ثورة روج آفا أكبر من وجود الدولة التركية ـ تحليل

تأخذ المرأة اليوم زمام المبادرة في مشروع العقد الاجتماعي الذي ينسج الحياة الحرة والمتساوية بروح "Jin jiyan azadî"، إن النضال النسائي الراديكالي في العصر الحاضر يؤدي إلى ولادة عقلية جديدة، إنه يمهد الطريق لولادة كيان اجتماعي جديد.

زهرة شنكالي

كان يوم الثالث والعشرين من كانون الأول/ديسمبر هو الذكرى السنوية الأولى لمجزرة باريس الثانية، اليوم الذي شنت فيه الدولة التركية هجوماً جديداً على شعب إقليم شمال وشرق سوريا. وتستمر هذه الهجمات الوحشية. ويأتي الهجوم ضمن إعلان الحرب من قبل الدولة التركية المحتلة المستمرة منذ سنوات. منذ اليوم الذي أعلن فيه شعب روج آفا استقلاله في 19 تموز/يوليو 2012، وحتى الآن، اتخذت الدولة التركية حرب تدمير هذا الوجود أساساً لها، وتستمر في سياسة الاحتلال.

الحرب ضد روج آفا مستمرة منذ 11 عاماً، الدولة التركية تهاجم بكل قوتها وعصاباتها وجيوشها وقوى الظلام للدول المهيمنة. في البداية، قاد مرتزقة داعش جميع القوات شبه العسكرية التي تدربت على عقلية وأسلوب وتصرفات الدولة التركية في الحرب على ثورة روج آفا. باسم الحرب الخاصة، فعلوا كل ما يمكن أن يتخيله المرء، وهذا الخط من النزعة التركية العنصرية يشكل تهديداً لجميع شعوب المنطقة، وقد وصل إلى مستوى مخيف. من الضروري تطوير نضال أكثر راديكالية وموحد للنساء والشعوب ضد الخطة التي يريدون تنفيذها في المنطقة. وهذا الواجب لا يقع على عاتق شعب إقليم شمال وشرق سوريا فقط. إذا لم يرى سكان المنطقة خطورة هذا التهديد، ولم يشعروا به بعمق، ولم يتخذوا موقفاً جذرياً ضده، فسيتم تنفيذ هذه الخطة رغم المقاومة الحالية. وعندما يدخل حيز التنفيذ، يصبح النضال أكثر صعوبة. لذلك، اليقظة والتجهز اليوم هو واجب يومي وتاريخي وضميري.

 

القوى المهيمنة تقف وراء الهجمات على روج آفا

بادئ ذي بدء، يجب أن لا نعتبر خطة الهجمات ضد ثورة المرأة والشعب كخطة للدولة التركية فقط. وهذا التصور سيوقعنا في فخ ولن نتمكن من رؤية الصورة الكبيرة لهذه الخطة. فبقوة وهجوم وكلمات الدولة التركية ضد ثورة روج آفا، لم تهتز ورقة واحدة. القوات الدولية تقف وراء كل مخطط ضد إقليم شمال وشرق سوريا. وهذا بقيادة الولايات المتحدة وروسيا. يتم تنفيذ هذه الهجمات لأغراض عديدة، لكن التركيز الرئيسي ينصب على تغيير التركيبة السكانية في المنطقة. وخاصة إذا تم تنفيذ هذه الخطة على أراضي سوريا وفي الخط الجغرافي لكردستان، فسوف يقومون بتوسيعها تدريجياً في المنطقة بشكل عام.

ما يفعلونه الآن في عفرين وسري كانيه وكري سبي وفي إقليم كردستان وروج آفا بأكمله هو إبادة ثقافية وإبادة للتاريخ الأصلي وتغيير ديمغرافي. وتاريخ الدولة التركية مليء بهذه الأفعال. إذا لم يتم إيقاف هذه الخطة، وإذا لم تتقدم المقاومة الاجتماعية الشاملة، فإن تاريخ الاستبداد والمتسلطين سيعيد نفسه مرة أخرى في هذه المنطقة. وإذا كان هذا المشروع يشكل خطورة على أهل المنطقة، فإنه يشكل خطورة على الكرد ثلاث أضعاف. وقد وصل أيضاً إلى مستوى إبادة النساء. وأهل المنطقة يعلمون جيداً أن هذه القوى تقف وراء هذه الهجمات. ودعم هذه القوى للدولة التركية يزيد من حدة عداء الدولة التركية والعنصرية وسياسة الإبادة الجماعية.

وبينما تظهر روج آفا نفسها ككيان حر، بلون وطابع النساء والكردية وتعدد المكونات، يزداد تعصب الدولة التركية. وقد وصل إلى مستوى رهيب وغير مقبول الآن. وعلى الجميع أن يرى عدوان الدولة التركية على إرادة الشعب ووجوده. بالطبع، ليس الجميع صامتين ضد هذه الهجمات، فمن يصمت هي دول الاحتلال. وبطبيعة الحال لا يتأمل الناس شيئاً من تلك الدول، ولن ينشأ هذا الأمل أبداً. لأن ثورة روج آفا أكبر من وجود هذه الدول وخاصة الدولة التركية. هذه حقيقة مثبتة. الدولة توجد عن طريق الإكراه، والشعب يوجد عن طريق قوته الاجتماعية. وهذان الأمران لم ولن يجتمعا معاً في أي وقت من التاريخ.

ومن أجل تبرير عدوانها واحتلالها، واستغلال صمت الرأي العام الدولي، اتبعت الدولة التركية العنصرية مرة أخرى من خلال هجماتها الوحشية. وفي نهاية العام يحاول إخفاء هزيمته أمام نضال الشعب الكردي ومقاومة مقاتلي الحرية في الجانب السياسي والعسكري. وفي الوضع الراهن، خسرت الدولة التركية في سياساتها الداخلية والإقليمية والعالمية عام 2023. تلقت الدولة التركية ضربة كبيرة من الشعب الكردي ووحدة الشعب نهاية العام بعقليتها السيئة، واللاأخلاقية والعدوانية. هذه الضربة القوية التي تلقتها الدولة التركية هي نتيجة لإصرارها على الاستمرار في سياسة الحرب.

 

تحاول الدولة التركية تبرير هجماتها على روج آفا

وفي الوقت الذي تتجه أنظار العالم كله نحو الحرب بين إسرائيل وحماس، قامت الدولة التركية بهذا الهجوم غير المبرر. إن التهديدات بمثل هذه الهجمات موجهة دائماً ضد روج آفا. حتى عندما تشن هجوم، تقدم حجج وتبريرات كاذبة للرأي العام، وتهدد روج آفا دائماً. ويتم ذلك لغرض الحرب الخاصة والنفسية. وبهذا تريد أن توجه الرسالة التالية إلى شعب إقليم شمال وشرق سوريا "عليكم أن تعلموا أن عصاي دائماً فوق رأسكم. يمكنني أن أضربكم وقتما أريد"، والدولة التركية القاتلة تعادي الشعب بناءً على هذا الطابع الفاشي المعروف جيداً لدى أهالي المنطقة. يمكن للمجتمع أن يقف قوياً ويصمد عندما يعرف عدو وجوده بشكل جيد. إن الوقوف في وجه العدو يتطلب القوة والإرادة والثقة الاجتماعية.

 

نضال المرأة يؤدي إلى ولادة عقلية جديدة

واليوم تأخذ المرأة زمام المبادرة في هذا المشروع الذي ينسج الحياة الحرة والمتساوية بروح "Jin jiyan azadî". وتقوم ثورة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا على هذه السمة. إن النضال النسائي الراديكالي في العصر الحاضر يؤدي إلى ولادة عقلية جديدة. إنه يمهد الطريق لولادة كيان اجتماعي جديد. لقد أصبح نموذج الأمة الديمقراطية الذي طوره القائد عبد الله أوجلان ملموساً أكثر فأكثر. إن طبيعة هذا النموذج عالمية، والدولة التركية تخشى ذلك بشدة. والآن أصبح العالم الذي وصل إلى وضع تجعل فيه أفكار القائد أوجلان هو العنصر الأساسي لحل جميع المشاكل وثورة شعبية قائمة على هذه الافكار تعتبر السلاح الأكثر فعالية ضد النظام، وتلك الثورة أكبر من كل الدول. ولهذا أقول مرة أخرى: ثورة روج آفا أكبر من الدولة التركية المستبدة والنظام الذكوري! لأنها ثورة المرأة والمجتمع.