تقرير حقوقي يدق ناقوس الخطر حول آثار العنف على صحة المغربيات

العنف ضد النساء بمختلف أشكاله انتهاك للحقوق الإنسانية للنساء وتقييداً لحريتهن وترسيخ للتمييز القائم على النوع الاجتماعي، عبر التشريعات والممارسات والسياسات الاقصائية والقوانين التمييزية المجحفة والحاطة بالكرامة الإنسانية.

حنان حارت

المغرب ـ دقت ناشطات حقوقيات ناقوس الخطر حول تداعيات العنف على صحة النساء والفتيات في المغرب، وأكدن أن هناك أمراض تنجم عن التعنيف المستمر للنساء، مما يؤثر على صحتهن.

كشف مرصد "عيون نسائية" خلال ندوة صحفية نظمت في الدار البيضاء بالمغرب أمس الأربعاء 6 كانون الأول/ديسمبر، بمشاركة ناشطات وحقوقيات للنقاش حول تداعيات العنف الممارس ضد النساء وتأثيره على صحتهن الجسدية والنفسية؛ عن تقريره الذي سجل تعرض 3219 امرأة لما يقارب 29 مرة للعنف في الفترة الممتدة من 2018 إلى 2023.

وأشار التقرير إلى أن الحالات المعلن عنها توافدت إلى مركز "حبيبة الزاهي" للنساء الذي سجل 18 امرأة حاولت الانتحار خلال العام الجاري بسبب العنف الممارس ضدهن، أما بخصوص العنف الجنسي الذي يدخل في خانة التابوهات، فقد استقبل المركز 37 حالة اغتصاب، و441 حالة اغتصاب زوجي مصرح بها من طرف الزوجة، و140 حالة إكراه على معاشرة جنسية مرفوضة من طرف الزوجة لأسباب تتعلق بتربيتها أو تدينها، مع تسجيل 18 حالة زنا المحارم.

كما سجل التقرير حضوراً قوياً للممارسات المرتبطة بالعنف الاقتصادي، حيث صرحت أكثر من 3000 امرأة إلى تعرضهن لـ 5255 فعل يرتبط بالعنف الاقتصادي، في مقدمة تجلياته، الامتناع عن الإنفاق، الطرد من بيت الزوجية، الاستيلاء على الممتلكات، المنع من العمل، أو الاستيلاء على الأجر، وأحياناً تخريب الأثاث المنزلي في الحالات التي يقوم فيها الزوج العنيف بالتنفيس عن غضبه من خلال التخريب.

وأفاد التقرير ذاته بأن العنف المرتكب الذي تتعرض له النساء، كانت له العديد من التأثيرات على الصحة النفسية للضحايا كالأرق  والخوف حيث تم تسجيل 5293 حالة، والاكتئاب 1399 حالة، والحرمان الجنسي 1502، فيما أدى العنف إلى تفكير 123 امرأة في الانتحار، هذا بالإضافة للآثار الجسدية التي تلحق النساء، كالإصابة بالجروح، والرضوض، والكسور، والإجهاض القسري، في الوقت الذي تصاب فيه بعض الحالات بعاهة مستديمة أوعجز وظيفي.

كما أوضح التقرير أن أغلبية النساء الممارس عليهن العنف متزوجات، وبنسبة 90 في المائة يكون الزوج هو المعنف أو المطلق.

وأشارت عضو مكتب الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء نجاة الرازي، "إن التقرير يسلط الضوء على آثار وانعكاسات العنف على صحة النساء كما يتناول الإيجابيات المتاحة في المستشفيات العمومية، وأيضا النواقص"، مؤكدة أنه برغم الجهود المبذولة في مسألة التكفل بضحايا العنف، إلا أنه يتم التركيز على الصحة الجسدية فقط، في حين  يتم إهمال الصحة النفسية وأضرارها على الضحايا، مضيفة أن كل النساء تعانين من آثار الضغوط النفسية على صحتهن ورغم محاولاتهم رصد التداعيات الطويلة الأمد لا يلتفت لها جل المهتمين بالشأن النسائي بسبب تركيزهم على الجوانب التشريعية، استناداً إلى الزيارات الميدانية.

وشددت على ضرورة وضع  تدابير وإمكانات ووسائل كاملة من أجل تغطية احتياجات النساء على المستوى الصحي ومحاولة التكفل بهن، "التكفل بضحايا العنف يجب ان يكون مستمراً، لأن المضاعفات تظهر على المدى البعيد ولا يتم ربطها بالعنف الذي تتعرض لها النساء".

 

 

 

ومن جانبها أوضحت المنسقة الوطنية للمرصد المغربي للعنف ضد النساء زهرة الدغوغي، "من خلال تتبع حالات النساء تم رصد حالات تعاني من العنف الجسدي والنفسي، بالإضافة الى الأمراض العقلية والمزمنة، الكثير من النساء يتعرضن للعنف ويبقى أثره يرافقهن طوال حياتهن ما ينتج عنه مجموعة من الأمراض كحالات الاكتئاب والأمراض المزمنة"، مشيرةً إلى أن النساء اللواتي يتعرضن للتعنيف هن أكثر عرضة للأمراض العقلية والنفسية.

وأضافت إن العنف وفقاً لمنظمة الصحة العالمية هو إحدى المشكلات الصحية العمومية التي تحدث نتيجة للعنف البدني، "كل التوصيات والتقارير التي تعمل عليها الجمعية تدعوا إلى ضرورة تكفل المؤوسسات التابعة للدولة بالمعنفات عن طريق توفير الحماية والوقاية والعناية، ومتابعة الحالات لمساعدتهن على الخروج من العنف بأقل الأضرار".

وأشارت إلى أن قانون مدونة الأسرة الحالي هو أداة لممارسة العنف النفسي من قبل الأزواج، داعيةً إلى تغيير القوانين التمييزية بما فيها القانون الجنائي.

وعن الحلول التي تراها قادرة على الحد من ظاهرة العنف في المجتمع المغربي، قالت، "لا يكفي الحديث عن ظاهرة العنف خلال الحملات الإعلامية"، مؤكدة أنه يجب توعية الأجيال القادمة بإدخال مواضيع العنف وأثاره على المجتمع والمرأة ضمن المناهج الدراسية.

 

 

 

وبدورها بينت رئيسة الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء سميشة الرياحة، أن المعطيات التي استند عليها التقرير شكلت رصداً دقيقاً لصور تعنيف النساء عبر تقاسم الجمعيات المعنية لمعطيات الدراسات والتقارير راصدةً مختلف مظاهر العنف الممارس على النساء، مبينة أن هنالك ارتفاع ملحوظ لاشكال العنف، "ليست هنالك تشريعات زجرية، ولا حماية للمعنفات وهو ما يتسبب بتكرار وارتفاع ظاهرة العنف ضدهن"، موضحة أن القضاء على العنف يتطلب خلق سياسات عمومية وإصدار تشريعات تضمن المساواة وتقضي على العنف.

وبينت أن هناك علاقة جدلية بين العنف والصحة، "عدم  تعميم الوحدات المندمجة  للتكفل بالمعنفات على المستشفيات العمومية حسب المواصفات المنصوص عليها في البرنامج الوطني للصحة من أجل التكفل بالنساء والأطفال"، داعيةً إلى تكوين دعم قدرات الأطر الصحية على قضايا حقوق الإنسان، وتسهيل الولوج للمعلومة، وأيضاً تطوير البيانات المتعلقة بالعنف وجعله ضمن السياسة العمومية وأيضاً من ضمن الأولويات في قانون المالية.

فيما اتفقت باقي المداخلات أن العنف ضد النساء بمختلف أشكاله سواءً صدر عن شريك أو عن جماعة أو عن الدولة، يعد انتهاكاً للحقوق الإنسانية للنساء وتقييداً لحريتهن وترسيخاً للتمييز القائم على النوع الاجتماعي، عبر التشريعات والممارسات والسياسات الاقصائية والقوانين التمييزية المجحفة والحاطة بالكرامة الإنسانية.