زلزال المغرب يحول العديد من القرى إلى مخيمات

تسبب الزلزال الذي ضرب المغرب في مقتل وإصابة الألاف الاشخاص، فيما لا يزال المئات في عداد المفقودين، حول الزلزال العديد من المناطق إلى ما أشبه بالمخيمات بعد أن فقد العديد من السكان بيوتهم.

رجاء خيرات

المغرب ـ تعيش النساء في قرية تاماسيت بمنطقة آسني بإقليم الحوز ظروفاً قاسية بعد أن هدم الزلزال بيوتهن، تأملن أن يتم إعمارها قبل أن يبدأ فصل الشتاء الذي سيزيد من معاناتهن أكثر.

منذ أن ضرب الزلزال المدمر الذي أودى حتى الآن بحياة ما لا يقل عن 2946 شخصاً وإصابة 5674 آخرين بإصابات متفاوتة الخطورة، تحولت قرية تاماسيت في إقليم الحوز على غرار العديد من قرى الحوز إلى ما يشبه المخيمات، وأصبحت الأسر التي استطاعت أن تظفر بخيمة أُسراً محظوظة، في حين اكتفى العديد من الأهالي بنصب أعشاش عشوائية تقييهم لفحات الشمس نهاراً وبرودة الطقس ليلاً.

لا تزال النساء في القرية تتذكرن ليلة الجمعة الثامن من أيلول /سبتمبر التي حولت حياتهن وحياة أسرهن إلى كابوس لم يستفقن منه إلى اليوم.

تقول زهرة إهياضن وهي تتذكر لحظات الخوف التي عاشتها "لم أتصور يوماً أن نكون ضحايا الزلزال كنا نشاهد الكوارث عبر التلفزيون ونعتقد أننا في منأى عن مثل هذه الحوادث، لكن بعد ليلة الجمعة الماضية أدركنا أن الموت قريب منا جداً، وعندما تأتي الكارثة نصبح أمامها سواسية"، مشيرةً إلى أن بيتها هدم بالكامل حتى أنها لم تستطع أن تأخذ منه أي شيء، تركت كل شيء خلفها وخرجت قبل أن تلقى حتفها.

فقد أكثر من عشرين شخصاً حياتهم في قرية تاماسيت آثر انهيار المنازل ولم يبقى على قيد الحياة سوا الاشخاص الذين كانوا مستيقظين، حيث تمكنوا من الخروج بداية فور وقوع الزلزال.

في الخيمة التي تقيم فيها زهرة إهياضن رفقة أطفالها والعديد من النساء ترقد فتاة تدعى سارة إد همو تبلغ من العمر سبعة عشر عاماً، لا تقوا على الكلام بسبب الكسور في صدرها وكتفها، نجت بأعجوبة من موت محقق، بينما فارق شقيقها ووالدتها الحياة بعد أن قضوا ساعات تحت الأنقاض.

 

 

تقول شقيقتها سعيدة إد همو "لم أكن موجودة عند وقوع الزلزال كنت في الدار البيضاء عرفنا أن زلزالاً ضرب إقليم الحوز اتصلنا بعدد من الأهل هناك لكن لم يرد أحد، تلقينا اتصالاً من عمي أخبرنا أن بيتنا أنهار وسمعوا صراخ شقيقتي من تحت الأنقاض وتمكنوا بعد العديد من المحاولات لإزالة الأنقاض من انقاذها، لكن لم يتمكنوا من انقاذ والدتي وشقيقي.

 

 

ومن جانبها تقول أمينة أيت إيدار "كنا ملتفين حول مائدة الطعام، سمعنا صوتاً أشبه بالرعد ركضنا في اتجاه الباب، سقطنا على الأرض التي كانت تهتز تحت أقدامنا لم نتمكن من فتح الباب في البداية، ثم لم نعد نتذكر كيف وجدنا أنفسنا في الخارج، كانت الجدران تنهار من حولنا لم نستطع فهم ما حدث الوجوه من حولي بدت خائفة جداً، لم أكن أسمع سوا صراخ الأطفال، بتنا الليل كله في العراء بقينا هكذا بعد أن فقدنا بيوتنا ولم نعد نقوى على الاقتراب منها، كما أننا لم نتلقى أي مساعدة حتى الأن.

نصب الأهالي خياماً على طول الطريق الرابط بين إقليم تحناوت ومنطقة آسني يقيمون فيها هرباً من البيوت الآيلة للسقوط، أصبحوا يخافون من اقتراب فصل الشتاء وهم بدون مأوى.

رغم الدمار من حولهن ألا أن النساء في القرية لديهن روح الدعابة وتحويل الفاجعة إلى سخرية الذي يطبع أحاديث نساء القرية، تقول إحدى الناجيات قبل عامين من الأن قالوا لنا لا تغادروا منازلكم بسبب فيروس كورونا حتى لا تموتوا ولكن اليوم يقولوا أخرجوا من منازلكم حتى لا تموتوا يا لسخرية القدر، وعلقت أخرى الحياة مليئة بالتناقضات، وما يمكن أن يكون ضاراً لك في الأمس يصبح نافعا لك اليوم.

 

 

أما لطيفة موماي واحدة من الناجيات تروي ما حدث ليلة الزلزال الذي هدم كل شيء من حولها "كنت في غرفتي عندما بدأ الزلزال اعتقدت أنه نهاية العالم لم أقوى على الحركة والخروج سمعت والدي يناديني من الطابق السفلي ويدعوني للخروج لكن لم أستطع أن ألبي ندائه، وفجأة وجدته أمامي يسحبني من يدي ليخرجني تجمعنا خارج بيوتنا ونترقب ماذا سيقع ثم توالت أخبار الجيران والبيوت المنهارة فوق رؤوس أصحابها لم نعد نكترث لوضعنا أصبحنا نسأل عن أشخاص نعرف أن بيوتهم لن تقوى على الصمود أمام هذا الزلزال الذي عصف ببيوتنا وحياتنا".

لا تزال فرق الانقاذ تواصل عمليات انتشال الجثث والمصابين في القرى المجاورة لقرية تاماسيت، في حين تواصل سيارات الاسعاف نقل المصابين على المستشفيات، لكن لم تصل فرق الانقاذ وسيارات الاسعاف إلى بعض القرى بسبب الطرق الوعرة وانهيار أجزاء من الجبل على جوانب الطريق حيث لازالت المروحيات العسكرية تقذف من فوق بالمساعدات الإنسانية للأهالي في هذه المناطق المنكوبة.