'يمكننا الخروج من الظلام من خلال التضامن'

تم اعتقال العشرات من الصحفيين خلال الأشهر ١٠ الماضية في تركيا، ومازالت الضغوط والاعتقالات بحقهم مستمرة وسط صمت دولياً خانق، وهو مؤشر واضح على تراجع حرية الصحافة في البلاد.

مدينة مامد وغلو

مركز الأخبار – على خلفية الاعتقالات التي تعرض لها صحفيون من شمال كردستان وتركيا خلال الأشهر 10 الماضية، تم تحويل أخبارهم إلى تهم موجهة ضدهم بهدف زعزعة أمن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.

تم اعتقال 32 صحفياً خلال الأشهر 10 الماضية من مدينتي آمد شمال كردستان وأنقرة، ووجهت لهم تهمة "العضوية في تنظيم"، وتم عرض المعدات والأجهزة التي قاموا باستخدامها كدليل في التهم الموجهة ضدهم.

 وفي إحدى عمليات المداهمات المنزلية التي حصلت في ٢٥ و٢٩ نيسان/أبريل الماضي، تم اعتقال ستة صحفيين وإرسالهم إلى السجن من بينهم الرئيسة المشتركة لجمعية دجلة فرات للصحفيين دجلة موفتوغلو.

 

اعتقال الصحفيين فقط لزعزعة أمن الانتخابات وإسكات المجتمع

استمرار عمليات اعتقال الصحفيين والمحامين خلال فترة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، يمثل ذلك خطراً كبيراً على أمن هذه الانتخابات التي تعتبر مصيرية وحاسمة في تاريخ البلاد.

وفي هذا السياق أكدت الصحفية افريم كيبينك أن عمليات الاعتقال والضغط على الصحفيين لن تصل إلى هدفها المرجو، وأن النضال من أجل تحقيق العدالة والمساواة سوف يستمر، وأن نظام رئيس حزب العدالة والتنمية وحتى أنصاره يعرفون حق المعرفة الهدف من تنفيذ هذه العمليات ألا وهو زعزعة أمن الانتخابات ولأن هؤلاء الصحفيين شهدوا على الانتهاكات التي يمارسها الحزب بحق كل من يعارض سياسته المجحفة.

وأضافت أن هذه العمليات تهدف أيضاً لتحديد مهمة الصحفيين ونطاق حريتهم في هذا المجال "أن أولئك الذين يقفون وراء عمليات اعتقال الصحفيين والمحامين في مدينة آمد، يوجهون رسالة إلى كل من يعيش في أنقرة واسطنبول وتركيا بأكملها، أحد بنودها إسكات المجتمع ومنع حصول الناس على المعلومات الصحيحة عن واقع الانتخابات المقبلة، فهم يعتقدون بأنه من خلال إضعاف الوكالات الكردية  سوف ينجحون في إيقاف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة، هذه الأهداف كانت موجودة على مدار السنين في البلاد وكانت دائماً تكلل بالفشل، هل أولئك الذين يديرون هذه العملية لا يرون أن الصحافة الكردية دائماً تجد طرق مختلفة ومتنوعة لإعلان الحقيقة وإظهارها".

 

"السكوت عن الحقيقة يؤذي الصحفيين الأحرار"

أكدت إفريم كيبينك أن الصحفيين الأكراد لديهم القدرة على تجاوز هذه العملية والتغلب عليها "الصمت والسكوت على الحقيقة والانصياع للظلم والظالم أمور لا يقبلها الصحفيون الأكراد، كما أنه يخلق وضعاً أكثر صعوبة وتعقيد لمن يقدم نفسه على أنه صحفي وديمقراطي أيضاً".

ووجهت نداء إلى كافة الفئات في البلاد من أجل رفع أصواتهم والوقوف ضد هذه الانتهاكات "أن كسر حاجز الصمت بالتأكيد هو أمر ضروري يصب في صالح الصحفيين المعتقلين، ولكنه ضرورة قصوة من أجل جميع أفراد المجتمع الذين يبحثون عن الحقيقة والعدالة، فأصدقاؤنا مارسوا مهنتهم فقط وهو أمر واضح لأولئك الذين قاموا باعتقالهم والزج بهم في السجون، سوف ينقضي هذا اليوم كما سبقتها أيام الأمس، وسيواصل باقي الصحفيون ممارسة مهنتهم وسوف يقومون بأعمالهم وأنشطتهم غير أبهين لهذه الانتهاكات، لن يهتم أي منا بما سوف يحدث لأولئك الذين يبقون صامتين فهم يحاولون خلق زوبعة من الصمت وإشراك الجميع فيها، ولكن سيكون هناك زوبعة إخبارية قوية متينة تتسم بالحقيقة وصحافة متمرسة وعريقة".

 

"الأخبار المنتجة تتحول لموضوع اتهام"

في السياق ذاته قالت الصحفية سيبل يوكلر بإن منحى الاعتقالات في تزايد كبير خاصة مع دخول قانون الرقابة حيز التنفيذ بعد اعتقال الصحفيين، حيث كان بالإمكان التنبؤ بحتمية حدوث انقلاب على الصحافة الحرة في البلاد، وأكدت أن الاعتقالات التي طالت الصحفيين الأكراد نفذت بإرادة سياسة الرجل الواحد.

 كما لفت الانتباه إلى التحقيقات التي تم فتحها ضد الصحفيين المعتقلين، وذكرت أن الغاية منها عرقلة عمل الوكالات التابعين لها من خلال هذه العمليات، وعن الاتهامات الموجهة لهم قالت "الاتهامات والتحقيقات تتم بطريقة غير قانونية وبعيدة كل البعد عن القانون، وكل واحدة منها تقريباً تستند إلى إفادات سرية قدمت إليهم قبل سنوات عدة، والنظر إلى حجم هذه الاتهامات يمكننا القول إنها تفتقر وبشكل كبير إلى الكثير من الأدلة والأسس، فهذه الاتهامات وصلت لحد السؤال "لماذا قمت بتغطية هذه الأخبار؟"، لا يمكن اعتبار أخبار صحفي يقوم بتغطية قتل السوريين عنصر إتهام  في أي مكان آخر من العالم، لكن في التحقيقات التي أجريت مع الصحفيين في أنقرة يمكن أن يتم عرض هكذا سؤال عليهم وأرسالهم إلى السجن استناداً لهذا النوع من الأخبار فقط لأنها اعتبرت أدلة ضدهم، بالإضافة لإصدار مذكرة توقيف مع بند الإحالة الخاص بـ "العضوية في تنظيم" بسبب تغطية مقتل عائلة دادو أوغلو، كل هذه الاتهامات تكشف وبشكل واضح استخدم الدوافع السياسية بهدف تدمير وترهيب هؤلاء الصحفيين وتجريدهم من مهنتهم بأقل من عام".

 

"هذه الاعتقالات رسالة موجهة للأشهر القادم أيضاً"

نوهت أن هذه العمليات خلقت مخاوف تجاه أمن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة أيضاً "أبعاد هذه الاعتقالات التي حصلت خلال الأشهر ١٠ الماضية والعملية الأخيرة بالتحديد كانا بمثابة التحضير لإبادة إرادة الشعب الكردي ونجاح سير الانتخابات، وتم عرض هذه العمليات على الشعب على أنها فلم خيالي حيث تم تصوير كيفية الاستعداد لها وعرض لقطات عن كيفية اقتحام المنازل والشوارع، وكيف قام الآلاف من رجال الشرطة والمركبات على شكل قوافل في شوارع مدينة آمد بمداهمة المنازل في ساعات متأخرة من الليل، هذه العمليات الواسعة طالت الصحفيين والمنظمات الغير الحكومية والسياسيين والمحامين والممثلين، يمكننا القول إنها رسالة إلى ما بعد الانتخابات موجهة لحرية السياسة والصحافة والتعبير والحرية في تأسيس الجمعيات أيضاً".

 

"يمكننا الخروج من هذا الظلام من خلال التضامن"

دعت سيبل يوكلر في ختام حديثها المنظمات المهنية إلى العمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الانتهاكات "يجب علينا أن نرفع صوتنا باستمرار وبشكل منتظم، وفي هذا الأمر أود أن أذكر جواب سؤال كنت قد سألته للصحفي عبد الرحمن كوك الذي تم اعتقاله أيضاً "إذا سيطر الخوف على مجتمع ما واستسلم الصحفيون له أيضاً، فإن المجتمع بأسره سوف يدفن في الظلام، أليس الصحفيون هم الذين يقومون بخدمة المجتمع؟ أليس هم أيضاً سوف ينقذونه من هذا الظلام؟ يمكننا الخروج من هذا الظلام من خلال التضامن".