ورشة عمل تدعو لتسليط الضوء على مختلف القضايا التي يتم التعتيم الإعلامي عليها

أقامت منظمات حقوقية واجتماعية ورشة عمل حول العنف ضد المرأة في المنطقة، والسبل للحد منه والتعامل معه، خصوصاً في ظل التعتيم الإعلامي الذي تنتهجه بعض السلطات والذي يفاقم معاناة النساء.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ انطلاقاً مما يحدث في السودان وغزة، حيث تتعرض النساء لعنف مضاعف وغير مسبوق، أقامت "رؤيا" للدراسات النسوية بالتعاون مع مؤسسة "النون" لرعاية الأسرة و"نظر" للمعارف والفنون، ورشة عمل حول العنف ضد النساء عبر تطبيق الزووم.

شاركت في الورشة الباحثة في التنمية والسياسات البديلة نعمات كوكو من السودان، ومنى عزت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة النون لرعاية الأسرة، ومنى حميدة منسقة مؤسسة إدراك من مصر، وعدد من الناشطات من مختلف البلدان العربية.

وقالت رئيسة مجلس أمناء مؤسسة "النون" لرعاية الأسرة منى عزت "من الضروري مع الأحداث الجارية أن نخوض النقاش مع مختلف المدارس النسوية في ظل الحروب في المنطقة والتي تتصاعد وتيرتها سواء في غزة أو في السودان".

ولفتت إلى أن قضية السيطرة الأبوية عنصراً مشتركاً بين البلدان العربية وهو ما يتسبب بتفاقم ظاهرة العنف ضد المرأة، مع خصوصية لكل بلد، في السياق الاجتماعي والثقافي والسياسي، والذي أخذ في السودان على سبيل المثال طابعاً إسلامياً لفترة طويلة أثر على مدى اعترافه بمدى العنف بأشكاله والمضاعف الذي تتعرض له النساء، مقارنة بالنظام الحالي، مضيفةً "يهمنا الاستماع إلى الوضع الخاص بالنساء في كل بلد من قبل المنظمات والجمعيات الأهلية المشاركة في ملف العنف الذي تتعرض له المرأة في ظل النزاعات والحروب والسلام وخارطة العنف وسبل التعامل معه للوصول لرؤية متكاملة حول واقع هذا الملف في الدول الأخرى".

وأشارت منى عزت إلى أن "النسيج الديموغرافي والثقافي المتنوع في مصر من خصائص مختلفة بين حضارات ريف وبدو وحضر يعطي بعداً ثقافياً للأعراف والتقاليد والطبيعة القبلية وغيرها وتأثيراً متفاوتاً للسلطة الأبوية، حيث تتعرض النساء للعنف عند مختلف فئات السكان من الناحية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية".

فيما أوضحت نعمات كوكو الباحثة في التنمية والسياسات البديلة، أن العنف في إطار الاقتصاد السياسي، باعتباره نوع من العنف القائم على النوع الاجتماعي، هو جزء من الوجه الاقتصادي للعنف، وما هو إلا تعبير عن هيكلية المجتمعات والمؤسسات سواء كان من حيث البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وحتى الثقافية، معتبرةً أن "هذا العنف يتجلى من خلال الأسرة والمجتمع ومؤسسات الحكومة، ويتمظهر في انحياز الحكومة في المجالات كافة، كما يتجلى في الدول الدكتاتورية وعدم حرية التعبير والتنظيم، ومنها ظاهرة الفقر في الدول العربية وهو دليل على عنف الدولة الاقتصادي، وأكبر شريحة تتعرض لهذا الشكل من العنف هي النساء، لذا فهذا الأمر ليس بعيداً عن مصطلح "تأنيث الفقر".

وأضافت "أما العنف الاجتماعي فينعكس في الثقافة السائدة وهو جزء من التشريعات والقوانين، وتحديداً أتكلم هنا عن السودان، فليس لدينا حتى الآن قانون يجرم العنف، وكل ما تم بعد الثورة أن الحكومة تناولت المادة الخاصة بالزنا، ولكن العنف القائم على النوع الاجتماعي يتجلى في طبيعة وسياسات الحكومة ومنذ الاستقلال، حيث نتعرض لحكم شمولي دكتاتوري ينقض على الديمقراطية عبر دكتاتوريات عسكرية، وآخرها نظام الإسلام السياسي الذي أبدى عداء للمرأة ولحركاتها التحررية تاريخياً، لذلك فشلت الحكومة في وضع أطر سياسية على مستوى القوانين والتشريعات التي تجرم العنف".

وحول العنف الأسري الذي تتعرض له المرأة، أوضحت أن أشكال العنف الأسري موجودة بدءاً من الختان وتزويج القاصرات، وتعدد الزوجات، والطلاق والهجر في حالات طلب الطلاق وبالقانون يسمى بالنشاز، وقانون الأسرة الحالي يبيح تزويج القاصرات ابتداء من عمر 8 سنوات، أما النشاز فيمكن أخذه إلى قانون ما يسمى ببيت الطاعة، مع العلم أن هذا القانون تم إلغاؤه في السودان في عام 1965 بعد ثورة 21 أكتوبر".

ولفتت إلى أن العنف الثقافي الموجود في مناهج التعليم والإعلام وفي تعامل الإعلام مع الظواهر الحديثة خاصة العنف أثناء النزاعات، وقالت أنه في ثقافة السودان لا بد من الإشارة إلى ما تم في أحداث دارفور، فمنذ عام 2003 أصبح الاغتصاب سلاحاً حيث يتم اغتصاب النساء أمام أسرهن وأزواجهن وآبائهن وزعماء قبائلهن باعتبار أن "شرف القبيلة يتمثل بالمرأة"، وهي ظاهرة بدأت تتمدد.

وطلبت المنسقة في مؤسسة إدراك منى حميدة، الإضاءة على البعد الطائفي وتأثيره على واقع المرأة اللبنانية، حيث تمت الإشارة إلى "القوانين الخاصة بكل طائفة في لبنان في المحاكم الروحية والمذهبية وهي 17 طائفة، والتي تم احتكارها ولم يتم تقديمها للقضاء اللبناني، التي تنعكس على حقوق وقضايا النساء، خصوصا فيما يخص قضايا الأحوال الشخصية، مؤكدةً أن "الحل هو بقانون أحوال شخصية مدنية، عبر حملات مناصرة مدعومة من قبل الإعلام، وأن أي تغيير جذري وخصوصا لجهة القوانين الخاصة بالنساء تحتاج إلى الوقت والصبر والمرونة التي تتميز بها النساء".

ودعت المشتركات في نهاية الورشة إلى التشبيك والتفاعل بين الهيئات والمؤسسات والمنظمات النسوية المختلفة، وصولاً لرؤية شاملة وخطة استراتيجية للتنظيم بهدف الوصول إلى المساواة الجندرية للحد من العنف الممنهج الموجه من قبل السلطات الذكورية والمجتمعية، ولقاءات دورية تسلط الضوء على مختلف القضايا التي يتم التعتيم الإعلامي عليها، وفضح الممارسات والانتهاكات المبينة على العنف الاجتماعي.