تونس... ترسانة الحقوق الإنسانية لم تحمي المرأة من العنف والقتل
تم قتل 15 امرأة خلال عام 2022 و27 امرأة خلال العام الماضي وخلال شهري كانون الثاني/يناير و شباط/فبراير الماضي تم قتل 6نساء.
اخلاص الحمروني
تونس ـ أكدت المشاركات في الندوة التي أقيمت في محافظة سوسة بتونس أن ظاهرة العنف ضد النساء مستمرة بكل بشاعة أمام صمت الحكومة بسبب عدم تطبيق القوانين والإفلات من العقاب وعدم وجود الإرادة السياسية للحد من هذه الظاهرة.
في إطار الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة، نظم فرع سوسة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ندوة تحت عنوان "الحقوق الإنسانية للمرأة، الهشاشة تتعمق" في أحد نزل محافظة سوسة, سلط فيها الضوء على تفاقم ظاهرة العنف ضد النساء والتي وصلت حد القتل، بحضور عدد من المشاركين/ات.
أعلنت رئيسة فرع سوسة للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات يسرى دعلول في مداخلتها الافتتاحية، تضامن كل نساء تونس مع نساء فلسطين وأطفالها وشعبها الذي يعيش إبادة جماعية "في حين نحتفل باليوم العالمي للمرأة يعاني العالم من صمت مريب تجاه ما يحدث للنساء في فلسطين من قتل ممنهج من قبل إسرائيل، نقف اليوم لنخاطب الأصوات والضمائر الحرة لإنقاذ الإنسانية في فلسطين وليس النساء فقط"
وأشارت إلى أنه "لا يمكن أن نتحدث عن تطور المجتمع والاستقرار والسلام والأمن إلا بعد وضع حد للعنف ضد النساء والحد من الانتهاكات التي تمارس ضدهن سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية".
كما قدمت مداخلة بعنوان "حقوق النساء الانتهاكات وانعكاساتها" أكدت فيها أن حقوق النساء جزء لا يتجزأ عن حقوق الإنسان بصفتها حقوق عالمية تتمتع بها البشرية "هي مجموعة من الأفعال والتصرفات تسمح بها القوانين, تقوم على أساس المساواة وعدم التمييز, تعرف بالتنوع وتتطلب الحماية من الحكومة ومؤسساتها".
وعن حقوق النساء في تونس, قالت أنها مجموعة من الحقوق يحميها الدستور التونسي والاتفاقيات الدولية وهي حقوق يحميها التشريع الوطني أيضاً "عندما نتحدث عن المنظومة القانونية نتحدث عن هرم من القواعد القانونية يأتي أولاً وعلى رأسها الدستور التونسي وثانياً المعاهدات الدولية التي صادق عليها تونس"، موضحةً أن تطور حقوق المرأة في تونس بدأ بالمساواة وبعدها إلغاء التمييز ثم مناهضة العنف.
ولفتت إلى أنه وفقاً لهذه النصوص القانونية فإن التونسيات والمواطنين متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواسية أمام القانون حسب ما نص عليه الدستور التونسي الذي نص أيضاً على حماية حقوق الطفل والأشخاص ذوي الإعاقة من كل تمييز.
وأضافت "في إطار الاحتفال بشهر أذار من عام 2024 والذي يعتبر شهر المرأة، لا نعرف أو نملك إحصائيات حول العنف المسلط على ذوي الاحتياجات الخاصة أو الحاملات للإعاقة، وهذا يعكس الانتهاك الخطير لحقوقهن"، مطالبة الدول ببذل المزيد من الجهود لمنع أعمال العنف ضد المرأة ومعاقبة كل المسؤولين.
وفي مداخلتها أيضاً قدمت حصيلة من الأرقام تؤكد أن النساء في تونس تعشن الكثير من "الهشاشة" وهي "هشاشة تتعمق" رغم ترسانة القوانين الإنسانية المدافعة عن المرأة، حيث تم قتل 15 امرأة خلال عام 2022، و27 امرأة خلال 2023 وخلال شهري كانون الثاني/يناير ، شباط/ فبراير الماضيين تم قتل 6 نساء، موضحةً أن الأرقام تتضاعف وتبقى غير دقيقة.
وأضافت "يوجد واحدة من اثنتين من النساء تقعن ضحية للعنف, ومليون و400 ألف امرأة أمية أي قرابة 25 %، كما يوجد 974 ألف من النساء تعملن مقابل مليوني و486 ألف رجل يعمل، إضافةً الى وجود 22.2 % من النساء في وضع البطالة مقابل 13.8 من الرجال.
وأكدت أن "كل هذه انتهاكات حقوق النساء تتم بإغفال من الحكومة أولاً وبتصرفات صادرة عنها ثانياً وبتصرفات صادرة عن الأفراد ثالثاً".
أكثر من 800 حالة عنف جديدة
وفي مداخلة بعنوان "تقديم أنشطة مراكز الإنصات والتوجيه للنساء ضحايا العنف خلال عام 2023 قالت العضوة في الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات ومسؤولة عن لجنة مناهضة العنف ضد النساء جليلة الزنايدي أن المرأة في تونس تعاني من انتشار ظاهرة العنف والقتل، حيث تم قتل 25 امرأة خلال عام 2023.
وأكدت أن ظاهرة العنف ضد النساء لاتزال مستمرة بكل بشاعة أمام صمت الدولة بسبب عدم تطبيق القانون 58 والإفلات من العقاب وعدم وجود الإرادة السياسية للحد من هذه الظاهرة.
وفي حديث لوكالتنا قالت جليلة الزنايدي أن مراكز التوجيه والإحاطة بالنساء ضحايا العنف الأربعة التابعين للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات (مركز أحلام بالحاج في تونس ومركز بسوسة ومركز بالقيروان ومركز بصفاقس) استقبلت أكثر من 800 امرأة ضحية عنف, وهي حالات جديدة تضاف إلى حصيلة السنوات السابقة باعتبار الحالات القديمة لا تزال في مرحلة التقاضي في المحاكم "لاحظنا أن العنف الزوجي يعد أكثر أنواع العنف المسجلة بنسبة بلغت 52% يليها العنف الأسري في المرتبة الثانية بنسبة تتراوح بين 12 ـ 13 %.
وأوضحت أن "العنف ظاهرة اجتماعية لا يستثني المرأة الكبيرة في السن ولا حتى الصغيرة, لا المثقفة ولا ربة المنزل, ولا التي تعيش في الجنوب التونسي ولا في الشمال لأنها ظاهرة منتشرة في كامل مدن تونس بشكل متفاوت".
وبالعودة الى إحصائيات عام 2023 أشارت إلى أن نسبة العنف الجنسي بلغت 3 %, وبلغت نسبة التحرش 4%, أما العنف الاقتصادي فقد بلغ 10 % والعنف السياسي 6 %، موضحة أن العنف الجنسي يعد من أبشع أنواع العنف وقد ارتفعت وتيرته في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ.
ولفتت إلى أنه وفقاً للشرائح العمرية, بلغت نسبة العنف المسلط على الأطفال بصفة مباشرة 6% وقد تصل لأكثر من 50 % بصفة غير مباشرة (باحتساب الأطفال الذي يشاهدون آبائهم يعنفون أمهاتهم), وبالنسبة للشباب فإن النسبة ناهزت 27%، مؤكدةً أنه بحسب الوظائف بلغت نسبة الموظفات 18%, والنساء ذات الأعمال الحرة 4%, والعاملات الفلاحات والصناعيات 7 % وعاملات التنظيف 10%.