تونس... الحرفيات "صمام أمان" للصناعات التقليدية

تحت شعار "ادعم بلادك وصنعة اجدادك"، انطلقت الدورة الثانية لسوق الكاهنة بمدينة الثقافة في تونس وتستمر حتى 22 كانون الأول/ديسمبر الجاري، بحضور نسائي كبير.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ تنوعت المنتجات التقليدية التي تم عرضها، أمس الثلاثاء 19 كانون الأول/ديسمبر، بسوق الكاهنة وسجلت الحرفيات نسبة مشاركة فاقت الـ 80 بالمائة حرصاً منهن على الترويج الذي يتصدر قائمة الصعوبات التي تواجههن في الحفاظ على تراثهن من الاندثار وتجديده ليكون مصدر دخل للعائلة.

مريم صدي حرفية شابة في صناعة الحلي قالت لوكالتنا، إنها انطلقت في صناعة الحلي بمادة النحاس والأحجار الكريمة منذ سنتين، وكان معرض سوق الكاهنة هو فرصة للتعريف بمنتجي.

وأوضحت أنها أنهت دراستها الجامعية وتلقت تدريباً في تنشيط الأطفال وبإمكانها إنشاء روضة أطفال ولكنها اختارت العودة إلى صناعة الحلي التقليدي الأمر الذي تحب ممارسته منذ صغرها، مشيرةً إلى أن "التعليم والحصول على الشهادة الجامعية مسألة مهمة في الحياة ولكن بدلاً من أن أقبع في المنزل دون عمل اخترت العودة إلى صناعة الحلي وأطمح إلى تحقيق النجاح في تونس والعالم كذلك".

بخصوص تعلم الحرفة، ذكرت أنها في البداية تلقت تدريباً في تونس ثم تلقت تدريب إضافي خارج البلاد، لافتةً إلى أنه رغم الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد إلا أنها لا تزال متمسكة بهذه الحرفة "نواجه صعوبات كبيرة في ترويج المنتجات التي تواجه منافسة شديدة من المنتج الأجنبي".

ودعت مريم صدي الأهالي إلى الإقبال على المنتج المحلي، وهن بدورهن ستعملن على أن تكون أسعار منتجاتهن ملائمة لمقدرتهم الشرائية وعليه أيضاً أن يتفهم الأمر ويقبل على شراء منتجاتهن.

 

 

 

عزوف الشابات عن التدريب

من جانبها قالت إسلام إسماعيل حرفية في الصناعات التقليدية اختصاص مرقوم، كليم، زربية تعمل على منتجات يدوية برسوم عصرية "تعلمت هذه الحرفة من والدتي التي تعمل بهذه الحرفة منذ أكثر من 20 عام وحرصت على تدريب العديد من الفتيات بمحافظة بن عروس".

وذكرت أنها تعلمت هذه الحرفة منذ خمس سنوات وهي طفلة تبلغ من العمر 15عاماً وجذبتها في البداية ألوان الصوف وكيفية تنسيقها لإعداد الزرابي ثم بدأت شيئاً فشيئاً تنجذب إليها وتتطلع إلى القيام بتصاميم جديدة لكن مستوحاة من التراث.

وعن قدرتها بهذا السن الصغير أن تعمل بهذه الحرفة التي تتطلب الكثير من الصبر والجهد، أوضحت أنه "بالرغم من أن عملي ليس سهلاً كوني أجلس ساعات طويلة على السداية ويدي تتورم من صلابة الخيوط وأشعر بألم في ظهري من فرط الانحاء على السداية والتركيز على الرسوم، إلا أنني أمارسه بكل حب وشغف".

وأكدت إسلام إسماعيل أنها تعمل على تطوير تصاميمها لتكون متواجدة في جميع أجزاء ديكور المنزل مثلاً في قاعة الجلوس تكون كلها مصممة باعتماد المرقوم التقليدي أو الكليم أو الزربية التقليدية.

 

 

 

مشاركة فلسطينية

وشاركت فلسطينيات مقيمات في تونس في معرض سوق الكاهنة بلوحات وملابس وحقائب يدوية نسائية وعن هذه المشاركة، قالت الرسامة الفلسطينية أمل قدورة "أردنا أن نذكر العالم بما يحدث في فلسطين وخاصة غزة من خلال منتجات سنبيعها تبرعاً لطلاب غزة، ومن خلال لوحاتي أشارك في المعرض لأتمكن من مساعدة الفلسطينيين الذين يضحون بأرواحهم من أجل بلدهم".

وأضافت "أخص بالذكر لوحتين قدمتهما وهما تحملان إحساس خاص حيث تجسد الأولى عجوزاً يحمل مفتاح في إشارة إلى العودة لأراضينا، والصورة الثانية لفتاة تصرخ للتعبير عما في داخلها من ألم وهي تشاهد ما يحدث في غزة".

بدورها قالت سوسن سلامة إن هذه المنتجات هي جهود خاصة من الجالية الفلسطينية لمساعدة الطلبة الفلسطينيين الذين يدرسون في تونس البالغ عددهم 350 طالب وطالبة وذلك بتوفير موارد مالية تساعدهم على العيش لاسيما وأن أهاليهم في حالة حرب.

 

 

 

قطاع نسائي

وبينت مديرة منظمة "اندا" العالم العربي بهيجة بن عبد الله أنه "أردنا من خلال سوق الكاهنة في دورته الثانية التعريف بقرابة 100 حرفي وحرفية من مختلف الجهات"، موضحة أن هذا السوق هي طريقة لتشجيع 11 ألف حرفي/ـة تمتعوا بقروض من المنظمة على ترويج منتجهم والتمسك بحرفهم رغم صعوبة الترويج في الظرف الراهن.

وذكرت أن المرأة، التي تتجاوز نسبة مشاركتها في المعرض 80%، تقبل أكثر على التدريب وتحرص على الصناعات التقليدية رغم الصعوبات التي ترافقها لأنها تحرص دائماً على أن تكون مستقلة مادياً.

وخلصت إلى القول بأن منظمة "اندا" قامت بإنشاء منصة رقمية للتسويق وتدعو التونسيين إلى استهلاك منتجات بلادهم لأن المرأة صمام أمان للصناعات التقليدية وكذلك الترويج فبدونها لا يمكن للصناعات التقليدية أن تستمر.