ورشة عمل تؤكد على ضرورة التشبيك والوحدة النسائية للوقوف بوجه الاعتداءات

بحضور أكثر من 60 ناشط/ة نظمت أكاديمية جنولوجيا الشرق الأوسط ورشة عمل رقمية لمناقشة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل والدولة التركية بحق النساء، وخلص الاجتماع إلى ضرورة التشبيك والوحدة النسائية للوقوف بوجه هذه الاعتداءات.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ خلصت ورشة العمل الرقمية التي أقيمت في لبنان بعدة توصيات منها إقامة فعاليات للتنديد بالاحتلال والانتهاكات بحق النساء لا سيما في إقليم شمال وشرق سوريا واستهداف النساء الرياديات والطليعيات في المجتمع واللواتي تحاولن القضاء على الذهنية الذكورية والاستعمار وأساليبه في الإبادة من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

نظمت لجنة الشرق الأوسط في أكاديمية جنولوجيا أمس الخميس 25 كانون الثاني/يناير، ورشة عمل رقمية تحت عنوان "طريق وقف الإبادة الجماعية تمر عبر الوحدة النسائية"، بإدارة رئيسة لجنة المرأة في رابطة نوروز الثقافية الاجتماعية حنان عثمان وبمشاركة عضوة المكتب السياسي في حزب الشعب الفلسطيني عفاف غطاشة، والأسيرة المحررة كفاح عفيفي، وعضو مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في الشرق الأوسط مزكين حسن، وعضوة أكاديمية جنولوجيا عليا عثمان، وبحضور أكثر من 60 ناشط/ة من لبنان وإقليم شمال وشرق سوريا والعالم.

وعلى هامش الورشة قالت رئيسة لجنة المرأة في رابطة نوروز الثقافية الاجتماعية حنان عثمان "بدأت هجمات الإبادة الجماعية على غزة في السابع من تشرين الأول الماضي سبقتها هجمات جوية شنتها تركيا في الخامس من الشهر نفسه، على مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، ولا تزال هذه الاعتداءات مستمرة، ومن خلال هذه الورشة سنحاول توضيح وتحليل أساليب الإبادة التي تمارسها إسرائيل وتركيا وما هي الأسس وأساليب المقاومة التي تمكن النساء بنضالهن ومقاومتهن لتتصدي لكل الهجمات".

ومن جانبها قالت الأسيرة كفاح عفيفي إن "الوسائل والسبل التي تملكها المرأة الفلسطينية، هي عبارة عن تجربة حياتية منذ الولادة في اللجوء الذي شبهته باليتم، وأن التضحية أخذها الشعب الفلسطيني من الأمهات، وهن من زرعن في أولادهن عشق الوطن والتضحية من أجله"، مشيرةً إلى أن المرأة الفلسطينية لم تتوقف منذ 75عاماً عن النضال، وقدمت نموذجاً فريداً في كافة المجالات وما زالت مصدراً أساسياً للمقاومة وتقديم الإنجازات النوعية، أولا هي أسيرة تتحدى الزنزانة والسجان، ومقاومة إلى جانب الرجل، وأم تساهم في بناء مجتمع يؤمن بفكر الحرية والعدالة والمساواة ويرفض كل أشكال التمييز والاستبداد والاذلال، وبرأيي استحقت المرأة الفلسطينية التوصيف بكل اقتدار وجدارة بأنها حارسة بقاءنا".

وأكدت الناشطة عفاف غطاشة أن النضال في فلسطين يتقاطع مع النضال الكردي وله أيضاً خصوصية، فالشعب الفلسطيني والنساء تحت الاحتلال منذ 75 عاماً، ولم تكن محطة 7 تشرين الأول المحطة الأولى، وقد لا تكون الأخيرة، وأنا كلاجئة كل ما عرفته عن وطني وبلدي، كان من خلال والدتي ورواياتها بتقديري أن هذه المرأة الموجودة في كل المحافل هي من تفضح هذه العقلية الاحتلالية والانتقامية، ومثلما هي شريكة في كل المجالات النضالية المختلفة والاجتماعية والثقافية والتربوية فهي لذلك مستهدفة".

وبدورها أكدت عضوة أكاديمية جنولوجيا عليا عثمان أن "هذه الإبادة أو عملية التطهير العرقي الذي يتعرض له الشعب الكردي لا تنفصل عن الإبادة الثقافية التي تتعرض لها شعوب المنطقة، فاذا عدنا إلى بداية القضية الكردية وتاريخ القضية الفلسطينية، يمكن أن نلتقط الخطوط العريضة للإبادة الثقافية التي ظهرت في ظل سياسة الدولة القوية، أو سياسة الديموغرافيا، ولم تبدأ من عام أو عامين، وإنما منذ بداية القضية الكردية، ومنذ اتفاقية سايكس ـ بيكو إلى اليوم وهذه الإبادة تمر بعدة طرق وأساليب، منها سياسة القتل الجسدي أو الإبادة والمجازر".

وأشارت إلى أنه في السبعينيات والتسعينيات وحتى 2015 يعاني الشعب الكردي وإقليم كردستان من عمليات الإبادة الجسدية بالإضافة إلى عمليات التهجير الممنهجة للشعب، ونحن نقول إن عملية التهجير مرافقة لعملية الإبادة الثقافية والتصفية الجسدية للمجتمعات، والتهجير الذي يطال الشعب الكردي والشعب الفلسطيني في نفس الوقت، والتهجير يكون بعد تعرض المجتمع لعملية الإبادة، سواء القتل الجماعي والقتل الخاص للمرأة، بمعنى أن هناك ضمن هذه الإبادة قتل خاص للمرأة واستهداف لها، ففي أحدى المجازر كان هناك ثلث المستهدفين بالقتل من النساء والمسنين، وهناك 700 ألف كردي قتلوا، وهذا العدد يبقى دائماً في الذاكرة".

ومن جانبها لفتت عضو مركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة في الشرق الأوسط مزكين حسن إلى أن "النساء في عفرين تتعرض إلى الإبادة، والإحصائية بالمجمل منذ 2018 ـ 2024 وفقاً لمركز الأبحاث وحماية حقوق المرأة بالآلاف، إلا أن المركز تمكن من توثيق بعض الحالات، وهي 158 امرأة تعرضن للاغتيال و259 تم خطفهن، 236 حالات إصابة، إضافة إلى قتل 139 طفلاً وخطف 90 وإصابة 321 طفلاً".

وبينت أن "الإبادة ليست وليدة الحاضر، بل موجودة منذ وقت طويل في دول كالفيليبين، رواندا، دارفور والسودان، ولكن لفلسطين وكردستان النصيب الأكبر، ولا زالت النساء تتعرضن للإبادات، وقد تم في بعض الأحيان معاقبة مرتكبي هذه الجرائم في المحاكم، منها الدولية أو في المحاكم الخاصة، ولكنها كانت تحقيقاً جزئياً للعدالة، وهي عدالة غائبة بالنسبة لشعب فلسطين والشعب الكردي"، لافتةً إلى أن "نص القرار 1325 المتعلق بالمرأة والسلام والأمن، يؤكد أن النساء والأطفال هم الغالبية العظمي وعرضة للانتهاكات، وللتشرد واللجوء والتهجير الداخلي، حيث يستهدفون بشكل مباشر".

وأوضحت أن مفهوم الإبادة المتعلق بالتدمير الجزئي والكلي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية، يتم عبر قتل أفراد من الجماعة، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي بأعضاء منهم، وإخضاع جماعة عمداً لظروف معيشية يراد بها التدمير المادي كلياً أو جزئياً، وفرض الأساليب التي تحول دون إنجاب الأطفال ونقل مجموعة من الأطفال عنوةً إلى مجموعة أخرى".

وأكدت أن القانون الدولي الإنساني قد وضع عقوبات على كل من يقوم بهذه الأفعال، أو يحرض عليها سواء كانوا حكاماً أو أفراداً أو جماعات، وأنه عند اسقاط هذه المادة على قضيتي فلسطين وكردستان، فإن الحالتين متلازمتين، وبأن النساء محور الإبادة الجماعية، كونها تعتبر الأساس لأي قومية أو جماعة، بالرغم من أن الإبادة بحق المرأة غير معرفة لا بالقانون أو بالسياسة، لأن القانون يعتبر المرأة جزءاً من الجماعة، لذلك يعتبرها شخص كالرجل، لذا لا تعريف لمصطلح الإبادة النسوية، وهو موضوع يجب على النساء العمل عليه وحث المنظمات والهيئات الخاصة بالمرأة على أن يتم الاعتراف والمعرفة به.

وأشارت إلى أنه "في حالات الإبادة قامت الدول بقتل الذكور أكثر من الإناث، كونها أسهل الطرق للإبادة، ونجد أن هذه الدول تستهدف البنية التحتية ومرافق وسبل العيش والمرافق الخدمية كالمياه والكهرباء سواء في فلسطين أو إقليم شمال وشرق سوريا، فكل هذه الأمور لها دلالات وأسباب وأهداف مباشرة وبعيدة".

وتطرقت إلى استهداف النساء في هذا المجال، لجهة قتلهن وخطفهن وسبيهن واغتصابهن والمعاملة المهينة ضمن السجون أو تزويجهن قسراً "المجتمعات الشرقية تعتبر المرأة شرفاً بالنسبة لها، لذا يتم الهروب والهجرة لحماية النساء وهي أهداف المستهدفين لبناء مساحة من خلال التهجير القسري والتغيير الديموغرافي، حيث تم تهجير 300 ألف شخص في عفرين مثلاً، كما أن هناك استهدافات يومية في إقليم شمال وشرق سوريا، للنساء والرجال".

وقالت "طالما يتمتع المجتمع بالاستقرار يبحث عن الكينونة القومية والعرقية أو الدينية وغيرها، يحاول الحصول على حقوقه، وهو عكس ما يحصل في حال التفريق والتهجير، ويتم اقتلاعها من جذورها إلى مخيمات النزوح وغير موطنها والأطفال يفتقدون للأمان والتعليم والاستقرار، ويبحثون عن مكان أخر، وكل هذه الأمور تبعد الشعوب عن الكينونة والقومية ويصبح أقصى هدفه العيش، ما يجعل المجتمعات تتشتت وتتفرق كما هو الحال بالنسبة للشعب الفلسطيني والعفريني والكردي، وقد أصبح هذا التهجير هدفاً بعيداً للإبادة الجماعية فضلاً عما يتم من إلحاق الأذى الجسدي والنفسي للمعتقلات، كما حصل في شنكال حيث تم قتل الرجال والأطفال في عام 2014 وسبي 7 آلاف امرأة، وتغيير دينهن قسرياً وتزويجهن، فبدلاً من القتل بدأ المحتل باتباع إجراءات أخرى".

وأكدت أن "النساء تتعرضن أمام مرأى ومسمع العالم أجمع للقتل والخطف والاعتقال في عفرين فقد نشرت التقارير مؤخراً وجود عشرات النساء المعتقلات واللواتي حوكمن بأحكام جائرة تفاوتت بين 10 سنوات والاعدام، وكل ذلك لان بعضهن كن تعملن مع الإدارة الذاتية السابقة مع أن معظمهن لم تكن كذلك، فضلاً عن فرض الحجاب القسري عليهن والتزام المنزل لتُحرمن بذلك من جميع حقوقهن".

وخلصت ورشة العمل إلى توصيات منها تقوية وتعزيز التحالفات بين المنظمات الإنسانية وخصوصاً في البلدان المحتلة التي تعاني الظلم والاستبداد وبين الشبكات النسوية في المنطقة والوحدة النسوية، وعقد ورشات عمل موسعة لتضم الكثير من النساء ذوات الخبرة في هذا المجال لتسليط الضوء أكثر على الاختراقات والانتهاكات التي تحصل في البلدان المحتلة وبحق المناضلات، وإقامة فعاليات في كافة المناطق للتنديد بالاحتلال والانتهاكات بحق النساء لا سيما تلك المستمرة في إقليم شمال وشرق سوريا واستهداف النساء الرياديات والطليعيات في المجتمع واللواتي تحاولن  القضاء على الذهنية الذكورية والاستعمار وأساليبه في الإبادة من الناحية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.