تقرير يرصد الانتهاكات التي تطال التونسيات في الشأن العام

بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة قدمت جمعية تقاطع بتونس العاصمة تقريرها تحت عنوان "السجن الابتزاز والتهديد ثمن مشاركة النساء في الشأن العام" بعد أن دخلت تونس في منعطف خطير تميز بتراجع ملحوظ في الحريات وحقوق الانسان.

نزيهة بوسعيدي

تونس ـ أكد تقرير جمعية تقاطع على ضرورة المصادقة على اتفاقية إسطنبول لمناهضة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي لعام 2011 وتوفير ميزانية خاصة لتفعيل القانون عدد 58 لسنة 2017 الخاص بمناهضة العنف ضد النساء والأطفال، وتوفير آليات للنفاذ إلى العدالة ومحاربة الإفلات من العقاب.

أصدرت جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات بالشراكة مع الأورومتوسطية للحقوق بتونس EuroMed Rights - MENA أمس الأربعاء السادس من آذار/مارس بتونس العاصمة تقريراً تحت عنوان "السجن الابتزاز والتهديد ثمن مشاركة النساء في الشأن العام" أكدت فيه أنه منذ 25 تموز/يوليو 2021 دخلت تونس في منعطف خطير تميز بتراجع ملحوظ في الحريات وحقوق الانسان حيث اتخذت السلطات إجراءات استثنائية أدت إلى تقييد حرية التعبير والتجمع والتنظيم.

وتضمن التقرير كل الجوانب المتعلقة بالتضييق على الحريات معتمداً على مقابلات مباشرة واتصالات هاتفية مع ضحايا الانتهاكات وجمع بيانات من منظمات المجتمع المدني والأحزاب ومعلومات من وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي كما شمل أيضاً تحليل تقارير وبحوث من جمعيات حقوقية ونسوية، كما يحتوي على شهادات من نساء تعرضن لاعتداءات مرتبطة بعملهن في الإعلام والقانون أو الناشطات في مجال حقوق الإنسان وهن (شيماء عيسى قيادية بجبهة الخلاص الوطني, عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر, شيماء الجبالي ناشطة حقوقية وسياسية, القاضية مروى, دليلة مصدق محامية وعضوة لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين, غفران بينوس مدافعة عن حقوق الانسان, سنية الدهماني محامية, وبشرى بالحاج حميدة رئيسة سابقة لجمعية النساء الديمقراطيات, اسرار جويرة رئيسة جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات ومريم بريبري مدافعة عن حقوق الإنسان).

والصحفيات هن (أروى بركات صحفية ونسوية ومدافعة عن حقوق الانسان, منية العرفاوي صحفية بجريدة الصباح, شذى الحاج مبارك صحفية ورئيسة تحرير وأميرة محمد عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين).

ووفقاً للتقرير هؤلاء النسوة تم استهدافهنّ من قبل السلطات التونسية أما عبر الملاحقات القضائية أو التتبعات الأمنية، بالإضافة إلى وضعهنّ في خانة العملاء والخونة، ما تسبب بتعريضهنّ لحملات ممنهجة قائمة على العنف والهرسلة الإلكترونية، والتشهير في وسائل التواصل الاجتماعي، مقابل صمت تام من السلطات التونسية التي لم تحرك ساكناً أمام موجات العنف التي استهدفت النساء بمختلف صفاتهنّ، منهن السياسيات والتي لم يتم التطرق لهنّ في حالات معينة تم تعدادها تحت عنوان ''النساء السياسيات في تونس، بين الاستهداف الممنهج والمستقبل المجهول''.

وأوضح التقرير أنه تم استهداف الصحفيات أيضاً حيث تم ملاحقتهن بسبب ممارستهن لعمل الصحافة الحر والمستقل، كما أن التقرير خص في عنوان ''نسويات وناشطات مدنيات تحت وطأة القمع'' الناشطات النسويات والمدافعات عن حقوق الإنسان وما يواجهن من عنف بمختلف أوجهه على خلفية نشاطهنّ.

واختتم التقرير بمجموعة من التوصيات منها، تفعيل القانون عدد 58 لعام 2017 الخاص بالتصدي للعنف المسلط على النساء والأطفال وتوفير ميزانية خاصة تضمن مباشرة الحق في الحماية والنفاذ إلى العدالة بطريقة متساوية بين النساء والرجال وبعث هيئة من الوحدات المختصة في جرائم العنف ضد النساء والأطفال لتقصي حالات العنف السيبراني ومتابعة الجناة أمام المحاكم من أجل التصدي لظاهرة الإفلات من العقاب في الجرائم الإلكترونية ضد النساء.

كما جاء في التوصيات ضمان الحق في المحاكمة العادلة للنساء وتمكينهن من حق النفاذ إلى العدالة بتوفير الإعانة العدلية كآلية للنساء ضحايا العنف السيبرني والتعهد بضحايا هذا النوع من العنف الذي لا يقل خطورة عن الأنواع الأخرى، إضافة إلى ضمان حق النشاط المدني للجمعيات والمنظمات الوطنية والمهنية والكف عن تهديدها بالقوانين الجائرة التي تستهدف الحد من أنشطتها أو مراقبتها المسبقة والاكتفاء بتطبيق المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات.

ومن ضمن التوصيات أيضاً احترام حرية التفكير والتعبير والنشر بما فيها حرية الصحافة وحق المواطنين/ات في الوصول إلى كل المعلومات والآراء من خلال إعلام حر ومستقل ومتعدد بما في ذلك حرية التعبير على مواقع التواصل الاجتماعي دون التعدي على حقوق الآخرين، والعودة إلى تطبيق مبدأ التناصف الأفقي والعمودي في الترشح للهيئات المنتخبة مع الالتزام بالتناصف في التعيين للمناصب الإدارية، والسياسية ومراعاة مبدأ الكفاءة النسائية في المشاركة المدنية والسياسية، أضافة إلى إلغاء كافة أشكال التمييز في العمل ضد النساء في مستوى الانتداب والأجور والترقية المهنية وإنهاء أشكال العمل الهش في مجال الفلاحة والعمل المنزلي وفي غيرهما من القطاعات.

بالإضافة إلى المصادقة على اتفاقية إسطنبول لمناهضة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي لعام 2011 وتوفير ميزانية خاصة لتفعيل القانون عدد 58 لسنة 2017 الخاص بمناهضة العنف ضد النساء والأطفال، وتوفير آليات للنفاذ إلى العدالة ومحاربة الإفلات من العقاب.

وحول هذا الموضوع أوضحت الباحثة النسوية في جمعية تقاطع من أجل الحقوق والحريات جنين التليلي أنه "مهمتنا الأساسية في الجمعية هي رصد الانتهاكات المسلطة على المواطنين/ات واخترنا أن نقدم تقريرنا بالتزامن مع اقتراب اليوم العالمي للمرأة أو كما نسميه نحن النسويات اليوم العالمي للاحتفال بحقوق النساء تحت عنوان "السجن ,الابتزاز, والتهديد ثمن مشاركة النساء في الشأن العام".

وقالت "اخترنا هذا المحور لأننا لاحظنا تراجعاً كبيراً لوجود المرأة في الفضاء العام ولاحظنا أن هناك الكثير من الانتهاكات وأمثلة على ذلك المحاكمات العسكرية, الإيقاف, التهديد, الابتزاز, الحملات الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي, التشويه, السلب, الشتم, وهتك الأعراض وغيرها الكثير من الانتهاكات التي أدت الى تراجع تواجد المرأة في هذه الفضاءات ليصبح ضئيلاً جداً وبروز نوع من الخوف من اقتحام هذا المجال الذي أصبح مجالاً ذكورياً بامتياز".

وأوضحت أنه "رصدنا أكثر من 12 حالة انتهاك من بينهن محاميات وناشطات في المجتمع المدني وصحفيات تعرضن لجملة من الانتهاكات تتراوح بين المرسوم 54، وإثارة البلبلة ونشر الاشاعات وغيره من هذه الاتهامات".

وأكدت جنين التليلي أنه "كانت من ضمن توصياتنا في جمعية تقاطع ألغاء تام للمرسوم 54 لأنه مرسوم قمعي بامتياز والغاية منه التشفي من المعارضين السياسيين أو من أي صوت ناقد أو معارض للمسار السياسي 25 تموز2021 وأيضاً تطبيق مبدأ الحماية في الفصل 58 لعام 2017 لمناهضة العنف ضد النساء وإرساء ميزانية خاصة لتطبيق مطلب الحماية وثالثاً إرساء وحدة أمنية تخص الجرائم الإلكترونية خاصة ضد النساء وضد الأقليات في تونس".