يوم الفتاة في إيران... تعزيز فكرة عبادة الشرف
يجب أن يكون يوم الفتاة يوماً يُقاس بمعاييرها الخاصة وآخر يتوافق مع قيم العالم الحديث، لكن في إيران هو يوم نمطه هو الاعتماد أكثر فأكثر على الرجال وخدمة رغباتهم، وتمجيد الروابط الأسرية وتقويض شخصية المرأة واستقلالها، وقمع رغباتها.
سروشا آمین
مركز الأخبار - تم اختيار عيد ميلاد فاطمة معصومة كيوم الابنة في تقويم إيران. إن اختيار هذه المناسبة ليوم الفتاة والتأكيد على تعريف كلمة "فتاة"، والتي على عكس تعريف الأمم المتحدة، ليس لها حد عمري محدد وتؤكد فقط على أن المرأة عذراء، أمر مثير للجدل من وجهة نظر الناشطين/ات في مجال حقوق المرأة في إيران.
في برامج يوم الفتاة في إيران، يتم التخطيط لإقامة حفل يؤكد على "عفة الفتاة وحشمتها" وليس وعيها بالتمييز المستمر بين الجنسين أو دعم الفرص التي يمكن أن تساعدها على استقلالها، ويعد تشجيع زواج الأطفال وتدبير المنزل وغيره من هيكل النظام التعليمي الإيراني للفتيات في جميع أيام السنة.
واجهت الفتيات العديد من المشاكل على مر التاريخ، بما في ذلك دفنهن وهن على قيد الحياة ويشعر من تولد له طفلة بالعار كما هو الحال في أفغانستان وباكستان وحتى إيران، ولا تزال هناك عائلات غير سعيدة بولادة طفلة وأحياناً تحاول الأسرة بيعها أو التخلي عنها. وبعد الإسلام، سيطروا على الفتيات والنساء بعادات أخرى، منها الزواج القسري وزواج القاصرات والحجاب القسري وقضايا أخرى كثيرة.
وفي المصادر الشيعية، نشرت العديد من التعريفات والإطراءات حول مهمة زينب وفاطمة معصومة، وتقواها وعفتها، ففي مثل هذه الحالة تقرأ فاطمة على أنها غير متزوجة، ورمز "لفتيات" الشيعة وقدوتهن، من ناحية أخرى، تطلق إيران على فاطمة الزهراء نموذجاً يحتذى به للمرأة المسلمة، وفي التقويم يسمى عيد ميلادها "عيد المرأة والأم" وبحسب ما تقوله في ألقابها وفي تاريخ حياتها، فإن هذه هي الخصائص التي تريدها السلطات الإيرانية للمرأة في المجتمع، وهي الخصائص التي يمكن السيطرة عليها بسهولة أكبر.
ومن خلال تحديد هذين اليومين "أحدهما يوم الفتاة والآخر يوم المرأة والأم"، ميزت السلطات الإيرانية بين المرأة كونها فتاة وكونها امرأة، وأبرزت هذا الفرق باختيار عيد ميلاد امرأة غير متزوجة.
السلطة تختار للفتيات في عيد ميلادهن من تكون أهم معرفة تاريخية عنها فيما يتعلق بجنسها هي عدم زواجها، باستثناء التأكيد على مفهوم العذرية كمعيار ومثال على "الطهارة" و"أن تكون عفيفة". هل كانت صفة فاطمة معصومة الوحيدة هي ابنة والدها وعدم زواجها؟ أم أن النظام الأبوي يسلط الضوء على هاتين الميزتين فقط ويقبل عيد ميلادها كيوم للفتاة نموذجا؟
إن تكرار وقبول مثل هذا اليوم كيوم للفتيات يعزز فكرة عبادة الشرف، وهي فكرة لا يعترف فيها بحق المرأة في جسدها ويتم تقييم المرأة على أساس وجود عذرية أو عدم وجودها، وهذا ليس أكثر من مجرد الأسطورة الفسيولوجية، نقية كانت أو نجسة، أو تسمى لا قيمة لها، ويمكن لرجال الأسرة كالآباء والإخوة والأزواج أن يرتكبوا العنف ضد المرأة إلى حد القتل بناء عليها.
في إيران، نشهد كل يوم العنف القائم على النوع الاجتماعي وجرائم الشرف، والتي هي نتيجة لمثل هذه العقليات. أساس كل هذا العنف ليس سوى السيطرة الكاملة على جسد وهوية النساء اللاتي لا يتناسبن مع تعريفات العذرية، أو العفة أو الملابس التي يقرها العرف أو الثقافة أو الدين.
إن حياة الفتيات في إيران هي ما نلاحظه في الكتب المدرسية وعلى مستوى المجتمع وفي القانون، مثل تشجيع الفتيات على قبول الأدوار غير الفعالة، والتمييز بين الجنسين في التعليم، وفرض الغطاء والسيطرة على أجسادهن باسم العفة، الحرمان من الحماية القانونية في مواجهة العنف والتمييز وتقليص دورها إلى عناصر زخرفية في البيئة المنزلية. مزيج يستخدمه الهيكل السياسي للمجتمع لتبرير وتعزيز العنف الأكثر تطرفاً ضد نفس المخلوقات التي تسمى "هبة الله" و"ابتسامة الله" في يوم الفتاة. يوم الفتاة في إيران هو يوم نمطه هو الاعتماد أكثر فأكثر على الرجال، وقمع رغبات النساء، وخدمة رغبات الرجال، وتمجيد الروابط الأسرية على حساب تقويض شخصية المرأة واستقلالها.
يجب أن يكون يوم الفتاة يوماً يقاس بمعاييرها الخاصة ومعايير الآخر المتوافقة مع قيم العالم الحديث، ومعايير مثل احترام الذات، والاستقلال، والحضور الاجتماعي، واحترام الكرامة الإنسانية والأخلاقية، والاعتراف بحقوقهن الأساسية، مثل: الحق في الملبس الاختياري، والحق في السلامة الجسدية، وفي هذا اليوم يجب توعية الفتيات بالعراقيل الكثيرة التي تعترض طريقهن، والتحديات التي كافحن معها عبر التاريخ مثل تفشي العنف المنزلي والاجتماعي ضدهن، وزواج القاصرات، والزواج القسري، والتمييز، والاغتصاب داخل الأسرة، وجرائم الشرف، والتسرب القسري، وعدم وجود قاعات دراسية ومدارس للفتيات، والعمل القسري، والحمل في مرحلة الطفولة والعديد من المشاكل الأخرى.
ما تفعله السلطات الإيرانية هو عكس ذلك تماماً، حيث يتم الاحتفال بالفتيات في سن التاسعة، وفي نفس اليوم يطلق عليهن اسم النساء الكبيرات، ويتم تعليم الفتيات أن عليهن تغطية أجسادهن والتصرف مثل فتاة عفيفة ويسلبونها طفولتها، ويسلبونها حق الاستمتاع بالحياة، ويريدون منها الخضوع لقواعد الذكور ومطالب الرجال.
إن يوم الفتاة في إيران هو مجرد تذكير باليوم الذي تم فيه إخضاع الفتيات للنظام الأبوي وما زلن تحاولن مواصلة هذا العمل، وتحاول السلطات تقليص حجم المرأة في صفحة التاريخ حتى لا يبقى لها أي أثر فيه، لكن نساء إيران وشرق كردستان أكثر شجاعة وأكثر وعياً من أن تتمكن هذه السلطات من هزيمتهن.
وكما هو الحال في الانتفاضة الثورية لـ "Jin Jiyan Azadî"، فقد أظهروا أن الجمهورية الإسلامية يجب أن تخاف من النساء، فالنساء اللاتي ناضلن ضد السياسات التمييزية للجمهورية الإسلامية لعدة سنوات تتعرضن للقتل والسجن والاغتصاب، لكنهن ما تزلن صامدات وتقفن ضد هذا الظلم.
إن الاعتزاز بالفتيات ليس بالأمر السيئ ويمكن أن يسلط الضوء على الزوايا المظلمة في حياة الملايين من الفتيات. ويمكن أن يذكرنا بالقدرات البشرية المتغيرة لهذه المجموعة الديموغرافية الكبيرة. بل ويمكن أن يكون فرصة للتعبير عن الحب للفتيات الصغيرات، ولكن في هذا الاحتفال، بدلاً من اختيار مناسبة تقويمية على أساس سياسات تمييزية، من الأفضل الإشادة بشجاعة الفتيات وإقدامهن ومكافحة الصور النمطية والروح القتالية لدى الفتيات.