تل تمر خاضت كل مراحل الحرب... "مقاومتنا مستمرة"

استذكرت إحدى نساء مدينة تل تمر بإقليم شمال وشرق سوريا مجريات الحرب والهجمات على المدينة ومقاومتها، "بقوة وروح الرفيقة إيفانا أفريقي وشاميرام آشوري وهبون كوباني، هُزمت مخططات القوى المهيمنة".

سوركل شيخو

تل تمر ـ تم بناء تل تمر على يد الآشوريين والكرد بين عامي 1933ـ 1935، وفي العصر الحديث أبدى شعبها مقاومة فريدة ضد نظام البعث وجبهة النصرة وداعش، حدث هذا بعد دخول سوريا في أزمة خانقة دامت قرابة الـ 14 عام.

تل تمر مدينة صغيرة ذات استراتيجية مهمة للغاية في مقاطعة الجزيرة بإقليم شمال وشرق سوريا، حيث يواصل شعبها نضالهم من أجل حماية مكتسبات الثورة ضد هجمات الاحتلال التركي.

 

"أول هجوم وهروب النظام والحصار!"

استذكرت حمدية كوتي إحدى نساء تل تمر فترة تحرير المدينة من نظام البعث وحصارها من قبل مرتزقة ما تسمى بـ (جبهة النصرة) "هيئة تحرير الشام" حالياً، "كان ذلك في تشرين الأول عام 2012، في ذلك الشهر كانت مرتزقة جبهة النصرة تعزز قوتها في سري كانيه ومحيط تل تمر، كما كان نظام البعث لا يزال متمسك بزمام الأمور في تل تمر وتربطه علاقة بجبهة النصرة، كانت هناك خطة تقضي بأن يقوم الجانبان بالهجوم وإبادة الشعب وعلى رأسهم الكرد، لكن نجح الأهالي والمقاتلون معاً في إحباط هجوم المرتزقة من جهة، ثم هروب جيش النظام من المنطقة".

وأضافت "لكن مرتزقة الاحتلال التركي عادت لتطوق المدينة من الجهات الأربع مرة أخرى، وأغلقت مداخلها ومخارجها، استمر الحصار لمدة شهر تقريباً، لم يبق طبيب ولا دواء، قطعوا المياه عن المدينة وتوقفت أفران الخبز، روينا عطشنا بغلي مياه الآبار، إلا أنه بنضال الأهالي والمقاتلين والمقاومة المنقطعة النظير تمكنوا من فك الحصار".

 

"تحت شعار (المقاومة حياة) انتصرنا"

لفتت حمدية كوتي إلى أن تل تمر كانت دائماً في مرمى نيران هجمات المرتزقة، وأن شرارة المقاومة كانت دائماً تتوج بالنصر في النهاية، "ضحت الأمهات بأبنائهن في سبيل هذه الأرض، وشجعن بناتهن وأبناءهن للانضمام إلى صفوف الوحدات، وكانت حماية مدخل الجزيرة والفرات أو تل تمر مهمة للغاية، وبحسب أهميتها الاستراتيجية دافعت عنها القوميات والأمم بتضامن قوي".

وأضافت "كانت أرجين جودي وهيفيدار ديريك من أوائل النساء اللاتي استشهدن خلال التصدي لهجمات جبهة النصرة، ولذلك أدت الهجمات على تل تمر إلى أن كل مرحلة أو عملية كانت تولد مرحلةً أخرى لذلك لم تتوقف الهجمات حتى اليوم".

وقالت "لا يمكن نسيان هجوم 23 شباط 2015 عندما وصلت داعش من دير الزور إلى جبل كزوان وباتجاه مركز مدينة تل تمر، إلا أن المدنيين حملوا السلاح، الجميع قاوم وفق حرب الشعب الثورية، ومن لم يستطع حمل السلاح كان يعالج الجرحى ويطبخ الطعام للمقاتلين، والمقاومة التي استمرت 3 أشهر تحت شعار "المقاومة حياة" تكللت بالنصر الذي رفعت رايته بفضل تضحيات الشهداء، ولذلك، فإن مثل هذه المدينة تُعرف بأنها فسيفساء من الشعوب، وتواجه الهجمات حتى يومنا هذا".

 

"مدينة حجمها صغير ولا مكان للعنصرية فيها"

وأوضحت سبب المقاومة التاريخية لأهالي تل تمر "هذه ليست فقط أرضنا، إنها تاريخنا ووجودنا، هنا، على هذا التراب عاش أطفالنا وعظام موتانا تحته، لذلك فالارتباط بالأرض يأتي من هنا، والأمهات أودعن أطفالهن في هذه الأرض، وسبب آخر هو أن تل تمر مدينة مهمة كون طريق M4 تقسمها إلى قسمين وعلى ضفاف نهر الخابور ونهر زركان أيضاً يمر في منتصفها، ولم نشهد أي عداوة بين المكونات لقد عاش الآشوريون مثل الكرد والعرب، دون أن يكون هناك تعصب قومي أو ديني يعيش الجميع بسلام، وبفضل اتحاد المكونات المدينة صامدة بوجه الهجمات حتى اليوم".

 

"دماء الأشوريين والكرد والعرب اتحدت في تل تمر"

استذكرت حمدية كوتي نضال المرأة وقيادتها للثورة "لقد تحصنت الأمهات في الخط الثاني بعد المقاتلين، وهكذا بدأت الحماية والمقاومة القوية، كما قامت المرأة بمعالجة الجرحى، أدركت أن الهجومات تستهدفها، فبدأت نضالها وفقاً لذلك، لأن النساء لا تواجهن هجمات الإبادة اليوم فقط بل ترتكب المجازر بحقهن منذ فجر التاريخ".

وأضافت "المرأة متمردة لا تقبل العبودية، وأدركت نساء تل تمر حقيقة الاعتداءات وتوحدن الآشوريات والكرديات والعربيات على هذه الأرض، وبهذا نستذكر الأفريقية إيفانا هوفمان التي استشهدت في تل تمر وكتب اسمها في تاريخ مقاومة تل تمر وثورة المرأة".

 

"ضامنونا هم أنصار أردوغان"

وصفت حمدية كوتي القوات الضامنة في تل تمر بحماة المصالح الذاتية "أمريكا وروسيا ليسا ضامنتين، إنهما مهتمتان بمصالحهما الخاصة وتدعمان أردوغان الذي لا يمكنه تنفيذ مثل هذه الخطة بمفرده، وحلب مثال على ذلك، كل شيء يحدث هنا بموافقة أمريكا وروسيا، كل هجوم يحدث بعد إعطائهما للضوء الأخضر، ونحن لا نرى القوات الضامنة داعمة لنا، لأن الهجمات الجوية والبرية كلها منسقة والمجال الجوي مفتوح دائماً للاحتلال التركي".

وأضافت "أمريكا ليست هنا من أجل الكرد، إنها هنا لتحييد إيران وروسيا، لذلك، إذا كنا أقوياء فلن يتمكن أحد من هزيمتنا لأننا وضعنا حد لقوى الهيمنة، لقد أصبحنا أقوياء بفضل ثورتنا وأثبتنا وجودنا بفضل العمل بفلسفة القائد أوجلان، وإن حلف شمال الأطلسي وتركيا وروسيا والولايات المتحدة مهتمون بمصلحتهم الذاتية، لذلك لدينا اليوم فرصة وعلينا أن نغتنمها".

 

ازدواجية القوى وخطة الميثاق الملي

تحدثت حمدية كوتي عن نفاق أردوغان ورفع العلم التركي على قلعة حلب، "على حساب الشعب الكردي وتهجير وتدمير أرضه، ينفذ الاحتلال التركي هجمات على تل تمر، بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، لو لم يكن لدى أردوغان حلفاء لم يرفع علم تركيا على قلعة حلب التاريخية، لذلك، لدي نداء ولكن ليس إلى القوى المهيمنة التي لا تعترف بالأخلاق ولا الإنسانية، بل إلى الشعوب والأمم اهتموا بالشعب المقاوم والمهاجرين، كما أدعو الشعب الكردي إلى توحيد الصفوف ودعم قواتهم الدفاعية".

وأوضحت "لقد مرت سنوات عديدة على ثورة الشعب والمرأة، ووصلت مئات التقارير والملفات المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان إلى أيدي الأمم المتحدة والمؤسسات القانونية في أوروبا، لكن حتى الآن لم يتم رفع أي قضايا ضد الدولة التركية ولم يُسأل أردوغان".

وأكدت "هنا تظهر ازدواجية القوات الضامنة، إذ يريد أردوغان تنفيذ الميثاق الملي بهذه الهجمات والوصول إلى الموصل وكركوك، ويفعل ذلك على حساب الكرد، وروسيا والولايات المتحدة هما من يحييان جثة تركيا الميتة، أردوغان يدلي بتصريحات ويقول ليس لدي علم بالحرب في حلب، لكن سؤالي هنا ما سبب وجود العلم التركي مرفوعاً على قلعة حلب؟"

 

"أمريكا تغض الطرف عن المرتزقة التي تم وضعها على قوائم الإرهاب"

في ختام حديثها قالت حمدية كوتي حديثها "من المفترض أن جبهة النصرة مدرجة على قائمة الإرهاب العالمي، لكن ماذا تفعل أمريكا هنا؟ لماذا تغض الطرف عن الجرائم ضد الشعب الكردي؟ يجب على الجميع أن يدعموا إرادة وقوة الشعب، وأن يهتموا بجهود وعمل سنوات، وحماية التاريخ والأرض التي قامت فيها الثورة".