'يجب إنشاء قاعدة حوار جامع مشترك بين جميع الأطياف والمعتقدات'

نظمت بعثة ملتقى "أديان ومعتقدات موزوبوتاميا" من شمال وشرق سوريا بالتعاون مع مركز "حوار الأديان والثقافات" في لبنان، جولة على المرجعيات الروحية في لبنان، تأسيساً لمؤتمري "الأديان والثقافات في منطقة الهلال الخصيب" و"الإسلام الديمقراطي".

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ من خلال رسالة ملتقى "أديان ومعتقدات موزوبوتاميا" ومؤتمر "الإسلام الديمقراطي" ومقرهما في مقاطعة قامشلو بشمال وشرق سوريا، لنشر ثقافة الاعتدال وثقافة الحوار بين المكونات والأديان وقبول الآخر وإرساء تعاليم ومبادئ الإسلام الحقيقي والإسهام في إطلاق حرية التفكير وبمواجهة الأفكار والأفعال التكفيرية وداعش التي مورست في شمال وشرق سوريا، تم تنظيم بعثة استمر عملها على مدى ستة أيام.

تسعى البعثة التي ضمت مجموعات نسوية من كافة الطوائف والمذاهب في مناطق عدة من لبنان، إلى إنشاء شبكة علاقات مع الشخصيات الدينية ذات الشأن من مختلف الطوائف والمذاهب، تحضيراً لعقد مؤتمر "أديان ومعتقدات موزوبوتاميا"، كون هذه رسالة إنسانية تهدف لبناء الأوطان وحماية الإنسان وكرامته والتآخي بين الناس ليتمكنوا من التعايش والتحاور بلا فروق وبالتساوي في الحقوق والواجبات والعمل كشركاء، وبما يكفل ممارسة المرء لعبادته وتقاليده وشعائره ولغته، فضلاً عن الاستفادة من التجربة اللبنانية، وتوازياً، فهناك وفد آخر توجه إلى الإمارات في هذا الشأن.

وقد اختتمت البعثة نشاطها قبل عودتها إلى شمال وشرق سوريا بلقاء أخير واكبته وكالتنا في منطقة الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، حيث التقت الرئيسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي دلال خليل بمجموعة نسائية.

وقد اقتصر اللقاء على النساء الممثلات في الوفد وهما الرئيسة المشتركة في مؤتمر الإسلام الديمقراطي وعلياء الموسى من ملتقى أديان ومعتقدات موزوبوتاميا مع مجموعة من الأكاديميات والنساء في حوزات دينية وروحية من المنطقة.

وقالت الرئيسة المشتركة لمؤتمر الإسلام الديمقراطي دلال خليل لوكالتنا "خلال زيارتنا التي نسقها مركز "حوار الأديان والثقافات"، قمنا بالتعرف على شخصيات دينية لبنانية بهدف العمل على مشروع مؤتمر "السلام الديمقراطي"، ومؤتمر "أديان ومعتقدات موزوبوتاميا"، والهدف من مؤتمر الإسلام الديمقراطي الذي أنشئ في عام 2018 التوصل إلى خطاب ديني مشترك لنتمكن من الوصول إلى فكرة جديدة تخدم المجتمع عامة وتبني ثقافة الحوار والعيش المشترك بين الأديان والمكونات، وبهدف ترسيخ الاستقرار في المنطقة، وتهدف البعثة الحالية إلى الإقبال على مرحلة جديدة حيث تعدينا مرحلة الخطر المتمثلة بوجود بعض التيارات السياسية والأفكار المتطرفة وخصوصاً فكر داعش الذي هدم كل القيم الإنسانية الموجودة في موزوبوتاميا".

وأشارت إلى أنه "كمجتمع سوري، لم يكن هناك أي إشكالية بوجود أي مذهب أو معتقد، لذا شكل وجود داعش مشكلة خطيرة، حيث تبعه أفراد من المجتمع، لذا انتهجنا مبدأ جمع كافة المكونات والطوائف والأديان تحت راية الأخوة الإنسانية، وهذا اللقاء الأخير ضمن لقاءات نسوية عدة في مناطق مختلفة من لبنان، مع عدد من النساء الفاعلات في المجتمع اللبناني للعمل على رفع راية الإسلام الحقيقي، ولحصول المرأة على حقوقها والتي عملنا عليها في مؤتمرات ولقاءات عدة في سوريا، وأملنا كبير بالعمل بجدية لطرح مشروع مؤتمر الإسلام الديمقراطي وملتقى الأديان والثقافات وهدفهما بناء الإنسان لنرتقي معاً ولتجمعنا الأخوة الإنسانية".

 

 

وقالت الدكتورة في مجال الإدارة التربوية والتي استقبلت الوفد مع مجموعة من شخصيات نسوية في منزلها فاطمة نصر الله "هذه اللقاءات النوعية التي تعقد بين أفراد المجتمع وخصوصاً لقاءات مع هيئات ومنظمات من خارج لبنان تعنى بهذه الشؤون وخصوصاً شؤون المرأة، تغني التجارب المشتركة سواء كنا ننقل التجربة من الوفود أو نساهم بتوفير تجربتنا الخاصة في لبنان، وهذا يؤكد على أهمية حركة المرأة العالمية وعلى النشاط الدائم الذي تقوم به العديد من النساء لتحقيق أكثر أهداف ممكنة تساهم في دعم أسس الأسرة والمرأة والطفل والمجتمع بشكل عام".

وأشارت إلى أنه "لا يخفى على أحد أنه كلما كان هناك نوعاً من الوعي والتصدي لقضايا الأسرة والمرأة بشكل خاص، فإنه يعزز الوقوف بمواجهة التحديات والمعتقدات التي تأتي إلينا وافدة من الخارج، وبالتالي كلما كانت المرأة تؤمن بدورها سواء كأم أو زوجة أو ابنة أو أخت، ومن تمثل في مجتمعها، ارتفع مستوى الوعي وحصلت على نتائج أفضل، ويمكننا تحصين وضع الأسرة وأصبحنا متماسكين أكثر للحصول على النتائج".

وأوضحت "هذه اللقاءات إيجابية ولكن من المفترض أن تشارك فيها كل الفعاليات الإنسانية، وأن تتعاضد الجهود وتتلاقح الأفكار لنخرج بأفكار وخطوات ونشاطات جديدة لتعزز هذا المنحى".

 

 

بدورها قالت دكتورة في العلوم التربوية والعلاقات الإنسانية لاريسا صفا "نظمنا في مركز حوار الأديان والثقافات في لبنان مع الأخوة الوافدين من موزوبوتاميا هذه الجولة بهدف اللقاء على كلمة سواء في إطار تنظيم مؤتمر دولي جامع في موزوبوتاميا (الهلال الخصيب) على قاعدة الحوار الجامع المشترك بين جميع الأطياف والمعتقدات والألوان الثقافية والاعتقادية كرد فعل طبيعي على الهجمات التي تعرضت لها هذه المجموعات واستباحت الإنسان بكافة مذاهبه وخصوصاً المرأة، فكان الرد الفعلي الطبيعي والإنساني هو وثيقة عيش مشترك تنبثق من القناعة الإنسانية الراسخة بإيجاد أواصر مشترك للعيش بسلام، وقد نسقنا زيارات على مدى ستة أيام، على أمل أن يكون المؤتمر خلال الأشهر المقبلة".

وأضافت "شملت الجولة مناطق عدة من لبنان، والمميز في الإدارة المشتركة في شمال وشرق سوريا، سواء في مؤتمر الإسلام الديمقراطي وملتقى أديان ومعتقدات موزوبوتاميا وغيرها هو الإدارة المشتركة بين الرجال والنساء، فلا يملي الرجل على المرأة أي قرار وهي مستقلة بفكرها ومصيرها وشؤونها الذاتية والشخصية وقرار الزواج والطلاق، ومنع زواج القاصرات، وهي فلسفة بُني عليها المؤتمر، وصولاً إلى المساواة في ترأس المراكز الإدارية، وبالتالي تفعيل الدور النسوي النابع من هذه الإيديولوجية التي نتبناها في لبنان بصورة أخرى، والتركيز على المرأة وما عانته في السابق حيث لا تزال أكثر من ألفي امرأة إيزيدية مفقودة ومجهولة المصير".

وأشارت إلى أن النساء تعرضن هناك لأقصى أنواع الاضطهاد، وحرمانهن من حقوقهن واستعبادهن وسبيهن وإلغاء هويتهن وغيرها من الانتهاكات، وهو ما شكل دافعاً قوياً لتأسيس المؤتمر، فهو نوع من تأكيد هوية المرأة انطلاقاً من مظلة الإسلام الداعية إلى التعايش السلمي والمودة، والذي أعطى للمرأة مكانتها العريقة وحفظ لها حقوقها.

ولفتت إلى أنه "التقينا بالبعد الثقافي على فكرة تبين الواقع الإسلامي بصورته الجمالة والحضارية، ويمد يد العون والألفة والتسامح لجميع المعتقدات والثقافات والحضارات والأجناس لأخذ كامل حقوقها وتأكيد حضورها، وقد ساهمنا كمركز "حوار الأديان والثقافات" بلمسة وتوصية أساسية تناغمنا فيها مع الدكتورة فاطمة نصر الله، لجهة البعد التربوي الذي نلتقي فيه أكاديمياً وعلمياً، بمقارنة القضايا العامة والخاصة وهو مبدأ التصالح مع الذات، فهو المقدمة الأساسية للتصالح مع الآخر، من أفراد ومجتمع، والوسيلة هي بالحوار وبتراتبية تبدأ من الفرد وتصل إلى المجتمع، بحوار بين الأديان والطوائف والأطياف المختلفة".

وأكدت على أن "الحالة السلمية تبدأ بالحوار البناء ضمن الأسرة، لذا نؤكد في مركز حوار الأديان والثقافات على التراتبية لينتقل الحوار نحو المجتمع والاعتراف بالاختلاف واحترامه وتعزيز المشتركات وتنظيم المختلفات".

وفي ختام حديثها قالت لاريسا صفا "من خلال هذه الجولة، أثبتت النساء المشاركات في البعثة أنهن حاضرات في مجتمعهن ولهن كلمتهن والبعد الفكري والحضور النوعي والوعي والتأثير على الساحة، وتؤسس اللقاءات والمؤتمرات القادمة على حوار جامع بين الاعتقادات والأديان وعلى الحركة النسوية وجعلها أساس في هذا المجال".