شبكة صيحة: الانتهاكات التي تحدث للأطفال في السودان تتطلب تدخلاً عاجلاً
كشفت شبكة نساء القرن الإفريقي "صيحة"، إنها رصدت منذ اندلاع النزاع في السودان 23،15% من حالات العنف الجنسي المرتبط بالنزاع وهي نسبة تعكس الجحيم الذي تعيشه الطفلات في السودان في ظل هذا النزاع الدائر.

السودان ـ يعد السودان من أكثر بلدان العالم خطورة على الأطفال حتى قبل اندلاع النزاع، ورغم أنها قد كانت من أوائل الدول الموقعة على اتفاقية حقوق الطفل منذ عام ١٩٩٠، ومصادقة على الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل في عام ٢٠٠٥.
على الرغم من وجود قوانين تحمي حقوق الأطفال، إلا أن السودان وأنظمتها المتعاقبة لم تستثمر في الدفع بتنفيذ سياسات وقوانين حماية الأطفال، وبقيت قوانين الأحوال الشخصية السودانية تقنن لجرائم العنف الجنسي ضد الطفلات بما في ذلك زواجهن منذ سن العاشرة والزواج القسري، وانعدام آليات الحماية القانونية للطفلات وفرصهن في النشوء بأمان.
'أطفالنا في مرمى النيران"
وأوضحت شبكة نساء القرن الافريقي "صيحة" في بيان أصدرته أمس الثلاثاء 18شباط/فبراير، أن العنف الجنسي المرتبط بالنزاع منذ اندلاعه في السودان في ١٥نيسان/أبريل ٢٠٢٣ تصاعد والذي استهدف النساء والأطفال دون أي رادع أو مساءلة.
وقالت الشبكة إنه من "خلال عملنا في التوثيق المستمر لهذه الجرائم، تم رصد 23،15% من حالات العنف الجنسي المرتبط بالنزاع التي تم توثيقها هي حالات لضحايا كن طفلات، وهي نسبة تعكس الجحيم الذي تعيشه الطفلات في السودان في ظل النزاع المستمر".
وفي ذات السياق أفاد بيان الشبكة، أنها وثقت عدداً من حالات العنف الجنسي التي كان ضحيتها عدد من الأطفال "نعتقد وجود أعداد مهولة من الأطفال والطفلات ممن تعرضوا للعنف الجنسي".
وأشارت الشبكة إلى أن مجمل الانتهاكات التي تحدث للأطفال والطفلات في السودان تتطلب تدخلاً عاجلاً وآليات حماية فاعلة من قبل الجهات المسؤولة والمجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني السودانية، إلا أن ضعف أدوات وموارد الحماية المتاحة، تضع الطفلات ضحايا العنف في مواجهة النزاع والفراغ المؤسسي وغياب الخدمات والإفلات الممنهج من العقاب، مما يكرس واقعاً مريراً من انعدام الحماية واستمرار الانتهاكات.
وأوضحت شبكة نساء القرن الإفريقي أنه منذ دخول قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة تعرضت الطفلات لعنف غير مسبوق من قبل عناصر قوات الدعم السريع اللذين استهدفوا الطفلات بشكل مباشر من خلال اختطافهن وارتكاب جرائم العنف الجنسي بحقهن والزواج القسري والحمل الناتج عن الاغتصاب.
ووثقت الشبكة قيام عناصر من قوات الدعم السريع في العشرين من كانون الأول/ديسمبر 2024 بالهجوم على أسرة طفلة بالغة من العمر 13عام في إحدى مدن ولاية الجزيرة، وطلبوا من عائلتها فدية مالية، وعندما أخبرهم الأب أنهم لا يملكون المال قاموا بإطلاق النار عليه مما أدى إلى وفاته وإصابة ابنته البالغة من العمر13عام، ليقوم بعد ذلك عناصر قوات الدعم السريع باختطاف الطفلة المصابة وشقيقتها الكبرى واغتصابهن، حيث تمّ الإفراج عنهن بعد أن دفعت الأسرة فدية مالية، وعند تدهور حالة الطفلة جراء انعدام العلاج في ولاية الجزيرة قررت الأسرة الفرار إلى مدينة شندي، إلا أن حالة الطفلة تدهورت في الطريق، وفارقت الحياة قبل أن تصل إلى المدينة متأثرة بجراحها ونتيجة للنزيف المستمر.
كما أفادت الشبكة أنها وثقت في الثاني من شباط/فبراير الجاري، ٧ حالات لطفلات تتراوح أعمارهن بين ٦ ـ ١٥ عام ضمن مجموعة كبيرة من الأطفال من بينهم أطفال في مدينة ود مدني كان قد تم الإفراج عنهم من السجن بعد دخول الجيش السوداني إلى المدينة، ووفقًا لشهادتهن كن متواجدات مع الفتاة في معتقل خاص في حي الزمالك قبل نقلهنّ إلى سجن ود مدني، أن الفتيات كنّ تقمن بخدمة عناصر من قوات الدعم السريع، وقد أخبروهن أنهن معتقلات بتهمة العمل مع الجيش السوداني.
ووفقًا للشهاداتان فإن شقيقة إحدى الطفلات قد تم قتلها بعد اغتصابها في المعتقل، وقالت الطفلات أنه قد تم اختطافهن من مناطق رفاعة ومارنجان والحصاحيصا، وقد عثرت الشبكة عليهن عن طريق متطوعين في العمل الإنساني في مدينة ود مدني مع عدد من الفتيات.
ويشير تقرير رصد شبكة نساء القرن الافريقي في وسط دارفور ـ زالنجي، أنه في الواحد والثلاثين من كانون الثاني/يناير الماضي، تم قتل المعلم (أ) واغتصاب زوجته وبناته الاثنتين اللتين تبلغان من العمر ١١ و١٦ عام غرب مدينة زالنجي.
ووفقاً لشهادة الأم اقتحم أكثر من ١٠عناصر لقوات الدعم السريع منزلهم، أطلقت على زوجها الرصاص حتى أردته قتيلاً ومن ثم اغتصبت زوجته وابنتيه ومن ثم قامت بنهب أموالهم وممتلكاتهم، وتعرضت الطفلة ذات الـ ١١عام لنزيف حاد وهي حالياً في وضع صحيّ حرج، حيث تعاني مدينة زالنجي من انعدام الخدمات الصحية، وفي ذات الاتجاه أفاد تقرير الرصد من جنوب كردفان أنه في كانون الأول/ديسمبر ٢٠٢٤، اختطف عناصر لقوات الدعم السريع ثلاثة أشقاء تتراوح أعمارهم بين ٦ و١٢ عام طفلة وصبيين، من قرية سيلجي في محلية لقاوة جنوب كردفان أثناء قيامهم بجمع الفواكه البرية بالمنطقة، وتم احتجازهم لمدة ستة أيام واغتصابهم قبل إطلاق سراحهم وتصويرهم فيديو لعملية إرجاعهم.
وفي العاشر من كانون الثاني/يناير الماضي، أوضحت الشبكة أنه تم الاعتداء على طفل يبلغ من العمر ١٣عام أثناء جمعه الفاكهة البرية في منطقة حجر الجواد جنوب مدينة الدلنج، وهي منطقة تقع ضمن المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية - شمال، حيث تعرض الطفل للاغتصاب من قبل جندي يتبع للحركة الشعبية- شمال تحت تهديد السلاح وفقاً لشهادة الطفل.
وأكدت الشبكة أن الأطفال في السودان يعانون من فظاعات لا تُحتمل نتيجةً للعنف الذي يتعرضون له، حيث تستباح أجسادهم وحياتهم في غياب كامل للحماية، وتواجه الطفلات إصابات جسدية تودي بحياتهن في أحيانٍ كثيرة، مثل النزيف الحاد والالتهابات الخطيرة وفي ظل غياب الرعاية الصحية، فإن العديد منهن تمتنَ في صمت، وتعانين من آثار الصدمة والجروح النفسية والجسدية العميقة.
"الحماية والمناصرة"
وطالبت الشبكة المجتمع الدولي ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والمجتمع المدني السوداني بالعمل في الاستجابة للانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في السودان، وتقنين جهود الحماية ومناصرة قضاياهم ونشر وإدانة الانتهاكات التي يتعرضون لها بانتظام، وفضح المنتهكين والمناداة بالمحاسبة والعدالة "نُطالب الأمم المتحدة والدول المانحة بالعمل على رفع الإمكانيات والموارد المكرسة لحماية الأطفال المتأثرين بالحروب في السودان، وتقديم الدعم النفسي والصحي والوصول إلى التعليم والخدمات الأساسية".
ودعت الشبكة أيضاً المجتمع المدني والدولي بالعمل على حماية الأطفال في السودان ودعم المتطوعين والعاملين في الأرض، وبرامج الغرف والجمعيات التي توفر الحماية للأطفال، خاصةً من فقدوا أسرهم وتعرضوا لصنوفٍ من الانتهاكات.
وفي ذات السياق لفتت الشبكة إلى أن اهتمامهم بالعمل مع النساء والفتيات تأتي وفقًا لأهدافهم وصلاحياتهم "لن يكتمل عملنا ما لم توجد مؤسسات مدنية وإنسانية تعمل مع الأطفال وتوفر لهم الحماية مما يجعلهم ضحايا للعنف والعنف الجنسي والاستغلال وتجنيد الأطفال، والعديد من الانتهاكات الأخرى".
وعن التحديات التي تواجه الأطفال وتعوق تحقيق قضايا السلام والعدالة، أكدت الشبكة أن تجاهلها سيؤدي إلى وجود أجيال مدمرة ومستقبل مليء بالحروب والنزاعات.