنولوجيا وبيئة المرأة. علم الجنولوجيا هو بحد ذاته تدخل في العلوم الاجتماعية. إذا تم تنظيم الجنولوجيا من الناحية الاجتماعية ومن حيث التعريفات والسياقات وهياكل المعرفة وطرق المعرفة والبحث والأساليب الصحيحة يمكن القول بسهولة أنها ستكون الحل لأزمة العلوم الاجتماعية المعاشة اليوم، إن أساس كل العلوم هو المجتمع، أي إبداع النساء. يمكن للعلوم الاجتماعية وحبها أن تفتح آفاقاً أخرى وتستكشف عوالم مختلفة بواسطة المرأة وروحها وجوهرها. ستعتمد جميع الحركات النسائية التي تناضل من أجل الحرية والديمقراطية على فكرة العلوم الاجتماعية للجنولوجيا وستصبح مرشحات للتطوير. إن قوة فهم المرأة لنفسها سوف تتوازى مع قوة تطوير العلوم الاجتماعية. وعلم الجنولوجيا المتمحور حول النساء سوف يسد بشكل طبيعي جميع الثغرات، ويعمل على تصحيح الانحرافات والتخلص من العقلية الذكورية المهيمنة.
 
لتطوير منهج بحث قائم على واقع المرأة
إن علم الجنولوجيا يشرف على تطوير طرق البحث وفقاً للمرأة ويخدم تطوير أفكار وأنشطة الحرية. تتمحور التنشئة الاجتماعية حول المرأة ولا يوجد عمل اجتماعي لا تشارك فيه المرأة. في حال تم تناول دراسة التاريخ الاجتماعي بشكل صحيح، فمن الضروري إشراك النساء. إذا تم دراسة التاريخ ومعرفته بشكل صحيح فسيتم معرفة الحاضر أيضاً بشكل صحيح. يدرس علم المرأة التاريخ الاجتماعي، الوقت الحاضر، السياسة، المجتمع، البيئة، التركيبة السكانية، الصحة، التعليم والاقتصاد وينظر إلى هذه النقاط في سياق المرأة. كما يدرس المشاعر والعواطف والرحمة وخصائص المرأة الجميلة.  كما يقوم بدراسة وتقييم الأساطير والدين والفلسفة والعلوم وطرق الاستخدام.
 
من أجل الحماية الجوهرية
الحماية الجوهرية والمشروعة للمرأة، والتي تعرضت للتحطيم والضعف سيتم تعزيزها من خلال الجنولوجيا ونشاطاتها في حماية الطبيعة ولن تسمح لأي شخص بالفشل. في جميع أنحاء الطبيعة هناك آلية للحماية الجوهرية. في بداية التاريخ، كانت هناك أيضاً حماية جوهرية من قبل النساء ولكن تم إضعافها مع مرور الزمن وتعرضت لنكسات كبيرة. تتمتع النساء أنفسهن بالقدرة والطاقة وردود الفعل القوية جداً للدفاع الذاتي وهذا أيضاً مأخوذ من طبيعتهن.
يدرس علم الجنولوجيا جوانب وأسباب فشل الحماية الجوهرية تاريخياً وحاضراً. يثير أيضاً أسئلة مثل مفهوم الحماية الجوهرية والمشروعة للمرأة، وكيف ومتى وأين تم كسر هذه الروح، وكيف أضر هذا الانكسار بعالم الرجال والنساء، وهل ستسمر حالة الانكسار وكأنها قدر محتوم. الحماية الجوهرية قضية حيوية وملحة بالنسبة للمرأة. ليس المطلوب فقط التعليم السليم ولكن أيضاً اليقظة والتفاني مطلوبان. سينظم علم الجنولوجيا الحماية الذاتية في الأكاديميات النسائية.
 
رحلة إلى الذات
في عالم تتواجد فيه النساء، فإنهن تتعرض للحرب والهجرة والدعارة والإباحية والفقر والبطالة وسياسات التعليم وصحة المؤسسات الأبوية وإساءة معاملة الأزواج  والعشاق. يوجد اليوم نظام مهيمن يسعى إلى تدمير وجود المرأة جسدياً وأيديولوجياً. يجب أن تدافع المرأة عن وجودها ضد هذا النظام، لكي تتمكن من الدفاع عن نفسها، يجب أن تعترف بوجودها وتحدده. تحلل الجنولوجيا بشكل شامل وتدرس الأساطير والدين والفلسفة والعلوم التي لا تفهمها النساء ولا تعرفها وتدرسها. من أجل أن تعرف النساء من أين أتى هذا العنف الوحشي لإبادة النساء منذ خمسة آلاف عام ، يدرس علم المرأة المكان الذي تم فيه إنشاء هذه الاعتداءات على أيدي الذكور والمؤسسات المسيطرة، وتقدم تعريفات دقيقة لحياة النساء المسجونات وأجسادهن المقتولة.
 
الجمال والأخلاق
الجمال هو أخلاق ووعي الحرية وعلم الجمال مبني أيضاً وفقاً لهذا الوعي. الجماليات نفسها هي أيضاً مستوى من حرية الحياة. علم الجمال والأخلاق من المجالات الرئيسية للجنولوجيا. لقد تطور علم المرأة باعتباره علماً للحياة، وأحد أكثر ادعاءاته الأساسية هو معرفة الجمال، وخلق المرأة الجميلة والحياة الجميلة. يؤكد علم المرأة على التغيير والتحول. علم الجمال دائماً أخلاقي بكل تعريفاته ولا يمكن فصله أبداً. يؤكد علم الجنولوجيا أن الدور الاستراتيجي للأخلاق هو أحد المجالات الأساسية لعلوم المرأة وهو بالتأكيد مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالجماليات. أخلاقيات وجماليات المرأة، هو تغيير واقع المرأة الحالية وخلق هوية المرأة الحرة في شخصياتها.
 
الاقتصادية والبيئة
يعتبر علم الجنولوجيا الاقتصاد كأحد مجالاته ويبني الأبحاث والمشاريع حولها. إن المجتمع الذي يمكن عزله عن الاقتصاد لا يمكنه البقاء، ما يفعله النظام الرأسمالي اليوم هو عزل المجتمع عن الاقتصاد. يقيّم علم الجنولوجيا هذا المجال على أنه نظري وتنظيمي ونشط من أجل الازدهار في هذا المجال. يتعامل علم الجنولوجيا مع مجال الاقتصاد من خلال جملة وسائل أساسية. كما يدرس نظرية القائد عبدالله أوجلان حول كدح الأم. من أجل تجاوز المشكلة الاقتصادية، يجب على المرأة أن تدخل مجال الاقتصاد مرة أخرى، ويجب أن تُبنى الأنشطة الاقتصادية من قبل النساء بحكمتهن وعقليتهن. من أجل نجاح العمل الاقتصادي، وهو من الشروط الأساسية للوجود الاجتماعي، بمشاركة قوى الحداثة الديمقراطية. 
وعلم البيئة هو الطبيعة الفيزيائية والبيولوجية التي تعتمد على بنية المجتمع. يتعامل علم الجنولوجيا مع القضايا البيئية من الناحية العلمية. كما أنه يقوم على نموذج الديمقراطية والبيئة وتحرير المرأة. تحدد المشاكل البيئية القوة التي هي مصدر هذه المشاكل. على هذا الأساس، يمكن أن يصبح علم الجنولوجيا علماً للبيئة بقدر ما يمكنه تطوير مجتمع بيئي.
 
التاريخ والديموغرافيا
في مجال الديموغرافيا، تتمثل أحد المبادئ الأساسية لعلم الجنولوجيا في تحليل مفهوم السكان المالتوسيين وشرح ذلك للمجتمع. تتناول الجنولوجيا موضوع التركيبة السكانية، مثل المجالات الأخرى بشكل مترابط، فلسفة الاستمرارية العرقية مضللة وترتبط نتائجها بالاقتصاد والبيئة والصحة والتعليم والسياسة. علم الفلسفة وعلم الاجتماع مهم لقراءة التاريخ. يتعامل علم الجنولوجيا مع التاريخ على أنه وجود في الزمان والمكان والذاكرة. كما أن الجنولوجيا، وبدلاً من إضافة التاريخ الحالي، يعيد بناء التاريخ من وجهة نظر النساء. بقدر ما يحترم الاختلاف بين كل كائن، فإنه يبني رابطة قوية بينهما. كل ما يتضمن المجتمع والطبيعة يحافظ على تنوعهم ويسعى وراء الحرية في الحياة الراهنة.
 
الصحة
الجنولوجيا كعلم يستهدف العقلية القائمة على ازدراء وإنكار وجود المرأة. يرى هذا الكفاح الحركة الصحية للمرأة ويهدف إلى المشاركة. يتعامل علم الجنولوجيا مع الصحة كمجال من مجالات العلوم. ولأجل عدم ضياع هذا العلم، فإن تعزيز العاطفة في المجتمع هو أيضا مسؤولية علم الجنولوجيا. ويرى أن الصحة من أحد ميادينه. كما أنه يستعرض تاريخ الطب ويعمل على إعداد أدوات باستمرار ويعزز البحث في مجال الصحة.
 
التعليم والسياسة
يرى علم الجنولوجيا أن مجال التعليم مهم ويتطور باستمرار. عبر التاريخ وحتى الآن، كان العمل الرئيسي للمرأة هو التعليم لإنشاء وإدارة مجتمع أخلاقي وسياسي. يبني علم الجنولوجيا المؤسسات التعليمية المجتمعية ويعزز جميع أنواع العمل الأكاديمي والنظري. ومن ناحية أخرى فإنه يعتمد بشكل أساسي على التعليم والتدريب من أجل توسيع باقي مجالات الجنولوجيا وتأهيل كوادرها. الجنولوجيا تعتبر المرأة الأم هي القوة الرئيسية للتنشئة الاجتماعية، خالقة فن السياسة، وبالتالي تبدأ أبحاثها ودراساتها في هذا المجال.
 السياسة نفسها معنية بالحرية الاجتماعية والحيوية. لا يقطع علم الجنولوجيا الرابط بين الأخلاق والعلوم والسياسة ويقدم حلولاً في مجال العلوم الاجتماعية. من أجل تطوير سياسة اجتماعية، يقوم علم المرأة بالمناقشة والبحث باستمرار على أساس بياناته.
 
غداً: الجنولوجيا في جامعة روج آفا