وقفة احتجاجية... نسويات تنددن بالصمت إزاء جرائم قتل النساء في تونس

لا يزال شبح جرائم القتل التي ارتفعت نسبه في الآونة الأخيرة، يلاحق النساء في تونس، نتيجة التزام الصمت إزاء هذه الجرائم وسياسة الإفلات من العقاب.

 

زهور المشرقي

تونس ـ نددت جمعيات نسوية تونسية بارتفاع نسب العنف وجرائم قتل النساء ومواصلة سياسة تبرير العنف من منطلقات سوسيو - ثقافية تتغذّى من الفكر الذكوري ووجود قوانين جائرة وتمييزية وقضاء مرتعش الأيادي وتقاعس السلطات عن القيام بواجباتها تجاه مواطناتها وحمايتهن.

نظمت الجمعيات النسوية في تونس، أمس الأربعاء 24 أيار/مايو، وقفة احتجاجية تزامنت مع أول جلسة لمحاكمة قاتل التونسية رفقة الشارني في محافظة الكاف شمال غرب تونس.

وجاءت هذه الوقفة دفاعاً عن حقوق النساء اللواتي سقطن ضحايا العنف الأسري والزوجي، وأمام استمرار سياسة الإفلات من العقاب.

واعتبرت الجمعيات النسوية المشاركة أن بداية محاكمة رجل الأمن الذي قتل زوجته على أساس القانون عدد 58 الصادر عام 2017، انتصاراً للنضالات النسوية المشددة على ضرورة اعتماد هذا القانون لمحاسبة قتلة النساء، وأكدت الناشطات والحقوقيات على أن الوقفة بمثابة التكريم لروح رفقة الشارني ولكل ضحايا جرائم قتل النساء، وعبرن عن تمسكهن بمطلب الحماية لضحايا العنف والمحاسبة وتتبع الجناة.

ونددت الجمعيات بارتفاع نسب العنف وجرائم قتل النساء ومواصلة سياسة تبرير العنف من منطلقات سوسيو - ثقافية تتغذّى من الفكر الذكوري ووجود قوانين جائرة وتمييزية وقضاء مرتعش الأيادي وتقاعس السلطات عن القيام بواجباتها تجاه مواطناتها وحمايتهن.

وأوضحت المشاركات أنّ انتظار محاسبة الجاني كانت شاقة لا سيما وأن القضية تشوبها العديد من الاشكاليات لاعتباره رجل أمن "سنساند أقارب رفقة، سنحتج ونرفع أصواتنا عالياً، لا لتقتيل النساء، لا للإفلات من العقاب، سننددّ بسلبية الدولة أمام جرائم قتل النساء، فمنذ بداية 2023 تم تسجيل 17 حادثة قتل للنساء في ظل صمت رهيب ودون تحرّك للحد من هذه الظاهرة".

واعتبرت الناشطة النسوية والمختصة في علم الاجتماع فتحية السعيدي أن القانون عدد 58 لازال يتلكأ ولم يطبق فعلياً وهو المبني على أسس أربعة تمثلت في الوقاية والحماية والتجريم وأخيراً التعهد بالنساء ضحايا العنف.

وأكدت على أن هناك خلل في مجال الحماية، حيث أن غالبية من تعرضن للعنف طلبن الحماية ولم تتم الاستجابة لهن ليكون مصيرهن القتل، مشيرةً إلى أن هناك تطبيع مع العنف ولازال هناك عدم معرفة عميقة بالقانون الذي يجرم العنف ويشدد العقوبة والذي يعتبر مكسب اخرج العنف من الحيز الخاص إلى الحيز العام بعيداً عن التبريرات التي تعتمدها المجتمعات الذكورية والأبوية ككبسولات تهدئة للمعفنات لتصمتن أمام التنكيل بهن وهو نتاج ثقافة سوسيولوجية وجب محاربتها.

وأشارت إلى أن نسب حالات العنف وخاصة قتل النساء ارتفع في الخمس أشهر الأخيرة حيث بلغ عددهن 17 ضحية، نتيجة أسباب اجتماعية واقتصادية وسياسية، لكن ذلك لا يمكن أن يبرر ما تتعرض له النساء لكونهن نساء "هناك نوع من التراتبية المجتمعية التي تعطي الرجل سلطة أعلى من النساء ما يشجع على العنف، واليوم نحن نرفع صوتنا لنقول إن جرائم العنف كلها مجرم قانوناً، إضافة إلى التذكير بأن القانون لازال يترنح ولا يطبق بشكل فعلي ولازالت أسس وآليات تنفيذه غير مكتملة من مراكز استماع ووحدات مختصة برغم أن القانون ينص على ذلك".

وشددت على أن الشعارات التي رفعت كـ "القانون في القجر والنساء في القبر"، حقيقية وتفسر الواقع المأساوي الذي بلغته النساء، وتساءلت "ما المانع من أن نسير في طريق حماية النساء؟ ماهي الكلفة الاجتماعية التي سيكلفها ذلك درءً لكل المآسي التي تعشنها؟".

 

 

من جانبها قالت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات نائلة الزغلامي أنه "بعد سنتين من مقتل رفقة الشارني بدم بارد تشهد الجمعيات النسوية انتصاراً بانطلاق محاكمة زوجها القاتل"، مؤكدةً أن المحاسبة فقط من شأنها أن تهدأ من غضب النساء، مشيرةً إلى أن القانون المعني بحماية النساء ومحاسبة الجناة لم ينفذ بعد بسبب غياب الاستراتيجيات وانعدام رصد ميزانية له وعدم وجود مراكز إيواء تحوي المعنفات حين تلجأن للفرق المختصة.

ولفتت إلى أن التنفيذ يحتاج خطة محكمة يتشارك فيه مختلف الأطراف والمجتمع المدني تبدأ من تكوين القضاة والفرق المختصة، معتبرةً أن محاكمة قاتل رفقة الشارني سيكون عبرة لبقية القتلة حتى لا يكون هناك إفلات من العقاب.

 

 

وبدورها قالت رئيسة جمعية المرأة والمواطنة في محافظة الكاف كريمة بريني، أن الجميع مسؤولون عن تفشي ظاهرة العنف ضد النساء إثر استمرار العقلية الأبوية التي تتيح للرجال التحكم بالنساء وممارسة العنف دون خوف.

وأكدت على أن غياب التوعية في المجتمع بضرورة تربية الناشئة على المساواة بين الجنسين واحترام النساء شجع على توسع الآفة التي بلغت حد القتل، معتبرةً أن السلطات مسؤولة عن ارتفاع عدد حالات قتل النساء خاصةً وأن أغلب ضحايا العنف تأكد بعد مقتلهن أنهن لجأن للمؤسسات المعنية وقدمن شكاوى جوبهت باللامبالاة وعدم إيلاء قضاياهن الأهمية التي تستحق بتقييم الخطر الذي يعشنه.

وانتقدت الناشطة النسوية كريمة بريني غياب سياسات وخطط لمجابهة الظاهرة فعلياً، مرجعةً ذلك لعدم الوصول إلى مرحلة الإيمان بالمساواة التامة وحقوق النساء ولازالت تعتبر أمراً ثانوياً لا يعلمه أي طرف الاهتمام.